دأب الشيخ الجليل كل مساء على الجلوس قرب شاطئ البحر ينتظر قدوم فلذة كبده.. ابنه الذي ورث مهنة الصيد عنه.. كان هذا الأخير خرج إلى البحر رفقة شخصين هم من رفاقه الصيادين.. الذين اعتاد العمل معهم.. مرت عدة أيام ولم يعودوا إلى اليابسة.. الشيخ لم يفقد الأمل في عودتهم سالمين.. بحكم تجربته الطويلة في البحر.. كان يعرف أن هناك عدة أسباب قد تأخر عودتهم.. ولم يخطر بباله أبدا أن يكونوا - لا قدر الله - قد غرقوا أو أصابهم مكروه.. وعزى ذلك لهدوء البحر وسكينته، وأيضا الفترة التي يصيدون فيها.. فهي فترة مثالية..بحيث لا زالت السماء صافية، وبودار العواصف لم تأتي بعد.. أيضا المركب جيد. وكل هذه الأشياء كانت تجعل الشيخ متشبثا بأمل انبثاقهم من البحر سالمين غانمين.. ولو بعد مرور عدة أيام من اختفاءهم.. في احدى ليالي جلوس الشيخ وتأمله كعادته البحر، ومراقبته له، مر به أحد الشبان الصيادين.. فخاطبه: لماذا يا عم تجلس كل يوم قبالة البحر؟ ولما أخبره الشيخ حكاية ابنه، أزف له الشاب خبر ذهاب ابنه ومرافقيه عبر قاربهم إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط. وهم الآن سالمين ويعيشان في احدى المناطق الفلاحية باسبانيا ويعملان. تنهد الشيخ وسجد سجدة شكر لله وانصرف إلى بيته وهو يتمتم بأذكار وأدعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق