★ (دروس من سورة البقرة) ★
★ د/علوي القاضي ★
... من خلال تلاوتي لسورة (البقرة) وتدبري لمعانيها ، خرجت بمعاني ودروس أعتبرتها منهجا للبشرية
... فالقصة الأشهر التي وردت فيها ، قصة (بقرة بني إسرائيل) ، والتي سميت السورة بإسمها ، وإكتشفت أن هناك تناغم وتكامل في المعني وعلاقة وطيدة بين مواضيع السورة بعضها البعض ، رغم إختلافها الظاهري
... سورة (البقرة) من أطول السور القرآنية ، فهي تحتوي على (286) آية ، ظاهريا تعتقد أن ٱياتها غير مترابطة ، لأن الموضوع يتغير بسرعة ، وكثرة وتنوع أحكامها ، رغم أن كل كلمة فى القرآن لها حكمة وترابط مع غيرها ، وحاشا لله أن يكون كلامه بلا فائدة
... وقصة (بقرة بني إسرائيل) تتلخص في أن أحدهم قتل ٱخر والقاتل لم يكن معروفا ، فذهبوا لسيدنا موسى وسألوه عن القاتل ، فأمر الله سبحانه سيدنا موسى بذبح بقرة صفراء فاقع لونها لاذلول ، فاعتقدوا أنه يهزأ بهم وقالوا ، (أتتخذنا هزوا) ! ، وظلوا يماطلوه كعادتهم ، وبعد مناقشات مضنية ذبحوا البقرة ، ثم أمرهم الله أن يضربوا الشخص المقتول ببعضها ، فأحيا الله سبحانه القتيل ، ونطق وأخبر عن القاتل ، (فقلنا إضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم ٱياته)
... ثم جاءت الٱيات بعد ذلك لتتناول موضوعات وأحكام شتى في جزءين :
... (الجزء الأول) عبارة عن (3) قصص ل (3) خلفاء في الأرض :
★ (الخليفة الأول) هو آدم عليه السلام (إنى جاعل فى الأرض خليفة) ، في الجنة نهى الله سبحانه ٱدم عن الشجرة فلما عصاه وأكل منها (وعصى آدم ربه فغوى) ، ثم علمه كلمات فتاب عليها ، ثم جعله خليفة له في الأرض
★ (الخليفة التانى) بنى اسرائيل (ولقد إخترناهم على علم على العالمين) ، الله سبحانه كلفهم بتكاليف ، ولكنهم لم يتركوا معصية فى حق الله إلا وفعلوها
★ (الخليفة الثالث) سيدنا إبراهيم عليه السلام (إنى جاعلك للناس إماما) فأطاع الله تمام الطاعة
... (الجزء التانى) من سورة البقره كله أحكام متنوعة :
★ أحكام في الصيام ، والقصاص ، والأسرة ، وتحريم الربا ، وأحكام في الدين ، والإنفاق
★ وقد لاحظت أن الله سبحانه وتعالى حينما سرد القصص ، ثم الأحكام يريد أن يقول لنا ، هل سنسمعها وننفذها ، أم سنسمع ولاننفذ ، أم لانسمع ولاننفذ ، بمعنى مع من سنكون من الثلاثة (ٱدم أم بني إسرائيل أم إبراهيم) ، أي مثل آدم (نطيع ونعصي) ، أم مثل بنى اسرائيل (قالوا سمعنا وعصينا) ، أم مثل إبراهيم نطيع الله على الفور
... ولذلك كان (الجزء الأول) يشمل قصة الخلفاء الثلاثة مع إختلاف إستجاباتهم ، ثم (الجزء الثانى) بالأحكام والتشريعات ليختبرنا
... وفي ختام السورة قوله تعالي (لله مافى السموات ومافى الأرض وإن تبدوا مافى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)
★ فلما سمع الصحابة هذه الٱيات ذهبوا للنبى صل الله عليه وسلم وبكوا وقالوا : يارسول الله أمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصبرنا وإمتثلنا لأننا كلفنا بما نطيق ، ولكن هذا تكليف بما لانطيق
★ فقال النبى صل الله عليه وسلم لاتكونوا كـ (بنى إسرائيل) مع موسى قالوا (سمعنا وعصينا) ولكن قولوا (سمعنا وأطعنا)
★ فلما الصحابة قالوها وأكثروا منها مدحهم الله بقوله تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) ، (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)
★ ونزل التخفيف من الله عنهم بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت)
★ وكان الختام بدعاء الصحابة لله بقولهم (ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ، أي لاتعاملنا ياربنا مثل (آدم) لو تصرفنا مثله ونسينا التكليف أو أخطأنا وتطردنا من جنتك ، (ربنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) ، أي لا تعاملنا ياربنا مثل (بنى إسرائيل) ، و (الإصر) هو الشىء الثقيل على النفس لأن رب العزة قال لهم ، (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم)
... وفي ختام الدعاء (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)
... وكل عام وحضراتكم بخير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق