معية الله والثقة في القدرة الإلهية
بقلمي : عبد الناصر سيد علي
.......................................................
إن معية الله للعبد هي رداؤه الباقي ،
ولباس الستر، ونهج الطريق القويم، فبها ينقلب الذل عزاً ، ويتحول الضعف قوةً، وبها تنفك العقد وتنحل المشاكل ، وتصوب القرارات ، وتفتح الأبواب المغلقة ، فدوماً كن مع الله يكن معك كل شيئ ، فهي
الحماية المتناهية، والستر المكنون، والصيانة الدائمة ، والعون المديد، والمساندة المستمرة ، والنصرة والتأييد ، والحراسة من كل مكروه " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ".
فمعية الله تكون عامة وخاصة فهي عامة لعموم الخلق مؤمنهم وكافرهم ، مطيعهم وعاصيهم وتكون بالعلم والمراقبة ، والإحاطة، وتكون خاصة للأنبياء والرسل والصالحين ولعموم المؤمنين وتكون بالحماية والحراسة ، فموسى بضعفه لم يغرق في اليم وفرعون بقوته لم ينجُ من الغرق ، فهي ملاذ الأتقياء ، وملجا الأتقياء
..........................
كيف يستجلب العبد معية الله ؟
إن معية الله للعبد رزق كبقية الأرزاق فمن رزقه فقد رُزق الخير كله، ومن حُرم فاته الخير كله .
وإنما تكون المعية أولاً :
بمراقبة العبد لربه فحينها تأتي المعية فها هو سيدنا يوسف الفتى الجميل الوسيم وهو بمقتبل عنفوانه وتتعرض له من امتلكت كل مقومات الجمال من منصب وجاه وسلطان وجمال " زليخة العزيز" وقد تهيأت له فكانت الطالبة وليست المطلوبة كالمعهود لدينا وتقول له هيت لك فما كان من هذا الفتى إلا أنه تذكر ربه فكان قوله "معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون " فبمراقبته هذه جاءت المعية وحضرت النجاة.
وتأتي المعيةأيضاً بالإحسان إلى الناس وصناعة المعروف ، ولذلك عندما فزع النبي " صلى الله عليه وسلم" ليلة الوحي بغار ثور راح مسرعاً إلى زوجه خديجة قائلاً : دثريني ، زمليني فكان ردها لاستجلاب المعية هي تذكيره بفضائله قائلةً: والله لن يخزيك الله أبداً ، فإنك لتصل الرحم،وتحمل الكل، وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الدهر فهذا الإحسان جلب معية الله لنبيه ، وصناعة المعروف كما ورد عن أصحاب الغار الذين أرادوا المبيت فأغلق الغار بصخرة كبيرة فتضرع كل منهم إلى الله بصالح الأعمال وصناعة المعروف فكلما ذكر أحدهم
موقف صنع فيه معروفاً لأحد انفرج جزء من الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج حتى انتهوا جميعا حضرت معية الله وانزاحت الصخرة وخرجوا سالمين.
من استجلاب معية الله للعبد أيضاً
حسن الظن بالله وقد ورد عن رب العزة " أنا عند ظن عبدي بي ..."
فحسن الظن بالله يجلب معيته والثقة في القدرة الإلهية مبعث طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر، وتيسير الأمور ،وتفريج الكروب، وحل كل المشاكل.
انظر إلى السيدة هاجر زوج نبي الله إبراهيم "عليه السلام" فلقد اجتمع
الضعيفين في الموقف - مرأة ورضيع- وصحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء بل الأصعب من ذلك كله لا يوجد بها بشر للاستئناس بهم ، فما كان منها كامرأة إلا أن تقول إلى من تتركنا هنا يا إبراهيم قال : أترككم لله ، فاسمع إلى رد المرأة الواثقة في قدرة الله على أنه سيخرجها مما هي فيه قالت : إذن لن يضيعنا... إذن لن يضيعنا!!
ومثال آخر
أصحاب موسى والبحر من أمامهم
وفرعون وجنوده من خلفهم " وقال أصحاب موسى إنا لمدركون "
ماذا كان رد نبي الله موسى الواثق في قدرة الله، والمطمأن على الحل قال : " كلا إن معي ربي سيهدين " فتأتيه المعية بأقصى سرعة " فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق فصار كل فرق كالطود العظيم " ونجا موسى ومن معه ، وغرق فرعون ومن معه.
والأمثلة كثير
" إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " ثقة في قدرة الله عز وجل استوجبت معيته ونصرته وتأييده .
فأبوبكر يقول : يارسول الله لو نظر أحدهم موضع قدميه لرآنا، قال النبي : " صلى الله عليه وسلم ":يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ثقة متناهية تستوجب المساندة والمساعدة والمؤازرة والتمكين.
فالثقة في القدرة الإلهية أيضاً هي التي جعلت أم موسى لا تخاف على رضيعها وتلقيه في اليم وتعلم أنه بحراسة ربه وأنه مردود إليها لا محالة وقد كان فعندما ألقته في اليم أخذه جنود فرعون لقصره ليتربى هناك ويترعرع ببيت عدوه ، بل وتقم أمه هي هي براضعته وبأجر من فرعون وتحت عينه .
فمعية الله سر سكينة القلوب،
واستقرارها النفسي من الاضطرابات والاهتزازات ، فالعيش في كنف الله فوز وما أجمل هذا الفوز !!
..........................................
بقلمي عبد الناصر سيد علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق