يوميات صائم _ 3 _
حدثني صاحبي ونحن في طربقنا لركوب الحافلة للتسوق في المدينة .
قال لي .. اتدري أن معظم الركاب لا توجد لديهم تذاكر .. قلت .. كيف يتم هذا ؟
أجابني بتنهد .. لا توجد رقابة في وسائل نقلنا ما عدى القطارات والطائرات . قلت .. هذا بسبب التسيب وغياب الضمير ؟ لذلك علينا أن لا نطالب حكوماتنا بتجديد أسطول نقلها وتحسين خدماتها مادام المواطن بلا مواطنة وضمير .
وآتي لسرد وقائع ومواقف عشتها في مملكة هولندا لما عملت بها منذ فترة طويلة حيث لا توجد لديهم رقابة لا في الإدارات ولا في المؤسسات ما عدى في وسائل النقل العمومي ، فالموظف هو المسؤول والرقيب والحسيب ، ضميره من يتحكم فيه وفي سلوكه وعمله ، يمكنه الخروج من مكتبه متى شاء لقضاء شأن من شؤونه ويعوض ذلك وقتا آخر من تلقاء نفسه .
وأذكر كذلك أنه في أول يوم ذهبت فيه لإحدى البنوك للحصول على حساب بنكي جديد حيث وجدت القاعة مكتظة لكن بدون ضوضاء ولا صخب كما الحال عندنا ، الكل جالس يحتسي قهوته أو شايه ويطالع كتابا أو مجلة ولا يضيع وقته في الفراغ . شعب واع ومثقف ومتحضر .
نعم هذا إسلامنا فيهم ونحن مسلمون بلا إسلام ، لذلك هم تقدموا ونحن تأخرنا .
وقعنا في فخ عدونا بما نصبه لنا من كمائن مغرضة من إنحلال أخلاقي في كل مكان ومجال خاصة في مسلسلاتنا الهابطة وأغانينا السمجة ومناهجنا التربوية السطحية حتى خرجنا ببذور فاسدة سرعان ما انجرت وراء الإرهاب الأعمى بالقتل والتنكيل ورمت بكل قيمنا عرض الحائط .
أنت ترى اليوم التسيب وعدم الاكتراث بالعمل في مؤسساتنا الاقتصادية والتربوية والاجتماعية حتى صرنا على هذه الحال ضياع وتشرد في الأفكار وتفشت فينا أمراض غريبة بسبب غياب الضمير والمراقبة وعمت السرقات والفوضى وانهار اقتصاد دولنا حتى صرنا نشحت من الغرب بعدما كنا أعزاء كرماء محصنين بسواعد أبنائنا المخلصين .
نعم يحق علينا البكاء على حالنا وما آلت إليه أوضاعنا وضياع أمجادنا والحسرة تغمر قلوبنا وليس لنا من مفر غير الالتجاء بدعائنا لربنا للتفربج عنا وإزالة كروبنا والرجوع لديننا وشرائعه السمحة حتى النهوض من كبواتنا ..
بقلمي صلاح الورتاني