السبت، 8 يوليو 2023

الرسائل المعتقلة بقلم عمر أحمد العلوش

الرسائل المعتقلة

هي رسائل كُتبت مضمخةومُحملة بفكرة أو مشاعر وأحاسيس نبيلة من حب وعشق ووجع وحالة وجدانية دافقة لتعبر عما يجول في الروح والنفس ، نعبر فيها عن لواعجنا ، هي رسائل تبكي ، والعناق فيها ، رسائل تحمل قُبَلٌ ، من أطراف أصابع خطتها، فيها الجمر يشتعل والعين ضاقت بالدمع ، فتفلت الدمع وكأن الجسد كله بالبكاء يحتشد ، رسائل تصرخ أنها قتيلةٌ .
نتحرى أن تلك الرسالةوصلت للمخاطب ، فيقوم ذلك المخاطب باعتقالها ، دون رد عليها ، بنية مبيتة وعن عمد وسبق إصرار، لتبقى تلك الرسائل معتقلة نازفة ، وهو يعلم أن الرسائل تبكي ، وكل حرف بها ماهو إلا عين دامعة وقلب ملتهب .

فيخنق خفقة القلب ويقتل لمعة العين بعدم الرد ، لتكون تلك الرسالة المعتقلة كأنها قطاطة وقعت في شباك صائدٍ فكُسرت جناحها ، وتعمد ذلك الصائد بقاء الحال على ماهو عليه دون أن يفصل في مصيرها .
ويعلم ذلك المُعتقل أن هناك بالجانب الآخر نزف من ألم ووجع وعذاب،ويتلذذ بتعذيب الآخر ويظن بأنه هو الأقوى والأقدر بالتحكم بدفة شراع مركبه ، دون أن يعلم بأن فعله هذا سيقود مركبه للغرق والهلاك في بحر من الكراهية ، كراهية يداه اوكتاها وفوه نفج بها من درائن نفسه .
كلما أُعتقلت رسالة مكثة مكثة سوداء في قلب المرسل نحو ذلك المُعتَقِل حتى يبلغ بذلك القلب وكأنه من الران ، ذلك 
أن الرسائل المتراكمة هناك وقد تجمدت وصدأت في ذلك الركن وإن شئت قل في ذلك المكان البهيم ، هذا كله خلق في روح المرسل النفور والاسمئزاز لدرجة القرف .
وعندما يبلغ الأمر منتهاها ويُحجم المرسل ، ويحتجب وتكون كل أحاسيسه ومشاعره وأفكاره قد نضجت بنار ذلك المعتقل وأبت روحه أن تخط حرفاً واحداً ،ترى الذي أعتقل كل تلك الرسائل 
أفرج عن تلك الرسائل وبدأ في ضخ مشاعر أصبحت تالفة مهترئة لا قيمة لها .
يعود ويظن أنه تفضل على المقتول وجعاً ، وفي إعتقاده إن عاد سيعود الآخر ، دون أن يعلم حقيقة مافعل ، فهو من جعل ساحته حصيراً من نار لن يكتوي بها غيره .
متى سقط الإحترام والإهتمام سقطت معه كثير من القيم الوجدانية التي لن تعود وإن عادت تعود مُعابه ، وما أظنها تعود قط .
خلاصة القول من يسقط لن يعود ، ولهذا قالوا الساقط لا يعود ، كمبدأ أخلاقي وتشريعي ووجداني ، ذلك أن الساقط 
هو من سقط من سلم القيم والمُثل ، فما عرف لجمال تلك الأخلاق درب ، وماغرف غرفة من جمال .

د. عمر أحمد العلوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

(3)»الباراديغم والمنهج الإسلامي بقلم علوي القاضي.

«(3)»الباراديغم والمنهج الإسلامي«(3)» دراسة وتحليل : د/علوي القاضي. ... وصلا بما سبق ف (الباراديغم) ليس منها خطورة على العلاقات الإنسانية ، ...