غزل موفق العطواني
ضوء لطيف..
يتأرجح الفانوس الفضي بحركة سريعة تندمج مع سرعة الأقدام الصغيرة..
وتمسك بلجام الفانوس يد متجمدة مدماة ..
ويلحق برجة الضوء الموشك على الهلاك صوتها المتعالي ..
ويتتابع الكلام بنفذ الدخان المقترن بالخوف الشديد ..
ويتسامى بين نبرته غصة دموع اليأس ..
لكانها تقاومها .. وتبتلع ريقها المحتضن للدموع كما علمتها امها..
لا تكف عن السير في شوارع المدينة الفارغة .. ويرتسم المطر في الارجاء .. وفوق اليدان .. والفانوس والشعر الاسود المائل للبني ..
و رغم انزلاق قدمها مرات بطبقة الجليد الورقية لكنها تكمل ..
انه جو في غاية الجمود .. وكثيرا ما يخافه طفل بعمرها ..
ولكن .. ذاك الخوف لم يتركها ..
يشتد الضباب ..
الساعة الان قرابة التاسعة ليلا ..
والفتاة تجول بين الازقة .. وعلى الطرقان .. وتجود بدم يدها الصغيرة ..
الى ان ..
ينشد الامان اعزوفة دافئة..
وتميل ذات الفستان المرقع للخلف مبتسمة ..
ويلوح مبسمها برقي جرحها .. تقول : ظننتك ذهبت ..
يبتسم الجسد الضخم من بعيد .. وقد بان على اختفاء اجزاء منه في الضباب ولكنها تكمل وتستدير ..:
تأخرت اليوم ..
لقد اعددنا العشاء .. وامي اليوم مريضة في هذا البرد ..
فقد طهوت عشائنا .. هيا تعال ..
ِلمَ لا ترد ..
وتدقق في المعطف الصوفي الخفيف الذي يبان من بينه برد الجسد ..
ولا تستيطع ان تنسى تفصيل كهذا .. فهي حاكت هذا بيدها..
ونغمت الوانه بنفسها ...
فتكمل: الم اخبرك ان اليوم مثلج يا ابي..
وسترتك الثقيلة كانت خلف الباب ..
وانا اعطيتك اياه صباحا ...
ولكنها تقف وهي في لحظة صدمة .. وتعيد اخر من قالت : اعطيتك اياه صباحا
ولكن المرة الثانية بنبرة ادراك وتغص من بينها الدموع ..
تلوح من خلف الجسر المعلق بين الجفنين كلمة ..
: المعطف الصوفي ارتديه انا الآن .. فكيف انا وانت نترديه ..
تسقط الابتسامة من عين الجسد ويتبدل الوجه من وجه مبتسم لوجه مبتسم بحنية و الم فتكمل :
قلت انك ستحضر لي الشمع لعيد ميلاد معلمتي .. اين هم..
احقا ما يقولوه ..
هل اني بشعة يا ابي ..
هيا ... هيا .. قل ان العالم بشع هيا ..
انت اليوم .. السبب في بشاعته .. اتعلم لِمَ..
لانه خالي من وجودك ..
اليوم .. انا البشعة يا ابي ..
الم تقل لي ذات يوم .. ان ابتسامتي جميلة ..ودموعي بشعة .. اليوم سأكون الاشد قبحا .. اترضى؟
يتلاشى الضباب مع النور .. وتركع الطفلة فاقدة الحياة .. في حضن ابيها الراحل ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق