بعد سنّ الأربعين:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بانَ شَيبي و دَنا مِنّي المَنى ... طامِعًا في أخذِ روحي بالفَنى
كلّ يَومٍ في بَياضٍ زائدٍ ... كانبلاجِ الصُبحِ مِن ليلِ الهَنا
كلّ يَومٍ في اشتِدادٍ واضِحٍ ... كانتِشارِ النارِ في زِفْتٍ دَنا
ضاءَ شَعري مِثلَ لَيلٍ قد ضَوَتْـ ... هُ نجومٌ مِثلَ قِنديلٍ سَنا
وأنا أجري وراء امرأَةٍ ... وَجهُها زانَهُ مَسحوقُ السَنا
وأنا لاهي بِوَردٍ قد أَحا ... طَهُ وَخْزُ الشَوكِ مِن كلِّ العَنا
وَفؤادي غارِقٌ يَبغي الهوى ... يَتَرامى بين أمواجِ الدُنى
ربَّما شَيبي نَذيرٌ شَدَّني ... مِن ضَياعٍ في حِمى دُنيا الأَنا
مِن غُرورٍ بفَراغي وحَيا ... تي، شَبابي، صِحَّتي.. مالٌ قَنا
وتَناسيتُ انشغالي ومَما ... تي وضَعفي، عِلَّتي.. فَقرٌ خَنى
هيَ خَمسٌ قبلَ خَمسٍ مَغنَمًا ... لِلَبيبٍ جَدَّ فيها ما وَنى
بصَلاةٍ وزكاةٍ وصِيا ... مٍ وحجٍّ شاهِدًا خَيرًا جَنى
بكلامٍ طابَ مِسكًا بوَفا ... ءٍ لعَهدٍ بخِصالٍ اِعتَنى
بحُقوقٍ ردَّها حينًا للوَرى ... مُستعِدًّا لرَحيلٍ قد بَنى
ونَفادُ الرزقِ مِن دُنياه يُنْـ ... هي حَياةً خَتمُها وقتٌ أَنى
فبماذا سألاقي خالقي ... هل ألاقيهِ بِلَهوي بِالغِنا ؟
أم ألاقيهِ بِشغلي عن صلا ... تي و مَنعي لِزكاتي عن غِنى ؟
أم ألاقيهِ بِصَومٍ ناقِصٍ ... بكلامٍ خادِشٍ فيه الخَنى ؟
وبماذا سأجيبُ المَلكَيـ ... نِ برِمسي بعد أن يأتي المَنى ؟
بعد دَفني غادَرَ الجَمعُ الوَرى ... غادَرَ الأهلُ ومالي مِن هُنا
غادَرَ الكلُّ ولم يبقَ مَعي ... غير قَولي غير فِعلي وأنا
غير شِبرٍ منه كفْني غير ما ... لٍ تَصدَّقتُ به فيه المُنى
سأجيبُ : اللهُ ربِّي ومحمْـ ... مَدُ بالإسلامِ دِينًا جاءَنا
ورسولٌ ونَبيٌّ جاء فيـ ... نا بَشيرًا ونذَيرًا مُعْلِنا
مُعلِنًا دينًا جديدًا فيه خَيْـ ... رٌ بأطهارِ الصفا اِزَّيَّنا
صادقُ الوَعدِ عَظيمٌ بِالخِصا ... لِ أمينٌ منه طه اِكتَنى
فالذي آمَنَ قد حازَ الرضا ... والذي خالَفَ يأتيهِ الضَنا
أو يكونُ القَولُ: لا أدري فلا ... أدْرِ ..لا أدري.. ألاقي الأحزَنا
ضَمَّني قَبري بضيقٍ ضَمَّةً ... لضُلوعي لاختِلافٍ بالبِنا
ضَغطَةٌ كانت لوَقتٍ عابِرٍ ... أو ليَومِ البَعثِ دامَت بالضَنى
لا طعامٌ إن خَوى في قَبرِهِ ... لا ماءٌ مِن عُطاشٍ ما طَنى
وَحشَةُ القَبرِ عُضالٌ دامَ بالـ ... سُوءِ في الأعمالِ دَومًا أخْشَنا
بعد ذاك الضِّيقِ ساءت حُفرَةٌ ... خالِدًا فيها ودامت مَحْزَنا
فطعامٌ مِن ضَريعٍ خالِصٍ ... وشَرابٌ مِن حَميمٍ بِالعَنا
أُنسَةُ القَبرِ نَعيمٌ راقَ بالـ ... حُسنِ في الأعمالِ رَوقًا أحْسَنا
بعد ذاك الوُسعِ راقت جَنَّةٌ ... خالِدًا فيها تُقِرُّ الأعْيُنا
فطعامُ الطيرِ مِمَّا يَشتَهي ... وشَرابٌ مِن طَهورٍ بالهَنا
أحمدُ اللهَ على الإسلامِ ديـ ... نًا هَداني له شُكري والثَنا
وأصَلِّي في حَياتي قبل مَو ... تي على طه صلاةً دَيدَنا
وسَلامي واصِلٌ دَومًا له ... فَهُما كَنزٌ ونِعمَ المُقْتَنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد جعيجع من الجزائر – 15 جانفي 2022