الحزن....
القن (بكسر القاف).
أصبح الحزن قنها ملكها، تكفلت به، أطعمته بسوداوية عيش الحياة بلا حب وعشق، روته بشراب الكره و الحقد، جزاء خذلانها المتكرر، أعطته أجرا ضخما مقابل نكدها الذي يلازمها، تقول عنه : إنه من ممتلكاتها الخاصة، أوراقه بملكية الحيازة الأبدية، فهي لا تبيعه ولا ترهنه، إنه بكل إختصار سنأ يضيئ في روحها شرارة غضبها، تتنفس به الصعداء، داك الغضب المتوالي تحصيه في يومها، كل دقيقة ثم تتوالي الدقائق لتصير ساعات، ثم الساعات لأيام،ثم الأيام لسنين من عمرها الذي أغتصب، فهو لم يمت و إن أقبرته ما مرة على الورق بكتاباتها، بحكيها وسردها له، ألفت عنه شتى القصص، حتى صار ضريبة كل لحظة من لحظاتها، تستخلص ثمنه من جسدها النحيل والنحيف، المرهق المتعب، الذي ذبل كزهرة افتقدت لري من جدول الأمن و الآمان، من الحب و العشق،من الغيرة و التباهي على قريناتها، أنها لازالت معشوقة محبوبها، ذاك الأمير الذي امتطت وراء ظهره صهوة حصانه،حين أخذها بعيدا عن الكل و أسكنها قصر فؤاده فتربعت كملكة على عرش.
ضريبة هي تستخلص ثقل فكرها و أفكارها، تصورها حتى في تطوعها لامتلاك ثروة الفرح ، الضحك و الإبتسامة المعتادة على محياها و على بشاشتها المقابل لها،تراها تسعى تحبو تدب بخطى بطيئة، تسارع سوى إلى موت فؤادها و روحها، كل الصخور لها فوائد، وذكاؤها لم ينفعها، حنيتها أضحت قسوة، أليست غبية؟! في قاموس الأغباء تصنف، ففي إتساع وزحمة الأمل، تأخذ بأعماق فؤادها إلى ظلام اليأس، الذي يسكن مرارة الأحقاد فيها، على الكل و الجل، بلا جدوى ولا نفع، يستولي فقط على وجدانها و مشاعرها، يوقد مشعل رؤى بأفكار خبيثة خسيسة، التشويق فيها هو إثارة الغضب الذي يأكل منها، تدرف الدمع في كل حين و وقت،جليد يكسو أرضها، لا الحب ولا العشق، لا الأمن ولا الآمان الداخلي عاد فيه بدرة من بدور غرسها.
البعد والنفور بهذا القن من كومة أقنانها، هي الأخرى كوابيس تراود أحلامها للغد في العشق والحب والغرام،يشعرها بمرور الوقت سريعا من أي زمن مضى بعمرها، أو حقبة من حقبه، هكدا تعيده بذكرى الحزن، تعلم يقينا تاما أن رحلة الحياة قصيرة، فكم هي غبية جدا، و انفصام شخصيتها المؤثر، ألم يكن لها خيارات كثيرة؟! كانت عليها ألا تتسرع؟! و أن تقرر فيها ماذا تريد و ماذا تفعل؟! ألم يخطر ببالها أنها اختارت المسار الخطأ، عاشت حياة كانت تراها، وعاشت حياة أخرى ، بإرادتها دون غصب، حين وهبت ما أغلى ما تملك، إنها أسوء اختياراتها حين أحبت و عشقت قلبا ليس لها منذ الأول، فلا ندم ولا أسف لما آلت إليه بغبائها .
كم أهدرت ونزفت قوة قصوى إلى الآن ، وهي تبحث عن سبب ومعنى حياتها جزاء هذا الحب و العشق، متأملة باستمرار يرافقها الحزن، كل يوم لكل شيئ مر عليها دون أن تتوقف، ألم تستوعب الدرس والعبرة، بأن كل الأحزان مهما عظمت، وكثرت تنجلي و تزول، فلما يا ترى لا زالت تمتلك وتتملك هذا القن هذا الحزن، باستمرار.
لكن الذي أثار استغرابي و دهشتي، هو قولها أنها مرت عليها أيام تمنت فيها أن يقف بجانبها أحد، حتى من باب المجاملة إن كان و أمكن، و تجيب بكل ثقة، أنها نفس ذات الأيام التي علمتها أن تقف بمفردها الآن، ياله منه تناقض بطعم الغش، تتملك الحزن لما لم تترك الخريف يساقط كل أوراق هذا العشق الذي سبب هذا الحزن، لما تتركه يعجل برحيل هذا الحزن، أما كفاها حزن !! أما كفاها وجع!! تتوالى و تتلاحق عليها الأيام ، تدعوها لعدم الإطمئان، ذرك حتى و أن أصبح العالم كله بلا رحمة و بلا ضمير ، كفاك احيي ضميرك من سباته، أشعلي شمعة الحب و العشق، ولو صرتي أن تحبي نفسك فقط روحك فقط حتى وإن صرت نرجسيه أنانية مطلقة لحب نفسك فقط.
أبو سلمى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق