والجوع ليس فقط الحاجة لملأ فراغ المعدة بالطعام فهذا أدنى مراتب الجوع ؛ فهناك من لديه فراغ بالقلب يجب ملأه بحب الآخرين ونزع بذور الغل والحقد والحسد تجاههم ،
وهناك من لديه فراغ بالبصيرة يجب ملأه ببعد النظر واستخلاص النتائج من واقع الأحداث ومن الخبرات والتجارب ومما يحاك في القلب من شعور وليس مما تبصره العيون ،
وهناك من لديه فراغ في العقل وعليه إشباعه بالاطلاع والانشغال بالنفس والبحث عن كل ما هو مفيد بغض النظر عن كونه جديد أو قديم وترك ملاحقة أخبار الآخرين والوقوف على ما أحرزوا من نجاحات ودفن الليت في مقابر معاول العمل ،
وهناك من لديه فراغ في الروح فتجده يبحث عن اللاشيء في اللاشيء فعليه أن يجد ذاته أولا حتى يستشعر بلذة ما خلق لأجله...
يا باحثًا عن لقمة خبز في أفواه الآخرين
قم وأزرع الحقل بما الأرض له تخضع وتلين
فلا تلقي بذور في أرضك وتدرك أنها لن تستكين
فمن يزرع الحنطة في الخريف لا ينتظر أن يجني التين
يا باحثًا عن ود وحب في فؤاد عقيم
تشقق كأشجار العوسج من جراحات السنين
أبدأ بنفسك سد ثغور الألم ومهد دروب العاشقين
اردم فوهات الشجن وأشرح فؤادك للعابرين
إبني جسور الوصل وكن أول الحاضرين
داري ما خلفته على الوجوه ليالي الإنتظار والحنين
يا باحثًا عن راحة البال على أرائك النائمين
ماذا فعلت في هسهسة الليالي ؟
وبماذا تحدث مرآتك إذا خلوت ذات مرة بإنعاكسك ؟
وهل طاق خلدك ثقل ضجيج أفكارك وأعباء السنين
يا صاح راحة البال لا يلزمها ترحال إلى وديان الصامتين
فرب من تراه صامت يضج بالفكر وحاله حال المجاهدين
يجاهد النفس بالصد واللوم وفكره بالفكر مشغول كالحالمين
يا باحثًا عن راحة الروح في متاهات الأنين
كإسكافي حاف وحائك عريان في أسواق النخاسين
استحضر ذاتك وعانقها عناق المحبين
كفاك غربة وتيه في دروب الأشواق و الحنين
فأشعة الشمس مهما تشعبت يجمعها الغروب حين يجن الليل البهيم
أراك يا صاح تهيم في كل وادي وواديك تاركه سقيم
ترياق الحياة كأس انتعاش الروح إن لم ترتشفه في وقته
كل الكؤوس بعده روحك بها لن تستكين ستظل غارقا في اللاأنت باحثًا عن ذاتك وذاتك تائهة في شعاب دروب الآخرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق