الجمعة، 4 يونيو 2021

بيان أزلي الحنين بقلم غسان حمدي

 بيان أزلي الحنين :

في وحدتي ...

اتكمص دورا للفراغ 

وأسال ولا أجيب ...

وتنقصني الأجابة 

بين أربعة جدران ...

أسال التاريخ 

ويسألني الحاضر ...

نافذتي المطلة على الزحام 

أحواض الزهور 

وصينية القش 

وفناجين البن الفارغة 

بين أربع جدران أسال الصمت 

وماض المكان ...

وفتاة عبثت بجوارحي 

وانصرفت مع الوقت 

تلاشت وتبخرت خطاها في صمت 

هاجس الموت يخنق شرياني 

هاجس الوقت يحبس أنفاسي 

كم تبقى من الوقت ...

ليدون قلمي ما تبقى من عمري 

كم تبقى من الوقت ...

لاستغفر ربي على خطاياي ووزري 

وكم سيتبقى لأحب سيدة ما عادت 

تعشق ليال القمر الذائب في نار السماء 

تبرد الشهوات ويذوب الأمل ...

تنقطع الكلمات ...ويدنو الأجل 

لا شيء يعبر عنا ويعبر بنا عن هذه اللحظات 

وإذا كانت العيون بيروتية ...

فلماذا كان القلب غارق في حب الشام 

واذا كانت الرموش فرعونية ...

فبأي عام سنقيم جسور للسلام والكلام 

أسال وتنقصني الأجابة ...

حار الوهم في لغز القوافي 

عراق تغرق في نهرها السماوي  

وتمد الصحاري خطى لظلها الدامي 

بين أربعة جدران ...

أحاول أن أرسم خريطة للظلال 

مدن حالمة وشاعرة ...

تضيء بعيون ألمها الآجال 

تعلو مسلات الحنين ...

يعتذر يعرب عن أسمائنا 

تستغفر حطين بدم آبائنا وأسلافنا 

تستيقظ عكا بأنفاس البحر ...

وتذكر أسوارها كم كان طول حصارها 

وكم مر في دهرها وبحرها عشاقها وأعدائها 

أسال ...

وتنقصني الذاكرة 

تعبت من عذاب منفاها 

وانتفضت من غبار موتاها 

بلادنا أكبر من الأشواك والأسلاك 

حكايتنا بدأت منذ قديم الزمان 

بدأت عندما بدأ النهر جريانه ...

ووقت الحلم أماله في بعث أوطانه 

لا تعتذر أيها العربي ...

على شغفك بالعروبة 

وملاحم الآباء والأجداد والبطولة 

ولدنا شجعان ...

ووحدنا الخزلان 

اللون ظلنا والنور فرقان 

أحلم بوطن لا تحده الألوان 

يعض فينا عل عرجون المكان 

ويتشبث بالبيان ...

أسوارنا عالية والقبلة خالية 

لا جسور تأخذنا لنوافذ الأندلس 

يطوقنا البحر ...

يغرق الحر 

حمراء عمارتنا وقصورنا ذهب ...

غدر العرب أم في زبدهم ذهبوا 

وعزف الناجيين بأرواحهم طرب 

طرد العرب وفي مجدهم ذبحوا 

وصلت غرناطة بدمع من سقطوا 

بين أربعة جدران ...

أقارع الريح...

 أحنط تاريخنا بمقبرة القصيدة الشامخة 

أمسح الغبار عن وجه الشيطان سايكس وبيكو 

تداعت الأمم واجتمعوا ليقتسموا زادنا وكلماتنا 

اجتمعوا ليقبضوا أرواحنا من مهد مماتنا 

نحن نذبح والعدو يفرح ...

والدهر قاهر تارة يمدح وتارة يقدح 

وما زلت أسال الصوت القادم ...

من جزيرة سيناء ....هل هناك ميناء 

وأسال مقاعد الأصدقاء من العدو يا أشقاء 

ومن الصديق يا أعداء ...

آمنت بكل شيء وكفرت بالخزلان 

صدقني الكاذبين وانصفني البيان 

ولدت في مصر وفطمت في عمان 

ولدت قرب النهر وأبي إنسان 

ولدت عراقي وجدي كنعان 

ولدت عربي وشببت في النسيان 

كبرت سوري وبيروت الوجدان 

ومت في الجزيرة على جذع نخلتان 

ولدت مصري بقلبي نبيان ...

لمصر اكتب بأي حب أحبك 

مصر ...وأحبك لأني يجب أن أحبك 

وأحب فيكي كل صور الإنسان 

وأحب فيكي كل صور الأوطان 

الجزائر والمغرب وتونس وعجمان 

أحبك فيكي كل ما فيكي ...

صوتي وصمتك المبعثر 

سيف صلاح الدين ...

خيالة المجاهدين 

وسيوف لا تغمد ولا تكسر  

ورجال بالحق والحرية تزأر 

وقلاعك وحصونك التي لا تقهر 

قلاع المماليك ...تمثال رمسيس 

الأهرامات والأوقات ...

وحضارات الكلمات 

طرقات تصطف في نداء القناديل 

وجوه ضاحكة لا يودعها رحيل

نداء للحياة في وجه الحي والقتيل  

نهر الحرية يجري والضفاف الأبجدية 

أحبك يا مصر جمهورية وروحية 

وأحبك يا بلاد السماوية 

يا من سددتي منافذ التتار 

وانتصرتي بجموع الثوار 

وهزمتي الفرنجة وكسرتي الحصار 

شقت بحرها ونهرها وقناتها ....

بدمع الأخيار والأحرار 

سمراء الشموس ...

حقلها ذكرى للمعاول والفؤوس 

مسلات خالدة البنيان ...

صمتها وصوتها بليغ البيان 

وأحبك بعمر الزمان وكم عاش الزمان 

رغيفك وشتائك وخريفك وصفرائك 

أشعارك المورقه في صدور الشعراء 

أفراحك وانتصاراتك وسمرة الضياء 

وأحاتك وحاراتك خضرائك والصحراء 

لا تعتذر يا يعرب ...

ففينا الحنين وفيهم العروبة 

اخوتنا عرب بالروح دقوا طبوله

اخوتنا عرب والله يضيء عتمتنا بنوره 

سترفع الأسلاك ...

وستذبل الأشواك 

وستتسع الأوطان ...

وساعود من مهدي إلى لحدي على ساعدان 

وسيحملني الزمان إلى وطني حرا بنعشان 

عروبتنا وقبلتنا وجنازتي في هذا البيان 

انا عربي من صلب أدم ...

 وأدم انتصر على الشيطان 

والسلام على كل من قرأ بياني 

والسلام على كل من ...

 دعا الله أن يجمع فينا شمل الأوطان 

بقلمي ...

أ.غسان حمدي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

علمتنا غزة بقلم كريم كرية

  علمتنا  غزة كيف يكون الصبر على المصائب علمتنا  غزة ٱن الٱخ اليوم لم يعد سندا بل نحن في زمن العجائب علمتنا  غزة معنى الرجولة و لو كلفت ٱغلى...