... دارت عقارب الساعه معلنة انتصاف الليل وكعادتي بدأت ارتشاف فنجان قهوتي المميزه علي أنغام لحن الوفاء بصوت المطرب الراحل ( حليم )
... نويت لملمة أوراقي المبعثرة هنا وهناك
... وانا كذلك وقع بصري علي مكتوب بخط صديق لي رحمه الله وكأني علي موعد مع الذكريات المؤلمه أعدت قراءة هذا الخطاب ودموعي تنهمر عليه أولا ثم علي سوء حظه وتعثر خطواته
... ومر أمامي شريط ذكرياتي معه مع كل كلمة مخطوطة في هذا الخطاب تذكرته هو وزملائه وزميلاته حين جمعهم الأربعة عملا واحدا
... تذكرت بشاشة وجهه وانفراج اساريره ولمعان عينيه حينما كان يحكي لي عن زميلته التي كانت تتميز بجمال الروح والوجه
... ولأن طول العشره يولد النظره ثم الابتسامه ثم السلام ثم الكلام ثم الموعد ثم اللقاء
... فقد مر بهذه المراحل بنفسه دون استجابة منها فكان يحكي لي عنها بلسان قيس وحينما يرسم صورتها في حكاياته كأنه يصف عبلته فقد أحبها بعقله فكان يرتاح لها ويتفاهم معها
... واحيانا يستجيب له قلبه فينبض واحيانا أخري تستجيب روحه لسيرتها فتهفوا إليها
... ومع استمرار العشره فقط أخذ الأمر منحا أكبر فأصبح يعتاد وجودها ويأنس لها وجمعهما عشرات التفاصيل الصغيره
... واستجاب قلبه فكان يخفق لرؤيتها أو لسماع صوتها أو لصورتها وحينما تقسو عليه يتالم لألم قسوتها علي نفسها وبعدها إذا فضلت البعد
... وتحول الأمر إلي مرحلة العشق وهذا أعلي وأقوي مراتب الحب واندرها واصعبها لأنه يحمل كل المعاني والاوجاع والمعاناة فقد اسره عقلها وقلبها وجمالها حتي تفاصيلها فكلها تنصهر في شخصيه واحده
... حتي أصبحت فخا وقع فيه كفخ قيس مع ليلي ولم يجد خلاصا منه ولا نهاية له ولم يرتوي ولم يشبع فهو لا مقاييس له ولا يري أسبابا واضحه عجز العلماء عن وصفه وعن تفسيره فهو لايعترف بالقوانين وليس له أبعاد فهو متناهي في الحدود ولايرضي بشريك ولا يكتفي كالنار التي تأكل كل شىء وتقول هل من مزيد ولا يفيد فيه عقل ولا منطق ولا يقتله هجر ولا قسوه ولا تضعفه مسافات
... رحمه الله كان يكلمني عنها كثيرا وتلوح كلماته بغيرة عمياء قاتله أكثر من أهل بيته حتي أنه كان يغار علي ظلها أن يطأه أحد غيره
... كان دائما يردد لي هذه الابيات وكأنها أمامه بروحها يلاطفها وتلاطفه :
...حظيت ياعود الاراك بثغرها ... أما خفت ياعود الأراك أراك
... لو كنت من أهل القتال قتلتك ... مافاز مني ياسواك سواك
... صديقي كان سىئ الحظ فقد رفضته حين طلبها للزواج فقد كانت تنظر إليه من أعلي ربوه فتراه صغيرا في كل شىء رغم أنه يحمل قلبا كبيرا يسع عالم حواء بأكمله وتزوجت زميل ٱخر يملك من أسباب الدنيا الكثير وتركته مع أشجانه وشجونه وعبراته ودموعه ولوعة الفراق وبعد انتظار طال به سنوات يعاني من قسوة الذكريات المؤلمه تزوج من زميلتها لعلها تذكره بها ويسمع منها حكايات عنها لعلها تخفف عنه وتواسيه وتعزي نفسه المحطمه
... تدخلت يد القدر فكما فقدت حبيبته زوجها هو كذلك أصبح أرملا
... راودته نفسه أن يتقدم لخطبتها مرة ثانيه لعله هذه المره يحظي برضاها لترتاح نفسه وتهدأ أعصابه وتنضبط ضربات قلبه وتنطفى نيران الفراق
... وكما أنه قد تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن فق صدمته مرة أخري مع إختلاف السبب فقد ذكرته بوفاءها للمرحوم زوجها فكانت صدمة أشد من الصدمه السابقه لأن الأولي تحملها فقد كان في ريعان شبابه والآن وقد خارت قواه وذبلت وردته وضعفت نفسه فلم يتحمل رفضها له باي حجه
... وكانت هذه الرساله التي كانت من حسن حظي أن تصلني منه لأعطيها لها في يدها لعلها يرق قلبها وتحنوا عليه ولكن كانت يد القدر اسرع من يدها فقد قبضت روحه قبل توصيل الرساله لحبيبته فاحتفظت بها قال فيها :
( سيدتي :
كانت مصارحتك لي باعترافك البقاء ارمله وحيده حتي تلحقي بزوجك ضربة قاسيه وقاسمه لظهري لم أستطع الصمود أمامها فتركتك مصدوما مضطربا ومضيت أنتقل من مآسي مريره الي يأس قاتل حتي أدمنت وتهالكت علي فراشي للهروب من الحقيقه المره وفيما يري النائم رايت نفسي قد انتقلت إلي العالم الاخر ورحت أضرب فيه في حيره ولهفه كمن يبحث عن عزيز فقده وفجاه رأيت ملاك فسألته عن زوجك فارشدني اليه الذي قام واستقبلني بالترحاب والبشر وأخذ يسألني عن العمل وكل الزملاء ومن الغريب أنه لم يذكر إسمك علي الإطلاق فعاتبته لماذا لم تسأل عن أرملتك فأرسل زفرة ثم قال أنت تعيدني الي ذكريات الماضي التي يجب علي الإنسان أن ينساها هنا ليعيش سعيدا
... لقد إضطرتني الظروف هنا أن أنساها وأتزوج من جميله تسعي لاسعادي بكل جهد
... كنت متأثرا ياسيدتي بوفاءك له فقلت له إن زوجتك علي الارض أوفي منك لأنها لاتريد أن يلمسها رجل بعدك ولقد أحببتها وطلبت يدها فرفضتني وفاءا لذكراك
... وهنا ياسيدتي رأيت زوجك يبتسم في إشفاق قائلا إني أرثي لحالك وحالها ..
... وهنا فتح الباب ودخلت زوجته وكانت دهشتي حينما فوجئت انها كانت زوجتي الراحله
... فركت عيني مكذبا نفسي ثم سالتها ألم تقسمي أن تكوني لي وحدي فأجابتني في برود لقد كنت لك زوجه مخلصه في الدنيا أما هنا فعالم ٱخر التقيت برجل ربطت السماء مصيري به
... الحق اقول اني صعقت بردها البارد المستهتر وهممت لأضربها فافقت من حلمي ولكن لا أزال في وسعي أن انتقم منها وانا متيقظ بل في وسعك انتي أيضا. أن تنتقمي من زوجك فهيا ياعزيزتي ننتقم سويا
توقيع :العاشق الولهان )
... تحياتي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق