الدكتور المفكر طارق فايز العجاوي
بثقة نقولها لم يدعون غير ذلك مدعمتا بالدلائل الممكنة و المتاحة فهي المرجع و المستند لمن كان مع هذا الرأي أو ضده، ولبيان ذلك لابد من التعريج وبعجالة على تلك الحقبة الممتدة منذ ان ظهر العرب على وجه البسيطة الى هجرة نبينا الكريم عليه الصلاة و السلام سنة 622 والتي عرفت بالحقبة الجاهلية لنتعرف على مكتسبات العرب الفكرية اذا صح التعبير خلال هذه الفترة مع التسليم بقلة الوثائة و المصادر التي تطلعنا على احوالهم وسيد هذه المصادر وعلى رأسها على الاطلاق هو القران الكريم ومن ثم التوراة وما جاء من روايات على لسان كتاب التاريخ الاسلامي ومن اشعار الجاهليين ثم ما رواه كتاب الرومان و اليونان و الكتشافات الاثرية في بلاد اليمن من نقوش و كتابات حميرية و خطوط اشورية ... الخ
فخلال هذه الفترة كان للعرب صلات مع الامم الاخرى بحكم توسط هذه البلاد بين امم العالم فهي صلة الوصل بين الشرق و الغرب الهند و الحوض المتوسط فهي المعبر للقوافل التي تمر عبر الجزيرة العربية من شتى اطرافها فنجد عرب الجنوب وبتجارتهم مع الهند و مصر و دول بحر الروم اسسوا لهم مستعمرات في شمال الجزيرة على طول معبر القوافل والتي اصبحت فيما بعد النواة لدويلات مثل عرب تدمر و انباط البتراء و غساسنة بصرة و لخميي الحيرة وكان منهم ال يثرب وال كندا في الحجاز و نجد
وعلى هذا يمكن ارجاع اهم عوامل اتصال العرب بالامم الاخرى الى الموقع الجغرافي التجاري المميز و الممتاز ففي العصر الحديث كان هذا الموقع مطمع لكل مستعمر غاز والذي جعلها ممر و معبر لكافة النشاطات التجارية و بسبب مجاورتهم لمناذرة الحيرة و غساسنة الشام ومن اهم اسباب اتصالهم بالامم الاخرى ايضا اقامتهم للمواسم و اسواق التي كانت تؤمها بقية الاجناس الخرى هنود، فرس، رومان..... عداك عن تشكل حواضن للامم الاخرى داخل الحمى العربين(جاليات) ولا ننسا ايضا قيام افراد و جماعات من العرب برحلات هدفها اما التجارة او طلب العلم فكل هذه العوامل مجتمعة ادت الى اكتساب العرب بعض المعارف و نشأ لديهم تيارات فكرية مختلفة ، اذن حتمية هذا التماوج و الاخطلاط مع الشعوب الاخرى لا بد ان ياتي بالمحصلة بنتائج نجملها بالتالي :
العقائد والتي اخبرنا عنها القران الكريم وهذه من وجوه الاعجاز في القران الكريم وديانات العرب في الجاهلية اليهودية والنصرانية و الوثنية
اما معارف العرب في المجال الطبيعي و الفلكي فكانت صلتهم بالكلدانيين و صابئة وقد عرف عن هؤلاء الالمام بعلوم الفلك و التنجيم و علم الانواء و عرفوا السيارات السبعة وعرفوا ايضا ابراج الشمس و منازل القمر و قسموا السنة الى اثني عشر شهرا قمريا و كان الشهر عندهم مقسوما الى اسابيع و ايام الاسبوع عندهم: اوهد(الاحد)،اهون(الاثنين)،جبار(الثلاثاء)،دبار(الار بعاء)،مؤنس(الخميس)،عروية(الجمعة)،شيار(السبت).
اما معارفهم في المجال الطبي فكان اعتمادهم على الاعشاب فقد عرفوا فوائدها و خصائصها ثم اعتمدوا الكي و الفصد وعلى الرقي و التمائم و العزائم ومن اطبائهم المشهورين لقمان الحكيم وابن حذيم و الحرث بن كلدة.
والعرب قبل الاسلام سادت لديهم معتقدات واساطير تتعلق بالجن والغيلان والسعالى والقرناء والتوابع وما نبع عنه من صلات الجن بالكهان والسحر الخ
اما حصيلة الفكر الجاهلى والذى نقل الينا عبر الامثال والحكم والشعر الزهدى والدينى سنوردها اما ما جاء فى المواعظ والخطب فلا يمكن الاعتماد عليه لافتقاره الى المستند الدقيق
اما الحكم والامثال فالعرب شديدو الميل الى ضرب الامثال واعتماد الحكمة ليصح كلامهم ويتزن ويقوى ولقد وصلنا منها الكثير وايضا حكمهم فقد قال عامر بن الظرب حكيم العرب للملك الغسانى حينما خافه على نفسه واراد ان ينجو منه ( ان لى كنز علم وان الذى اعجبك من علمى انما هو من ذلك الكنز احتذى عليه وقد خلفته خلفى فان صار فى ايدى قومى علم كلهم مثل علمى فاذن لى حتى ارجع الى بلادى فاتيك به ) اما الحكمة فنجد اشهر حكماء العرب فى الجاهلية لقمان الذى راح مضرب المثل فى الحكمة والتوحيد وله كتاب باسمه يدعى مجلة لقمان وكان له اتباع وقد قيل عنه اول من سن رجم الزوج الخائنة
اما بخصوص الشعر فقد كان لهم ذلك العالم الذين من خلاله يسمو بالروح فوق كل ما هو مادى فظهر شعرهم بمختلف اغراضه ومنه شعر التدين وشعر حنفى ونذكر ونحن بهذا الصدد ما قاله زيد بن نفيل
واسلمت وجهى لمن اسلمت له الارض تحمل صخرا ثقالا
واسلمت وجهى لمن اسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
هذه هى حصيلة الفكر الجاهلى تناولناها بامانة وباختصار وبحدود المتاح فهل يا ترى ممكن ان تشكل بمجموعها فكرا صحيحا سليما
الحق ان العرب قبل الاسلام لم يكن لهم التفكير الفلسفى السليم والصحيح ولكن عرفوه مع بزوغ فجر الاسلام وبظهور دستور الامة الاسلامية كتاب الله العزيز وحامل الرسالة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
على كل الاحوال فرسالة الاسلام خالدة فهى التى خلدت الانسان ولا تنتظر من يخلدها فلو قدر وجمع ما كتبه علماء الاسلام فى شتى الحقول لظهر وبجلاء عظمة ما قدموه للانسان والانسانية جمعاء فلم ولن تبلغه وما بلغته اى امة على وجهه الارض فلقد جاء على لسان احد العلماء ( ولكن اثار العرب العلمية ما تزال مهملة وقد فقد اكثرها ولو لم يترجم بعضها الى اللاتينية وياخذ اقطاب النهضة العلمية فى اوروبا عنها المبادىء الاساسية وياخذ عن هؤلاء من تبعهم حتى بلغ العلم ما بلغه اليوم لتاخرت النهضة العلمية فى العالم قرونا عدة )
فالفكر العربى الصحيح الوليد الشرعى للرسالة الاسلامية التىجاءت عامة وشاملة فتناولت اعظم الامور وادقها وجاءت للبشرية جمعاء اذن كيف لا تكن ذات مضمون فكرى وثقافى وكيف لا تكون الاساس والمنطلق للفكر العربى الصميم بما حوت وحملت
فحضارتنا اسلامية بحتة وبالتالى ما افرزته يجب ان يكون اسلامي الهوية ، وقد اعترف كتاب من الغرب بهذه الحقيقة والتي لا ينكرها احد من امثال ادم متز وفاسيلس بارتولد و جاك ريسلروجوستاف جرون باوم وهاملتون جب......الخ
فاسموها حضارة الاسلام لاحضارة العرب ،لان كل المنجزات تمت في ظل الاسلام
الا يكفي ان جل علماء الاسلام لم يكونوا من العرب بل جمعنا معهم السلام و تربوا في ظله فكانوا سادة العلم و الفكر باعتراف القاصي والداني كيف لا و نحن نعلم ان رسالة الاسلام عامة وشاملة وعالمية بل كونية فقد قال تعالى(يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا ان اكركم عند الله اتقكم)
على كل الاحوال الحضارة ربيبة العلم و العلم بنسبة لنا نحن ابناء الاسلام نسعى اليه من واقع كتابنا العزيز الذي نؤمن به (الرحمان علم القران خلق الانسان علمه البيان)وهدي رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم قائدناو قدوتنا والحالة هذه ليس هنالك ما يدعوا لشك في ان العلم هو الدافع الوحيد للابداع و الخلق و التدبر و التفكر وكل هذه مجتمعات تنبة حضارة و تنشىء المعرفة وتكون الفكرالسليم الصحيح
وللفائدة نسوق ما قاله احد العلماء الاجلاء وهو في معرض حديثه عن ذات الموضوع( تلك سمات عامة للمجتمع العربي قبل الاسلام وهو برغم ما احتوى من قيم و معان كريمة فان اكثر جوانبه كانت من التعفن و الاهتراء بحيث لا تصلح من تلقاء نفسها لان تطور و تخلق حضارة فال الحرب و لا السلب و لا المقامرة ولا افتقاد الامن ولا العصبية العمياء ولا عبادة الاصنام مهما رافقها من فروسية و كرم وتعشق للحرية و اباء الضين بصالحة لان تنتج حضارة و تخلق مدنية وانما سبيل تلك الحضارة ونبع تلك المدنية مصدر اخر هو رسالة السماء بتعاليمها السلمية التي وحدة المتفرق و علمة الجاهل ومدنة المتأخر وقومة المعوج وامنت العدل ورقت العقل وحضت على العلم ودعت الى مكارم الاخلاق وعبادة الواحد الخلاق)
فحضارة بهذه العظمة جديرة بأن تفرز فكرا سليما صحيحا فانعم بالاسلام وانعم برسالته الجليلة الخالدة .
آلمصطلح الاستدلالي # الفكر # العربى # المعاصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق