تحية الفكر والمعرفة المستدامة
رماز الأعرج (المحاضرة 1 )
فيا سيلي من محاضرات تحت هذا الاسم سنقدم دراسة جديدة وبحث فلسفي عميق يتناول شكل أساسي من أشكال الحركة الكونية وهي حركة أللولب الكوني وبصمته المنتشرة في كل شيء موجود , سنقتفي اثر هذه الحركة وجودها وسنشرككم معنا في هذه الرحلة الممتعة , لننطلق معا في هذه الرحلة الشيقة التي ستوصلنا إلى نتائج مذهلة لن نتخيلها الآن ,,,
أللولب الكوني
بصمة الكون
مقدمة
للكون حركة وبصمة تتركها هذه الحركة على كل شيء يخضع لجاذبية الكون , والحركة هي الطاقة الأساسية للجاذبية سواء كانت ظاهرة او خفية , وهنا نحن بصدد بحث حركة الكون ذاتها مباشرة بشكلها العالم , وهذا سيقودنا حتما إلى شكل الكون وكيفية عمله , وحركته ودورانه , أي أننا تلقائيا سنجد أنفسنا نكتشف شكل الكون في رحلتنا الشيقة هذه إلى غياهب الفضاء الكوني البعيد , إلى أماكن لم تصلها يد الإنسان بعد , هناك حيث أصول الوجود وأصول كل شيء موجود .
الحركة من مطلقات الوجود الأساسية وهي عنصر ذات تأثير مباشر على الأشياء سواء أدركنا ذلك أم لا , وهي من المواضيع التي لا نفكر بها إطلاقا بل نعيش ونكافح هذه الحياة وحسب , ورغم إدراكنا الأولي لمفهوم الحركة الأولي ولكنا في العادة نبقى في قشور هذه الحركة ولا تخطر على بالنا الأبعاد الخفية للحركة والمؤثرات المباشرة والغير مباشرة , ويكفينا إدراك ما نواجهه من أشكال للحركة مباشرة في الحياة اليومية التطبيقية .
إن أهمية فهمنا للواقع والوجود وقوانينه تكمن في كونها ستمكننا من السيطرة على سلوكنا ونشاطنا البشري الذي أصبح خطيرا وبالضرورة أن يستند إلى الكثير من الوعي لأثره على الحياة على كوكب الأرض بكامله , فهم الحركة كشكل من أشكال الوجود الأساسية المطلقة وضروري كمعرفة تأسيسية في البناء الفكري والأكاديمي والمعرفي , فعلم الأوليات يشكل الأساس الذي تبنا عليهن أشكال المعرفة الأخرى , بحيث هي ثانوية عليه , وابسط مثال على ذلك إن أي آلة أو جهاز ما لو اشتريناه ولا نعرف نظام عمله وتشغيله , لن نتمكن من استعماله وسيبقى ملقى جانبا إذا لم نتعرف على نظام عمله ونفهم كيفية تشغيله وإدارته , أي كان نوعه , حاسوب أو هاتف نقال أو أي آلة معينة أكثر بساطة من ذلك , فمعرفة النظام للشيء هو الكفيل بالقدرة على تشغيله استعماله .
لهذا ضروري علم الأساسيات و قوانين الكون الأساسية , وقواعد الوجود الكوني الشمولي , هذا تحديدا دور الفكر البحث الفلسفي , كشف قوانين الكون الشمولية وفهم فعلها في كل شيء بما في ذلك الإنسان والمجتمع والوعي البشري , وهذا هو الدور البنائي والمؤسس للفكر الإنساني الناجح إذا أردنا فعلا بناء إنسان واعي حقيقي مدركا لذاته وسلوكه وخطره على الحياة والطبيعة ويسير وفق نظامها فلا يدمره بل يحافظ على الحياة من خلال فهم قوانين الوجود والحياة ذاتها أولا ليصبح احترام الوجود الكوني عقيدة فردية لكل إنسان ومجتمعية أيضا .
وهنا في هذا المؤلف والبحث خصصنا دراستنا في نوع معين من الحركة وهي حركة ربما قل ما درست باستثناء علم الفلك الذي درسها فلكيا وحسب , ولكننا هنا في هذه الدراسة بصدد دراسة الكون ذاته حركته وشكله وبصمته التي يتركها علينا وتأثير هذه الحركة والجاذبية وبصمتها , وجاءت الدراسة لتشمل وتربط القريب والبعيد , وبحثنا في أحشاء الأرض عن الأشكال المنتشرة في السماء , إنها الحركة الشمولية الكونية , ومن الجدير بالذكر إن تتبعنا لهذه الحركة ليس حديثا بل تابعناها في أكثر من دراسة وبحث سابق في سياق الأشكال الطبيعية الحية وغيرها في الطبيعة وفي الفنون , و تبين لنا من خلال بحث الفنون القديمة وتاريخ الفن أن الإنسان قد اعتنى بأشكال الطبيعة الشمولية والتي تشكل بصمة متكررة في الكثير من الظواهر الطبيعية ولفلكية .
إن فهم وبحث الحركة الكونية والفلكية كقانون شامل يمكن الإنسان من فهم الكثير من الحقائق عن ذاته ووجوده , وموقعه في هذا النظام الكوني وفهم قدراته وإمكانياته وما يستطيع وما لا يستطيع , من هنا تأتي أهمية وضرورة دراستنا للحركة الكونية .
وتجدر الإشارة إلى أن علم الفلك من العلوم الستة الأساسية التي تستند عليها فلسفة الشيفرة الكونية , وهذه الأركان الست هي القواعد الأساسية للكون والوجود , بل عليها تبنا المعادلات الرياضية المنطقية , وبذلك يتشكل لدينا المنطق الفلسفي المعتمد كطريقة ومنهج بحثي معرفي مشتق من قوانين المنطق الفلسفي المعتمدة في فلسفتنا المعاصرة.
من هنا جاءت أهمية هذه الدراسة لتكمل ما سابق قبل أكثر من ثلاثة عقود حول موضوع الحركة الكونية الذي تتبعناه في حينها والسعي في كشف أسرارها ومجاهلها البعيدة المنال , وفي مؤلف سابق ودراسات سابقة كشفنا عن الكثير من الأشكال والزخارف التي استعملها الإنسان منذ قديم الزمان , ومن أبرزها الشكل الحلزوني ألولبي للحركة , بحيث استعمله الإنسان القديم مباشرة واستعمله كرمز تجريدي للكثير من الأشياء والتعبير .
لو بحثنا في الطبيعة عن هذا الشكل ومن أين هو مشتق سنجده في الكثير من الأشياء والنباتات والإثمار وغيرها , مثل ثمرة الأناناس مثلا او الكثير من أنواع الصبار وغيرها .
لو نظرنا إلى الإنسان ذاته مثلا , كل إنسان تحتوي فروه رأسه على العديد من الدوامات ألولبية لحركة الشعر واتجاهها , ويختلف عدد هذه الدوامات بين شخص وأخر , بحسب العوامل الوراثية وغيرها من المسببات للتنوع , وكذلك الشعر على الجسد .
وفي الحيوانات كذلك نجد أن الشعر دوما يشكل دوامة معينة في أي حالة من حالات التغير في الاتجاه , والشعر لا يتوزع بشكل عشوائي بل له نظام معين يسير به تقريبا وكذلك في الطبيعة والإثمار و الحولزان والقواقع والكثير من الأشياء , نرى الشكل أللولبي الحلزوني منتشر على أوسع نطاق ويترك بصمته على الكثير من الأشياء من حولنا , بما فيها نحن أيضا كشيء موجود من موجودات الكون ويخضع لما تخضع له بقية الموجودات من تأثير مباشر وعميق خفي .
أن أهمية هذه الحركة وبصمتها كونها شمولية أرضية وكونية , وتبدأ من الرخويات إلى النبات والإنسان والحيوان وقوى الطبيعة والرياح والمياه وكل شيء موجود وذات حركة , وكذلك الأمر على الصعيد الفلكي والحركة المجرية ودوران المجرات , وأشكالها , التي تميل في جوهرها دوما إلى الشكل أللولبي والحلزوني في الغالب .
في بحثنا هذا سرنا متتبعين لهذه الحركة الحلزونية أللولبية في مواطنها وحيث تواجدت , وسنقدم الكثير من الصور المساندة في البحث لتوفر علينا مساحات كبير من الكتابة والشرح , وتسهل على القارئ استيعاب الموضوع مباشرة بشكل عيني وسلس وممتع.
في النهاية نقدم في هذه الدراسة المتواضعة إثبات قاطع لكل ما سنورده من أفكار , وسنقدم كل شيء مسند بالدليل الحسي والصورة والمنطق والتحليل وبحسب معادلات الكون المنطقية الحتمية النتائج كما نعلم جميعا ذلك بالتجربة المرصودة الممكنة .
قبل الدخول في تفاصيل الموضوع دعنا نضع خارطة طريق لمسار البحث , وكما اعتدنا دوما أن نبدأ في البحث عن أي ظاهرة كانت أن نبدأ بحثنا من الأصول وليس من الفروع , والفروع رغم أهميتها ولكنها تبقى بلا ثوابت ولا وضوح بدون جذورها وأصولها , لن تجدي دراسة الفروع مهما اتسعت إذا بقية بمعزل عن دراسة الأصول قبل الفروع , لتكتمل الصورة , وهذا ما سنرد عليه في بحثنا هذا وراء البصمة الكونية هذه التي نراها في كل شيء من حولنا , وهي ظاهر وخفية أيضا وليس شرط أن نراها مباشرة , وفي أحيان كثيرة نظنها غير موجودة , ولكن حين ندقق البحث والنظر فيما نشاهد من أشكال ونعيدها إلى أصولها نكتشف فورا , أن أصولها ومرجعها هو الدوران أللولبي المعروف , وسنرى في التفاصيل القادمة وجود هذه البصمة في جميع فروع الموجودات وفي جميع الظواهر من حولنا .
بناء على ما سلف ذكره علينا تحيد نقطة البداية , وسنبدأ البحث بالطريقة التي اعتاد دماغنا عليها لتسهيل الموضوع قدر الإمكان , ونبدأ من الحركة أللولبية وجذورها ومظاهرها على كوكب الأرض , لكونها مباشرة مادية ملموسة وتعطينا البسيط المباشر ومنه يمكننا الانطلاق إلى المعقد , والشمولي .
رماز الأعرج