فقطْ دِرهَم
تلبَّدَ فيه الشيْبُ في العُمْرِ بعدَما
ثناهُ الزمانُ المُرُّ سيفاً مُثلّما
وسارَ كشمسٍ تستظِّلُ بكُمِّها
جليّاً على خَطويْهِ لكنْ مُلثّما
تنفّسَ من كلِّ الرئاتِ بلحظةٍ
وأطلقَ مِنطاداً كبيراً تَورّما
وأسمعَ ناياً يستريحُ بجنبِهِ
مقاطعَ من لحنٍ قديمٍ تَصرَّما
وأقرأَهُ حرفاً تهجّى شجونَهُ
وعادَ لآيٍ في الشفاهِ وتمْتما
تقدّمَ للقاضي بشكوى على ٱبْنِهِ
يُطالبُ مصروفاً يُقدَّرُ دِرْهَما
أريدُ منَ ٱبني دِرهَماً واحداً فقطْ
يكونُ رؤىً للعينِ والجرحِ مَرْهما
أريدُ مَعاشاً كلَّ شهرٍ وراتِباً
فقطْ دِرهماً يمحو بقلبيَ مأتما
وحَقي عليهِ أنْ يُوفِّيني المُنى
بما كنتُ قد أتلفْتُ روحي ليَسْلَما
فكم كنتُ أسجيتُ الضلوعَ سلالِما
أقامَ عليها فوقَ ضعفيَ معْلما
فقالَ له القاضي لماذا ٱمتنعتَ عن
دراهِمَ هل كانت لظهرِك مَغرما؟!
فقالَ أبي قارونُ يَملِكُ فِضَّةً
على ذَهَبٍ يحيا الحياةَ َمُنعَّما
إذا كان ميسوراً لماذا أبي إذنْ
يُطالبُني بالدفعِ غصباً و مُرغما ؟!
أحالَ له القاضي السؤالَ بدورِهِ
همتْ دمعةٌ من عينهِ ما تكلّما
ومن ثمَّ هزَّ الرأسَ بالشيبِ قائلاً
أتوقُ لرؤياهُ ويَبعدُني سما
أريدُ فقطْ من كفِّه دِرهماً لكي
أراهُ فُؤاداً في فؤادي تَلحَّما
وحسبيَ أن ألقاهُ في الشهرِ مَرَّةً
إذا فاضَ بالإحسانِ لي وتَكرَّما
يُبادلُني الوصلَ الجميلَ قطيعةً
ويزدادُ يوماً بعدَ يومٍ تبرُّما
يَضخُّ دمي الشِّريانَ فوقَ شموعِه
وحُبُّ الذي لم يُدرِكِ النارَ*أكزما
سأصفحُ عنهُ والنسيمُ رسائلي
بما حملَ الغصْنُ الرطيبُ وبَرعما
تجنّحَ حلْماً ريشتينِ من الكرى
وأهديتْهُ من نورِ عينيَ أنجُما
تنسكتُ في حزنٍ يُقدِّسُ نفسَه
وصِرتُ لفِقهِ الدمعِ شيخاً مُعمَّما .
--
محمد علي الشعار
٢٧-٢-٢٠٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق