البائع المتجول ..
معروف باسم غازي ابو اللبن . رجل طاعن بالسن يدفع عربة بثلاث عجلات يتجول في السوق والازقة القرية منه .
كنت كل ما اصادفه اشتري منه ، ليس الغاية شرب اللن وانما الغرض منفعته . كان يعتني بالنظافة ومذاق اللبن طيب ، دائما يردد هذه العبارة (عبالك لبن) وكنت اسأله لعد هو شنو مو لبن ؟؟! ايجاوبني اي هو لبن ويضحك !
غازي ابو اللبن نظره ضعيف بالكاد يميز الاشياء ، كان بصعوبة يعيد الكلاص الى مكانه.
كنت متعاطف معه جدا وكنت احس ان وراء هذا الرجل قصة طويلة .
ذات يوم وجدته متعب متكئ على عربته وكعادته يضحك على بساطته .
القيت عليه التحية ، ولكنه فاجئني بسؤاله .
اشبيك ابني اشوفك امعبس ؟ ابني الدنيا متسوه . والعمر مهما طال يخلص . وكملها بضحكته المعهوده . فرأيت بنظراته وضحكته ، كمية كبيرة من الامل لرجل قد تجاوز عمره ال 80 عام .
مرت الايام والاشهر على غازي فساءت حالته وقل تجواله وزاد ضعف نظره . وقل المشترين منه .
ذات يوم قررت ان اسأله .
حجي ليش ماترتاح بالبيت انت بحاجة للراحة .؟
اجابني .. يا ابني العيشة صعبة !
ماعندك ولد .؟
سبقت اجابته دمعة سقطت من تتحت نظارته السوداء .
اجاب بحسرة وحرقة . ولد؟؟
آآآخ آآخ الولد . راحح الولد !!
شعرت بالالم والهم والحزن الجاثم فوق صدره .!
بعد هذا اللقاء اختفى غازي ابو اللبن ، لم اعد اصادفه في اماكن تواجده المعتادة . افتقدته رحت اسال عنه
لم يعرف احدا عنه شيءً . بعد البحث توصلت للمكان الذي يترك فيه عربته نهاية العمل . فوجدتها قد غطاها التراب .
وبعد فترة التقيته قد فقد بصره تماما . منحي الظهر يتكئ على عكازة يمشي ببطئ .
بادرته بالسؤال . شنو حجي خيرك شو ماكو هاي الايام ؟
وقبل ان يرد . اطلق حسرة طويله .!
يا ابني عمري خلص ، وانتظر الله ياخذ امانتة ويخلصني من هم الدنيا .!
حاولت ان اواسيه . حجي كول غيرها ان شاء الله عمرك طويل .
الله كريم يا ابني ورفع نظارته ومسح دمعة سالت على خده .
شيعته بدموعي .! وبعد اسبوع كنت ماراً في احد الازقة القريبة من السوق ، لفت انتباهي لافتة نعي سوداء علقت على جدار بيت قديم متهالك .
يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية .
انتقل الى جوار ربه . المرحوم الحاج غازي . ابو علاء .
( علاء الذي اختفى منذ سنوات ولم يقف احداً على اثره)
✍️ فاخر خالد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق