حوار في عيادة باطنية
÷شعر: عبد خلف حمادة
#########رأيتها حملتْ يا ثقلُ ما حملتْ
والجسمُ مرتعشٌ بالبردِ والألمِ
أمٌّ صغيرةُ لا تقوى عزائمها
فالفقرُ أوجعها بنابهِ القَضِمِ
الريحُ تسفعُ وجهاً بارداً عَرِقاً
من النوافذ ذاتِ الأَخشُبِ الهُرُمِ
لدى طبيبٍ بطيءِ السيرِ في الزُّبُنِ
وكنتُ سابقها في المكتبِ العَتِمِ
في الحضنِ تهصرُ ابناً ليسَ تسعفهُ
أطرافهُ الهُزلُ أن يمشي على قَدَمِ
لهُ من العمرِ ستٌّ فوقها شَفَعٌ
أودى اختلاجٌ بهِ فَشَلَّ أذرعهُ
ثوبُ البراءةِ جلدٌ بارزُ العظمِ
فليس ضابطُ يضبطها عن العدمِ
تأرجحَ الرأسُ لا يقوى له عُنُقٌ
وأخرسَ النطقَ إلا همسةً أمي
تلوبُ في الناس خاوي الوزنِ تحملهُ
إذ وزنهُ العَشرُ والميزانُ في سأمِ
وكنتُ أَخْبَرَ مَنْ حولي بحالتها
فقد بليتُ بهذا الخطبِ والسقمِ
لِمَ أتيتَ حكيماً باطناً عجبي
وقد تركتِ طبيب الطفلِ للعممِ
و مَنْ تفرَّدَ بالأعصابِ أحسبهُ
أدنى لحالتهِ لغيرهِ احتكمِ
قالت:رويدكَ لا تسعى بلائمتي
لقد مررتُ جميعَ القومِ متهمي
لو قيلَ لي الجمرُ تحت النار ينفعهُ
ألقيتُ نفسي إلى التنور فاستقمِ
فليس يقوى على أكلٍ لأُطعمهُ
وليس يشربُ كالغلمانِ مِن شَبِمِ
سارتْ إلى البابِ قبلَ الدورِ ثائرةً
يا معشر الناس عطفاً يا أُولي الذممِ
لقد تناهتْ إلى الأسماعِ شكوتها
و حشرجَ الدمعُ صوتاً غيرَ مُنكتمِ
و وارب الباب وانسلت وفي يدها
خلاصة الكشفِ في طرسٍ معَ الختمِ
تكاد تركضُ لم تأبه لكتلتها
خفيفةً عبرتْ للصيدلي تهمي
تمنِّي النفسَ أنْ منجاتهُ وَجَدَتْ
وكانت الوصفةُ الألفان في الرَّقَمِ
فلتحمدْ اللهَ يا قاري قصيدتنا
سلامةِ الجسمِ والأطفالِ والرَّحِمِ
لا تأسفنَ على دنيا مُحَقَّرَةٍ
فنعمةُ السترِّ حازت سُدَّةَ النِّعَمِ
########
مع تحيات الشاعر عبد خلف حمادة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق