قصة قصيرة بعنوان معلمة الرسم
بقلم الاديب رامي زيدان
ولدت كملكة في بيت والديها ،تجيد الشغبطة علي الحيطان وقرأة قصص العشاق ، وتسير في الحديقة تسقي الزهور وتعتني بكل أنواع الزهور الجميلة، رقيقة براقة من بين بنات جيلها ، شفافة ودلوعة في كل حركاتها ، تتمني أن تنظر إليك وتبتسم لتقطع جمالها وبرأتها في نظرة خاطفة تبرز علي وجهك البهجة والسعادة، إطلالتها الجذابة ولمستها تؤرق وتكوي الخالي والعازب، كانت الحياة لديها بسيطة وسهلة في مكنونها، رفضت الثراء الفاحش والبهرج الخداع عندما تقدم ليها رجل الأعمال الشهير في ذاك الوقت، وتركت كلية الطب لتكلل موهبتها في كلية الفنون الجميلة،لتصبح رسامة شديدة الأحساس والأبداع ،
كات الأهل والأصدقاء يلومها بعدم التمتع بمدخراتها الكثيفة ، ولكنها تخلت عن هذه المتع وحرصت على أكتشاف موهبين من خلال التعليم، بادرت حتي تكون معلمة للرسم في أحدي المدارس الحكومية، لتخرج طاقتها الأيجابية في براعم المستقبل، فعلاً بعد مدة قصيرة أستلمت خطاب من وزارة التربية والتعليم لكي تخبرها بالوظيفة الجديدة ، بينما نصيبها جاء إلي مدرسة في قرية فقيرة تكاد تكون معدومة، وبعد توصيات ومحيلات من أهلها بأن تترك هذه الوظيفة الرديئة في مجملها، لكنها لم تستجيب لندائتهم وذهبت لتلبي عملها ، كان أول يوم في المدرسة لذيذ للغاية ، ركنت سيارتها الفارهة بجانب سور المدرسة، ودلفت إلي الأدارة فنهضوا الموظفين من
أماكنهم خشية من تخيلهم بأنها مسئولة في الوزارة أوربما فنانة مشهورة، فألقت عليهم السلام صباح الخير مع حضراتكم { أميرة } معلمة الرسم الجديدة، بعدما تعارفت عليهم ذهبت إلي الفصل ، بدأ زملائها يتسألون ويتغامزون يقولون في حيرة شديدة ، كيف لهذه المعلمة الجميلة التي تردي ملابس راقية جدا وخاتم ألماظ في يديها وسيارة حديثة بأن تعمل في هذه الوظيفة المريضة، عندما دخلت الفصل وجدت أطفال بسطاء في الملبس والشكل والكلام،
تعاطفت معاهم لدرجة كبيرة بلا حدود، فعندما تلقي إليهم الدرس علي الصبورة تمنحهم بعض الحلويات والهدايا المعنوية والمادية ، ثم تداعبهم بلطف وتلعب معهم، فخطفت القلوب وانتشر صيتها في ربوع القرية ، ولقبوها بأميرة القلوب لدرجة أنها عندما رأت طفل منكمش يبكي بحرقة أقتربت منه ، وقالت ليه بتعيط ياشاطر ، ماما راحت عند جدتي في المنصورة وأتأخرت عليه وبابا عامل حدثة ورجله مقطوعة وبيعرفش يجي يروحني ، أخرجت من شنتطها منديل ومسحت دموعه ثم طبطبت عليه وقبلته على خده وقالت متخفش يا .....أنت أسمك ايه؟ قال أسمي حازم ماشي ياحازم يا شاطر انا هروحك دلوقتي لبيتكوا ،
كانت حكاية حازم تخوضها من أجل راحة بالها ومسئولياتها تجاه عملها بعدما تعاطفت مع حازم فهو عمل إنساني تؤجر عليه، دلفت إلي زميلتها في العمل وتدعي {سارة} وسألتها ، بقولك ايه يا سارة في طالب عندي في الفصل أسمه حازم ، أنا بشوفه كتير بيكي علي الفاضي والمليان،
سارة دي حكايته حكايه، بس عايزه وقت كبييييييير عشان أقولك،
طاب يلا أنا خلصت شغل ، ممكن أركب معاكي توصليني ،
أميرة ممكن يا ستي ، أتفضلي قدامي ، أستقلا السيارة ومعهم حازم الذي استغرق في النوم ، وعلي النغمات الكلاسيكية تحكي لها القصة المريرة في حياة حازم ، لقد توفت والدته وبتر قدم والده في حادثة تصادم سيارتين ،
أميرة ولكن حازم قال أن والدته سافرت إلى المنصوره،
سارة هكذا فهموه ولكن الحقيقة أنها توفت ،
أميرة مين اللي بيجيبوا المدرسة ويروحوا ،
سارة أحياناً عم خالد الفراش بيعدي علي بيتهم ويجيبوا معاه وهو مروح بردوا نفس الوضع،
نظرت سارة إلي عين أميرة فوجدت الدموع تسيل علي الخد ، فالموقف أثر عليها ،
وقالت لها أنا غلطانه أني حاكتلك الحاكاية المؤثرة دي،
أعتدلت علي الكرسي وهي تقود السيارة وقالت لها مفيش حاجه أنا كويسه،
صاحت سارة في وجهها ،أستني أقف هنا أنت كدا عديتي القرية اللي أنا ساكنه فيها ،
اميرة خلا خدي حازم معامي ووصليه وبكرة أنا اللي هوصله،
فعندما أنتهي اليوم وجني الليل سرحت وأسترجعت النقاش جيداً وعاشت أحاسيس ومرارة مالحق به الطفل حازم ،
وفجأة تدخل والدتها غرفتها وتقول لها انت نمتي ياأميرة
لا ياماما أنا مريحه عضلاتي شويه ،
عايزه اكلمك في موضوع مهم ،
اميرة دلوقتي ياماما ،
أيوا ، الموضوع ضروري
أميرة خير ياست الكل،
والله يابنتي في عريس متقدم ليكي وانت تعرفيه كويس ،
أميرة مين ياماما ،
ردت عليها المهندس باهر منير ابن رجل الأعمال الكبير منير العادلي ،
بتكشيرة وغضب قالت بص ياماما ياحبيبتي ، بالنسبة لي انا مش هتجوز حد ابوه اللي عمله وكل حاجه لاقاها متقدمة علي طبق من دهب ، فأنا أبحث عن شخص مكافح وطموح وعان كتير من مشقة وتعب ،
بعد أذنك ياماما عشان انام شويه عشان هروح الشغل بدري ،
بدأت عملها في اليوم الجديد بمنهي الحيوية والنشاط حتي انتهي وقت العمل فأخذت حازم معها في السيارة ،
وهي في طريقها اشترت بعض الحلوي والملابس الجديدة ،
ثم نزلا من السيارة ، وفي يدها بعض الهدايا التي اشترتها كهدية بييطة لخازم ، دق الباب حازم ليرد صلاح والده ، أفتح الباب يا حازم ، بعدما فتح ودخل ومعه بعض الهدايا
ووضعها علي الكرسي ،
صلاح ايه الحاجات اللي معاك دي ،
حازم ده ميس أميرة معلمة الرسم هي اللي جيباهم ،وهي واقفه بره،
صلاح وسيبها بره خليها تدخل قوام،
دخلت بخطوات رقيقة يشوبها الحياء ،وألقت التحيه السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
صلاح وعليكم السلام،اتفضلي ياميس أميرة ،
أميرة شكرا لحضرتك،
صلاح يحاول ان يتحرك من علي الكرسي ولمنه عاجز بعد ما قطع ساقه الأيسر ،
أميرة خليك براحتك متتحركش ،
بعدما جلست على اريكة وثيرة ، وهي تنظر في هذا البيت المتواضع لكن يملأه الأحساس بالدفئ والحنان،
صلاح تعالا يا حازم أسن ني بدأ يتكأ عليه وفي بده عكاظ يستند به كان يجر ياقه الأيمن ببطئ ،
حتي وصل إلى الثلاجة وقدم ليها عصير البرتقال ،
كانت أميرة مبهورة من تصميم هذا الرجل بأن يقدم ليها العصير ويتحامل علي نفسه،
دار النقاش بينهم حوالي نصف ساعة، أعجبها طريقه ح ار هذا الرجل القوي بشخصيته،
باد عليها السعادة من التدخل في خياة هذه الأسرة الصغيرة ،
ربما كانت عاطفتها جياشة ، فيبدو أنها سوف تقع في غرام هذا الرجل المسكين،
لكن عامل الإعاقة سبب وعائق لإكمال هذه القصة،
اهتمت بصداقة هذه الأسرة وتردت عليهم مرات عديدة،
جعلت مشاعر صلاح تتحرك نحوها ، ولكنه يعلم تماما أن فقره وعجزه يمنعه من الأرتباط بها،
كان يمتلكها الفضول أن تعرف حقيقة مشاعره ،ربما الرغبة المدفونة في عينيه تشي بعلامات الحب،
فأرادت أن تصحي غيرته،
فقالت له ، أنا ممكن الفترة الجاية أتأخر ومعرفشي أجي أزوركم،
عشان بصراحة جايلي عريس وممكن ارتبط بيه،
ظهرت علي وجهه علامات الضيق وصارت انامله مرتبكة،
وبصوت مخفوت وحزين ، وياتري العريس ده كويس ، وانت ايه مشاعرك نحوه،
أميرة: أنا شايفه أنه أنسان مستواه الأجتماعي والمادي معقول جدا، وبيشتغل شغلانه مرموقة ، وبالتالي أرفضه ليه،
صلاح: دي حياتك وانت حره فيها كل اللي هقدر أقوله أتمني ليكي حياة سعيدة،
أميرة : بسهولة كدا عايز تتخلص مني ومتشوفنيش،
صلاح : إن كان عليه أنا عايزك العمر كله مع..........؟!!!
أميرة أنت بتقول ايه انت عايزني،
صلاح : اسكتي حرام عليكي أنا بتعذب،
أميرة : بوصلي يا صلاح ، متخفشي من أي حاجة قول انك عايزني،
صلاحى أنا بحبك أفهمي بقا،
أميرة : وانا كمان بحبك وليه كنت مخبي عليه،
صلاح: لازم أخبي شوفي انت مين وانا مين،
أميرة : الحب مفهوش فرق بين غني وفقير،
صلاح: ده كلام أفلام بنضحك بيه علي روحنا،
أميرة: لأ ياصلاح بكره تشوف وأنا هتجوزك،
صلاح: أنت أتجننتي أهلك مش هيوفقوا،
أميرة : دي حياتي الشخصية ومن حقي أختار شريك حياتي،
هرولت إلي بيتها والدموع تملأ ةعينها من شدة الفرحة ، بعدما تأكدت من مشاعر صلاح لها ، ثم واجهت والديها بالزواج من منه،
ودارات بينهم مناقشات وحوارات كبيرة ولم تسفر عن أنجاز ، فكانت النتيجة أن والدها سحب منها مفتاح السيارة ، ومنعها من الذهب للعمل ، وتم قهر مشاعرها بعد حبسها في البيت،
وتم رفض الخوض في الموضوع مرة ثانية لتعيش حياة بائسة بدون حبيبها الفقير ، وينتصر المال علي الحب في نهاية مأسوية؟!!!!!!
الاسم رامي زيدان
البلد مصر
الصفة الادبية اديب وشاعر