السبت، 5 أكتوبر 2024

(10)»المشاهير ووهم الشهرة«(10)» بقلم علوي القاضي

«(10)»المشاهير ووهم الشهرة«(10)»
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... كثر الكلام في الٱونة الأخيرة عن مرض هوس الشهرة وإعتلاء الترند وبالذات من علماء النفس والإجتماع وأخضعوه للبحث والدراسة ، فهل من الممكن أن تتحول الشهرة بكل أحداثها وملابساتها إلى مرض ؟! ، الإجابة نعم ، فحينما يلهث شخص ما من أجل الشهرة ويستخدم كل ماهو مثير وخارج عن التقاليد المعروفة يتحول لمريض بالشهرة ، وهذا المرض يعرفه (علم النفسي) بأنه (إضطراب ثنائي القطب) وخليط من الهوس والإكتئاب ، وأكدت الأبحاث أن مرضى هوس الشهرة شخصيات هيستيرية سيكوباتية ، وقد ينتهي الأمر بإصابة المريض بمرض (الشيزوفرينيا) ، وعلم الإجتماع يفسر هذه الظاهرة على أنها مشكلة كثير من البشر الذين يحبون الظهور والشهرة والإحساس بالأهمية ، ويسعون إلى أن يشار إليهم بالبنان وهذا مرض نفسي إجتماعي نراه في كتير من الأشخاص في مجتمعاتنا ، والنماذج كثيرة وفي إزدياد ، الذي يصور نفسه في مكان مرموق ، مفتوح لأي مواطن وينشر صوره على مواقع التواصل الإجتماعي وكأنه صعد للقمر ، أو يدخل حزب سياسي أو دينى أو جمعية خيرية لمجرد الظهور والشهرة ، أو ، أو ، للأسف هؤلاء يعانون من الجهل والفراغ ، لكن المرض الإجتماعي والنفسي مسيطر عليهم ، فيصور لهم مرضهم أنهم بذلك سيصلون إلى الشهرة
... الٱن مرض (هوس الشهرة) يجتاح العالم وينتشر كالنار في الهشيم ، وأصبح وسيلة لكسب المال ، وكثر الحديث عنه ك (مرض نفسي إجتماعي) يصعب الشفاء منه ويكأنه الوسيلة الوحيدة لسطوع نجم الإنسان في هذه الحياة ، وكأنه الطريقة الوحيدة التي من خلالها يشار إلى الإنسان بالبنان ويحظى بالإهتمام ويشكل حجر الزاوية بالنسبة للٱخرين ، (الشهرة) باتت الشغل الشاغل لهؤلاء ، والهم الأول والأخير لأغلبية النساء والشباب (إن لم يكن جميعهم) ، لاسيما مع وجود وانتشار مواقع التواصل الإجتماعي ، التي سهلت كثيراً من وصول فئات مختلفة من المجتمع بدءًا من صغار السن وإلى مرحلة الكهولة
... وتؤكد الأبحاث الإجتماعية لهذه الظاهرة ، أن المجتمع لايمانع من وجود بل ومن المطلوب وبإلحاح وجود شخص (مشهور) يقدم النصح والإرشاد والفعاليات العلمية والإنسانية وماإلى ذلك من فعاليات للمجتمع ، من شأنها خدمة الناس وبناء المجتمع ، وفي المقابل يعارض المجتمع بل ويسخر من وجود أولئك الذين يتفننون ويتسابقون في تقديم المحتوى الفارغ الغير هادف ، والذي يخالف بمحتواه القيم والأخلاقيات والمبادئ والذوق الإجتماعي
... وأكدت (الدراسات الإجتماعية) أن الأسباب المؤدية لهذا المرض الإجتماعي التي تدفع نحو (هوس الشهرة) ، أبرزها (تراجع الحالة الاقتصادية التي يعيشها العالم ، فمن خلال مواقع التواصل يمكن كسب الأموال من حيث عدد المشاهدات ، أو عبر عمل إعلانات لمنتجات ما ، أو عمل براندات) ، وأيضاً هناك أسباب أكدتها (الدراسات النفسية) مثل حب الظهور ، والإختلاف ، والتميز ، وتعزيز الأنا ، وتعويض الإحساس بالنقص والتهميش وإلى آخره من المسببات النفسية 
... وقد قدم علماء (الإجتماع والنفس) مقترحات لمعالجة هذه الظاهرة ، منها تغيير الروتين اليومي كأمر ضروري ومهم ، وإستبدال الحياة الإفتراضية بحياة أكثر واقعية أمر أهم ، إذ يجب الإنفصال عن الإنترنت يوميا لساعات ، لغرض قضاء وقت ممتع مع الأسرة ، أو المشي والتريض ، أو ممارسة الرياضة ، أو تعلم مهارة جديدة ، أو ممارسة عمل إجتماعي
... ويؤكد العلماء أن مرض (هوس الشهرة) وحب الظهور يعتبر أهم أمراض العصر ، بعد إنتشار وتنوع مواقع التواصل الإجتماعي ، ويؤكدون أيضا أن من حق أي إنسان أن يظهر إبداعاته بين الناس لعلها تجد من ينتفع بها ، ولعله يكون مأجورا عليها في الدنيا والٱخرة ، إذا أخلص النية لله واتبع المنهج الأخلاقي السليم ، وبلا مبالغة فخير الأمور أوساطها ، لكن عندما يصبح حب الظهور والشهرة هو كل شئ بالنسبة للشخص ، والغاية الأسمى للناس على مختلف مقاماتهم وإتجاهاتهم ومواقعهم ، فإن ذلك يؤدي إلى إضطراب خطير في النفس والمبادئ والموازين والأخلاق والآداب والقيم المجتمعية والدينية والإنسانية ، ويكون الجميع خاسر بالنهاية ، فهناك من يخسر دينه ، وهناك من يخسر نفسه ، وهناك من يخسر مجتمعه ، وهناك من يخسر إنسانيته ، وهناك من يخسر كرامته ، وفي الأخير لايوجد رابح في معركة الصراع للظهور والشهرة فالكل خاسر ، وهذا مانراه اليوم في مجتمعاتنا ، هذه حقيقة ولكن كثيرا من الناس لايعلمون
... (أراد أن يُذكَر بين الناس ولو باللعنات فتبول في بئر زمزم ) ، هذه (المقولة) تقال على الذين يعانون من مرض الشهرة وأهم شئ لديهم أن يكونوا محط أنظار المجتمع والناس تتكلم عنهم ، سواء ب (الخير أو بالشر) مش مهم عندهم ، أحدهم كتب مقالا يقارن فيه بين الزوجة الملتزمة وغير الملتزمة وذكر من محاسن (الغير ملتزمة) أنها فرفوشة ومقبلة على الحياة ومتعاونة ومختلطة وفعالة ومؤثرة بالمجتمع ، فواضح أنه (سئ الذكر) من الناس مرضى الشهرة حتى لو تبول في ماء زمزم ، أثار الجدل بكلامه وحصل على الشهرة لأنه أراد أن ينصح الناس بتجنب الزواج من إمرأة صاحبة فضيلة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، فهوس التريند مرض يحاوط أصحاب العقول والنفوس المريضة والباحثين عن الشهرة الزائفة وجني المشاهدات ، العريس الذي خطط مع أصحابه إنهم يخطفوه ويمثل علي أهله إنه خطف من أجل المشاهدات ، المرض دا اسمه (ضعف تقدير الذات وإنعدام القيمة) والإحساس بالنقص ، فيحاول إقناع نفسه بشهرة زائفة أو نجاح وهمي 
... ولم يكتفي الكبار بمرضهم لأنفسهم بل نقلوه لأطفالهم ، طفلة صغيرة ترافق والدها إلى الإستاد ، صور الأب فيديو للطفلة ، أحبه الناس وأحبت براءة الطفلة ، استغل الأب إعجاب المشاهدين وحرص على حضور كل ماتش ويجبر البنت لمدة ساعة ونص تغني إجبارا ، وهو يصورها ، والبنت تبقي مرهقة وتقاوم إجبارا ، وكل ماتش علي هذا النظام ، وعمل لها بيدجات وتيك توك ، وأصبحت مصدر دخله
... والأم صاحبة الروتين اليومي التي لم تراعي طفلها الصغير ومستقبله وسمعته بين الناس حينما يكبر ، هذا الطفل الصغير أمه قررت أن تترك له وصمة عار يعيش ويكبر بها مكسور النفس بين أقرانه ومجتمعه وإبنها يصاب بعقد نفسية كلما كبر ويفهم لمجرد إنها تطلع تريند 
... الخلاصة إن مجتمعاتنا الشرقية محتاجة دكاترة في علم النفس والإجتماع يعالجوا المجتمعات الشرقية من مرض هوس النجومية والشهرة والظهور والرغبة في الكسب السريع وبأي ثمن
... مرض هوس الشهرة نعم مرض العصر ، لأن المرء لم يعد يهتم بالأسباب ولم يسأل نفسه ويواجهها ولو مرة واحدة وبصدق ( لماذا هو مشهوراً ؟! ، وماسبب شهرته ؟! ، حتى وإن كانت غير لائقة ، كمتحرش مثلا ، أو مهرج ، أو في حالات أخرى ، فأصحاب مرض (هوس الشهرة) يريدون فقط أن يقولوا (أنا هنا ، أنا موجود في هذا العالم ، ولم أمر مرور الكرام ، وجودي له أهمية) ، ولكنهم لم يفهموا معنى (الأهمية) 
... ياأخي ليس مهما أن تكون مشهورا ، المهم سنوات عمرك ، طاقتك ، قدراتك بم أفدت فيها نفسك وأين ذهبت ؟! لأنك ستسأل عن ذلك يوم القيامة ، عن عمرك وشبابك وصحتك ومالك فيما قضيتهم وأفنيتهم وضيعتهم ، بماذا ستجيب ؟!
... حينما إكتشف الإنسان ذاته ، وأدرك الحياة والموت والفناء ، أصابه هوس أن يكون لحياته معنى ، وكأني أراهم جميعهم يصرخون (أنا ، أنا ، أنا ، أنا) ، أصوات مزعجة فقط لإثبات أنهم موجودون ، وأرى أنه ربما يكون الشخص الذي كون عائلة ، وعاش لحظات سعيدة مع أسرته وأطفاله ، موجودا أكثر منهم في هذا العالم بلا صراخ أو صراع
... وإلى لقاء في الجزء الحادي عشر إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لمن تنادي بقلم عادل العبيدي

لمن تنادي —————————- شظايا زجاج تناثرت  على أوراقي أوحى إلي درر تضيء كلماتي  أم شفرات حقد مزقت أشعاري لم أر غير ألوان الغبار ولم أسمع غير صو...