الخميس، 12 سبتمبر 2024

فلسفة الموت والحياة«(6)» بقلم علوي القاضي.

«(6)»فلسفة الموت والحياة«(6)»
رؤيتي : د/علوي القاضي.
... وقفنا فى الفصل السابق على رأي المتصوفة وعلماء الإسلام في فلسفة الموت والحياة ، كما شاهدنا كيف تناول الأدباء والشعراء وأبطال قصص الحب الشهيرة في فلسفة الموت والحياة.
... ويفاجئنا الممثل (آلان ديلون) بفلسفته الخاصة التشاؤمية في الموت والحياة ، فقد كتب قبل وفاته ، سأغادر هذا العالم دون أن أشعر بالحزن ، لم تعد الحياة تجذبني ، لقد رأيت وجربت كل شيء ، أنا أكره العصر الحالي ، لقد سئمت منه ، أرى مخلوقات بغيضة حقا طوال الوقت ، كل شيء باطل ، كل شيء يتم إستبداله ، الجميع يضحكون على بعضهم البعض ، دون أن ينظروا إلى أنفسهم ، ولايوجد حتى إحترام للكلمة المعطاة ، المال فقط هو المهم ، نسمع عن الجرائم طوال اليوم ، أعلم أنني سأغادر هذا العالم دون أن أشعر بالحزن عليه ، لترقد بسلآم 
... وكذلك كتب (مصطفى لطفي المنفلوطي) قبل موته ، ما أنا بآسف على الموت يوم يأتيني ، فالموت غاية كل حيٍّ ، ولكنني أرىٰ أمامي عالَمًا مجهولًا ، لاٰأعلم مايكون حظي منه ، وأترك ورائي أطفالًا صغارًا لاٰأعلم كيف يعيشون من بعدي ، ولولا ما أمامي ومَن ورائي ماباليت أسقطت علىٰ الموت أم سقط الموت عليَّ ؟! ، ليكن ماأراده اللّٰه ، أما ما أمامي فاللّٰه يعلم أني ماألممت في حياتي بمعصيةٍ إلاٰ وترددت فيها قبل الإلمام بها ، ثم ندمت عليها بعد وقوعها ، ولاٰ شككت يومًا من الأيام في آيات اللّٰه وكتبه ، ولاٰفي ملائكته ورسله ، ولاٰفي قضائه وقدره ، ولاٰ أذعنت لسلطان غير سلطانه ، ولاٰ لعظمةٍ غير عظمته ، وماأحسب أنه يُحاسبني حسابًا عسيرًا علىٰ مافرطت في جنبه بعد ذلك ، وأما مَن ورائي ، فاللّٰه الذي يتولى السائمة في مرتعها ، والقطاة في أفحوصها ، والعصفور في عشه ، والفرخ في وكره ، سيتولى هؤلاٰء الأطفال المساكين وسيبسط عليهم ظِلَّ رحمته وإحسانه ، وداعًا ياعهد الشباب ، فقد ودعت بوداعك الحياة ، وما الحياة إلاٰ تلك الخفقات التي يخفقها القلب في مطلع العمر ، فإذا هدأت فقد هدأ كل شيء وانقضىٰ كل شيء !   
... ويقول (غسان كنفاني) في فلسفته للحياة ، لاتسأل راحلا عن سبب رحيله ، لأنه جهز عذره قبل حقائبه ، ويقول (محمود درويش) ، يوما ما قلنا لن نفترق إلا بالموت ، تأخر الموت وافترقنا ، ويقول (آل باتشينو) في هذه الحياة ستتعلم كل شئ وحدك ، إلا القسوة سيقوم شخص ٱخر بتعليمها لك ، ويقول (ماكس هور كهايمر) ، لاتعاتب من توقف عن السؤال عنك ، فربما أصبح سعيدا بدونك ، ويقول (محمود درويش) ، عندما تشعر بأنك أصبحت مصدر إزعاج وضيق لشخص تحبه ، إبتعد قليلا ، إن سأل عنك فقد ظلمته ، وإن لم يسأل فارحل بهدوء ، ويقول (واسيني الأعرج) ، أليس جنونا أن أنتظرك ، وأعرف سلفا أنك لن تأتي ، ويقول (محمود درويش) ، عد بي إلى حيث كنت قبل أن التقيك ، ثم أرحل ، وتقول (هيلين كلير) ، نحن لانموت حين نفقد من نحب ، فقط نكمل الحياة بقلب ميت ، وتقول (أجاثا كريستي) ، لم أتمنى الإنتصار على أحد ، تعلمت منذ زمن طويل أن الإنتصار الحقيقي ألا نؤذي مشاعر من نحب 
... وفي نهاية رواية البؤساء ل (فيكتور هوجو) ختم (جان فالجان) حياته الرائعة بهذه الكلمات ، الموت ليس شيئاً ، الشيء الرهيب هو أن لانعيش
... ويقول (مريد البرغوثي) ، أتلمَّس أحوالي منذ ولدت إلى اليوم ‏، وفي يأسي أتذكر‏
أن هناك حياةً بعد الموت ، ‏هناك حياة بعد الموت ، ‏ولامشكلة لدي ‏، لكني أسأل
‏ياالله ! ‏أهناك حياةٌ قبل الموت ؟!
... ويقول (بليز باسكال) ، إنني في حالة جهلٍ تامٍّ بكل شيءٍ ، فكل ماأعرفه هو أنني لا بُدَّ أن أموت يوماً ، لكنني أجهل كل الجهل هذا الموت الذي لا أستطيع تجنُّبه
... ويقول (ماركوس أوريليوس) في كتابه (التأملات) ، إن من يتأمَّل الموت في ذاته ، ويُعمل فيه التحليل العقلي لِيُجرِّده مما يرتبط به من دلالاتٍ ، سوف يخلص إلى أنه لايعدو أن يكون وظيفةً طبيعية ، ومن يرتاعُ لوظيفةٍ من وظائف الطبيعة فهو طفلٌ غَرير ، ليس الموت وظيفةً طبيعيةً فحسب بل إنه أيضًا لخير الطبيعة وصالحها
... ويقول (رشاد علي محمود) ، أنه أمر مؤلم أن يغيب الموت أحد ممن لهم في قلوبنا مكانة ، ولكن الأشد ألمًا هو موت من كان لهم في قلوبنا مكانة ، وهم على قيد الحياة
... أخي الكريم ، صحيح أن الله خلق الفراق والموت ، وخلق معه النسيان رحمة بنا ، والصبر هو النعمة التى توصلنا للنسيان ، لكن هناك أناس فراقهم صعب ، والحياة بعدهم تختلف عما كانت قبل فراقهم ، أناس يسكنون قلوبنا ، ونكلمهم ونذهب إلى قبورهم ونستحضرهم فى عالم موازى ونعيش معهم تفاصيلنا ، فمن أجل ذلك الحزن على فراقهم فأثره ليس له مقياس ، فشدة (الفراق فى الحياة يشبه الموت فى فلسفته ) ، إن كان كبيرا أم صغيرا ، عالما أو جاهلا ، كلنا نمر بلحظات نقف عندها ولانصدق مابعدها ، فترة الحياة مهما كنا فهمناها أو لم نفهمها ، فمهما كانت فلسفتك فيها مختلفة فى نهاية الأمر يبقى الموت هو الحقيقة الثابتة وسط كل شيء متغير ، وتظل فلسفة الموت مخفية وهى أن الموت الحقيقى للأحياء ، أما الأموات فأرواحهم صعدت للسماء ، ونظل نحن مانعاني ألم الفراق والموت
... ويعبر عن فلسفته فى الحياة والموت فيقول (فيديريكو غارثيا لوركا) ، منذ كنت طفلاً ، كنت أكره الوداع ، كلمة الوداع بالنسبة لي ، تعني شكلاً مصغراً من أشكال الموت 
... وقد ساوى بين الحرية والخبز معا بالموت عزيزا فيقول (جيفارا) للثوار ، لاترضى أن تتفاوض بالحرية مقابل الخبز ، إمّا الإثنين معاً أو الموت عزيزا
... ويقول (واسيني الأعرج) ، ‏معلقون نحن على حافات الأشياء بلاسقوط ولاتحليق ، في منزلة بين المنزلتين ، خارج الموت والحياة ، داخل الإحتضار البطيء  
... ويقول (ميشيل دي مونتاني) ، إن الفلسفة هي التي يمكن أن تعلم الإنسان كيف لايخشى الموت والإحتضار ، ذلك أن التفلسف هو أن تتعلم كيف تموت
 ... ولكن كان ل (سورين كيركغارد) نظرة تشاؤمية ، فيقول ، إستمع إلى صراخ الأم وهي تضع وليدها ، إنظر إلى صراع الرجل مع الموت وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ثم أخبرني ، هل من يبدأ هكذا وينتهي كذلك يكون قد خلق للسعادة ؟!
... وللإجابة ننتظر لقاءنا في الجزء السابع إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

يا غفوة ليلة بقلم ابو خيري العبادي

بقلمي...... يا غفوة ليلة في رجفة الجسد ويا وحدتي عند السكون في مسكني جلست بقربي تكلمني كلمات قالت أتسمعني قلت بلا اني أسمعك قالت ستشفى من كل...