حلمٌ ليس بيسير . احتدَّ الموقفُ أكثر بمثول جولييت التي سكبت البنزين على النار ، أتعجبُ كيف يتجشمون نزع هدوء هذا الصباح لم يعد شيءٌ يسعدني الدهشة ، إنَّهُ واقعٌ عليٍَّ تقبلهُ شئتُ أم أبيت ، وإنهالت الأوامرُ كالرعودتقصفُ بي ، أخرجي الماء من الغسالة . . إنكِ لا تستحقين !!
رحتُ أهرولُ بين يديه !! هونتُ الموقف بطول البال وعدم تهويل مشاكل أنا في غنىً عنها ، ضاهيتُ البرق ذهاباً و إياباً ، شعرتُ بعذابٍ نفسيٍ أليم جراء الإهانات المصوبة لشخصي ولأمي المرحومة ، لم أنبس هدرتُ النهار برمته سدىً وجوراً في أعمالٍ مضنيةٍ كما هي حالُ كل الأيام . . على الرغم من أني أبذل جهداً لنيل رضاهم إلا أنَّ محاولاتي تبوءُ بالفشل ، انتابني شعورٌ بغربةٍ قاسيةٍ فالوقتُ عندي قضيةٌ كبرى فكل ثانيةٍ ينبغي أن تكون خارقةً وألا تحرق هدراً . . لكن ما الجدوى ؟ كتب عليَّ أن تحتسيني الآلامُ بلا نهايةٍ . . إيماءاتٌ غامضة ترميني في متاهاتٍ من الغربة تدججني بسحبٍ مثقلة الجراح ، يمتلئُ صدري بدخان بكاءٍ صارخٍ . . روحي تلكَ الروحُ المخنوقةُ المرتميةُ في غربةٍ أبديةٍ عن هذا العالم
الصفحة - 33 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
المريع والمغمور بالدخان والتلوث الروحيِّ . . تلك الشرور التي تمصُ دمي كماردٍ جبارٍ لا يودُ مفارقتي والآن ماذا بقي سوى العذاب . . بعد أن طُردتُ من مملكة بحر الأم لأرمى بين أكف الأغبرة ورمال الصحاري الملتهبة بسخونةٍ جهنميةٍ كسمكةٍ تختنقُ بالألم والمعاناة الروحية التي شُحذت سكينها على دماءٍ قاتلةٍ جراء جور البشر للبشر . . يتمثلُ مشهدُ أمي الذي يعيشُ أمام ناظري دائماً وهي على فراش المرض تصارعُ الموت بأنفاسها الخابية
كانت توصيني دائماً بأخواتي قائلةً :
ليت روحي تزوركم بعد الموت لتطمئن عليكم فأنت أيضاً صغيرة ولكن ماذا أفعل ؟ هكذا أرادت مشيئة الله أن تتجشمي المسؤولية في هذه السن المبكرة . اغرورقت مقلتاي بدموعٍ ساخنة لذكر سيرة أمي وما مرت به من آلام مرة في رحلتها الأخيرة قبل الموت ، حيث تفتت عظامها من المرض الخبيث . . تنفستُ بعمقٍ متنهدةً :
فليرحمكِ الله يا أمي ، كنت امرأةً طيبة القلب وبسيطة لأبعد الحدود حاولتُ النهوض من غابات
الصفحة - 34 -
رواية ابنة الشمس*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق