يا عابراً بحرَ الوجود ِ بزورق ٍ .....
مجذافُه ظِلٌّ من الأحلام ِ
وتجوزُ بالفكر ِ الكليل ِ عُبابَهُ .....
فتخالُ أنَّكَ ثابتُ الأقدام ِ
وتظنُّ أنَّكَ قد بلغتَ مطافَهُ .....
وأنرتَ فيه مجاهلَ الإبهام ِ
وملكتَ معرفةَ الحقيقةِ كلِّـها .....
فتُمنطقُ الأضغاثَ كالأحكام ِ
وتُصابُ بالهذيانِ يجفوكَ النُّهى .....
وتتيهُ روحُك في دُجى الأوهام ِ
***
بَدءُ التَّبصُّرِ والهُدى إدراكُنا .....
سرَّ استحالةِ فهمِنا الإنسانَ
هو كائِنٌ جمعَ الوجودَ بذاتِهِ .....
فبعقلِه يتفحَّصُ الأكوانَ
بخيالِه الوثَّابِ يمخرُ لُجَّهُ .....
ويَسيحُ فيه يُواكِبُ الأزمانَ
ويرى البِدايةَ كالنِّهايةِ طُلسُماً .....
لُغزاً جَفولاً يزدري الشطآنَ
يَثوي وراءَ الغيبِ يرقبُ فاتحاً .....
يجلو الضَّبابَ يمزِّقُ الأكفانَ
***
سرُّ الوجودِ تغورُ في أمواجِه .....
كلُّ الحقائقِ تأملُ التَّفسيرا
لو كان ما يُخفيه نزوةَ صدفةٍ .....
تأبى التعقُّلَ ترفضُ التبريرا
تلهو وتعبَثُ في جنونٍ طائشٍ .....
تَلِدُ النِّـظامَ فتُحسنُ التقديرا
وتُرتِّبُ الذَّراتِ كوناً مُذهِلاً .....
والفكرُ يرقى سيِّداً ومُديرا
بـِتنا نصدِّقُ صدفةً عَبثيَّةً .....
تُمسي إلهاً خالقاً وقديرا
***
خلفَ اعتلالِ الوهمِ طيَّ سرابِه .....
ووراءَ خُدعةِ صدفةٍ بلهاءِ
تجلو البصيرةُ عالَماً وحقيقةً .....
من جوهرٍ يُخفى عن العُلَماءِ
من جِبلةِ الرُّوحِ الطَّليقِ قِوامُه .....
ونسيجُه من ألحُنٍ وسَناءِ
أزليَّـةٌ أبديَّـةٌ أزمانُـهُ .....
ديمومةٌ في الحاضرِ البقَّـاءِ
يمٌّ يضيعُ العقلُ في أغوارِه .....
مستسلِماً يهفو إلى الإرساءِ
حكمت نايف خولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق