الأمر الغريب أن محفوظ الشقي لم تأتي من ورائه أي شكوى لأمه من الجيران أو المدرسة ، فشقاوته كانت غير مؤذية لأحد ، فقط كان سببا مباشرا في تعرض صديقه وابن خالته وشريكه في الشقاوة للعقاب الدائم من والده بسبب ملازمته لمحفوظ الشقي ، وكان لافتا أن هذا الصديق الشريك يزداد تمسكا بالبقاء بجوار محفوظ رغم كل مايتعرض له من انتقادات وعقاب
ومن وراء شقاوته وهو مايزال بسن العاشرة أكثر حادثة عاشها محفوظ الشقي ، فقد خرج كعادته صباح يوم بالإجازة ومعه كورته الصغيرة التي لاتفارقه ، و استقل الأتوبيس من الموقف المجاور لبيتهم الجديد بمنطقة المانجو حتى محطة وسط المعادي ثم يذهب للمحطة المقابلة بنفس المكان فيرجع للموقف حيث بيتهم ، لكنه فوجيء بمجموعة من المخبرين يمسكون به مع مجموعة أخرى من الأطفال ، حاول محفوظ أن يلمح أحدا من أقاربه الكثيرين بهذه المنطقة فيخلصونه ولكن بلا جدوى ، ووجد نفسه محبوسا بقسم الشرطة مع الأطفال ، والغريب كان بنفس المحبس بعض الرجال المقبوض عليهم ، وظل محفوف بقسم الشرطة لوقت متأخر من الليل ، كلما أعطاهم عنوان أحد من أهله يذهب المخبرون فلا يجدون أحدا بالعنوان لسوء حظه ، كل الأطفال غادروا المحبس إلا هو ظل هكذا محبوسا
عند منتصف الليل أخذه أحد المخبرين ليذهب به لبيت أسرته بمنطقة المانجو ، هناك لم يجد بالبيت إلا شقيقته الأكبر منه وشقيقته الأصغر يطلان من النافذة لعلهم يلمحونه :
_ فين أبوكم يابنات ؟
_ بابا وماما والكل راحوا يبحثو عن محفوظ ، هو أنت مين وليه محفوظ أخونا معاك كده ؟!
_ أخوكم كان عندنا طول اليوم في القسم
وانتهى الحوار بتوجه المًخبر معه محفوظ لبيت صديق أبيه بوسط المعادي ، وبالفعل هناك كان الأب يرتاح قليلا بعدما نال منه الإرهاق من البحث ، وأخيرا وجد المخبر من يستلم محفوظ الشقي ويتعهد له كتابيا بالحفاظ عليه
كانت هذه أسوأ الليالي التي عاشها محفوظ بعد ماتلقى العقاب المناسب من أبيه وأخته الكبرى ، وليلتها تم ربطه في عامود السرير وحرمانه من الأكل والشرب
ماكان يطمئن محفوظ أنه يعرف كيف ستأتي أمه عزيزة بعدما يغفو الجميع وتقدم له كل مايحتاجه من طعام وشراب ، ولكن الذي لم يكن يدركه محفوظ بعقله الصغير وقتها ، أن أمه ماكانت لتفعل ذلك إلا برضا أبيه
.. وغدا نعود مع ( ابن عزيزة وزغلول ..
.. محفوظ بهلول البربري 7 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق