بقلم الشاعر التونسي صلاح الورتاني
كعادتي أقوم بجولتي
فجأة لمحتها من بعيد
إبنة قريتي
تسرع في خطاها ولا تلتفت
وصلنا عند العين الجارية
تملأ جرّتها
كانت هناك بنات القرية
ينتظرن دورهن ليملأنّ قلالهنّ
أرقبهنّ من بعيد وأرقبها
كانت من حين لآخر
تلتفت وراءها
في احتشام تطأطئ رأسها
أردت الاقتراب لكني تراجعت
تساءلت.. تنهدت
تبعثرت خطايا
ضاع مني الكلام
ترى ما الذي يجري داخلي
قلبي تزداد دقاته
حدّثت نفسي
إنها الفتاة الريفية الساحرة
تسكن في قريتي وتسكن فؤادي
لملمت نفسي واقتربت
تعطل مني الكلام
لكني أطلقت السلام
حيّتني باحترام واحتشام
تصبّب جبيني عرقا
تراجعت خطوات للوراء
تساءلت : ما الذي جرى؟
ما عدت أفقه الكلام
لمحتها تعود أدراجها
عائدة لمنزلها
كانت تسرع في خطاها
ولا تلتفت وراءها
لكنها كانت تدرك متابعتي لها
كانت أحيانا تسرع وأحيانا تتوقف
لتستردّ أنفاسها
تراجعت وجلست على الربوة
من بعيد أرقبها وأراقبها
فجأة سمعت صوت الناي
ينبعث من تحت الجبل
كان الراعي يغني للحياة
هدأت نفسي وعدت أدراجي كما كنت
ولما وصلت أخذت قلمي وكتبت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق