الاثنين، 4 مارس 2024

إن الله يمهل ولا يهمل بقلم فتيحة المسعودي

إن الله يمهل ولا يهمل

قطرات دم تنزف على الأرض رسمت خطا متواصلا بين ميدان القتال وواحة رملية تبعده بعدة أمتار ؛؛ حيث مكث مقاتل شجاع ، بعد إصابة عميقة في رجله اليسرى ،، ما كان عليه إلا أن يخرح من الميدان بخطواته الثقيلة يقاوم المشي ورجله تنزف دما ، دوران حاد ينتاب رأسه ،، سقط على الأرض وجثا على ركبتيه بعد أن قاوم الغماء ؛؛ متضرعا من الله العلي القدير النصر .. وبعد لحظات وجيزة ، بدا له من بعيد حشد كبير من الناس بلباس موحد أبيض اللون !!.. وكان النور يشع من وجوههم !! ، وهم يقتربون نحوه مع ترديد أناشيد دينية جميلة وهتافات قوية !،، إندهش من رؤية ذلك المنظر ، أخذ يحدق في الحشد الكبير بدهشة ، وهو حائر بين دهشته وضياعه .. لا يعلم أين هو وماذا حل به !!،، وهو في حيرة من أمره رأى شخص يركض إليه من بعيد ، وقد كان شخصا مميزا من بين هؤلاء الناس ،، والكل يصفق له ويستقبله احسن استقبال .. وكان الشخص الراكض يشعر بالإفتخار والقوة !،، قد بدأ يقترب شيئا فشيئا، فجأة صرخ المقاتل .. أبي !!! نعم إنه أبي !!!! .. يا إلاهي ،، ماهذا النور المشع من وجهه ؟؟ ،، ماذا بينه وبين الله حتى يبدو بهذه الهيبة وهذا النور الرباني ؟ ، ولم الجميع يوجه له كل هذه التحايا العظيمة ؟؟.. ويستقبلونه بكل هذه الفرحة العارمة ؟.. الأب يقترب ،، والإبن يردد : أبي .. أبي .. إشتقت إليك كثيرا ، هيا.. إقترب أكثر يا أبي ..حتى يمكنني معانقتك بقوة ، لا تتوقف ياأبي !!.
الحمد لله هاقد وصلت .. قفز المقاتل بما لديه من قوة ليرتمي بين ذراعي والده ؛؛ في هذه اللحظات المؤلمة التي تختلط بالفرحة والألم .. فتح الأب ذراعيه ليعانق إبنه الذي لم يراه منذ 20 سنة !! ؛؛ يوم قاتل في سبيل وطنه وبلاده .. كان بطلا شجاعا ، الى حين أصابته رصاصة هادفة من العدو !.
فقتل شهيدا أنذاك ..
وأمسى في السماء حي يرزق !.
قبل أن يضم بعضهما البعض ، وقبل أن يكتمل العناق والفرحة .. استفاق البطل من الغماء!!، على صوت يصرخ ويقول :!! ولدي.. إبني .. لا تتركني كما تركني والدك ؛؛ أرجوك لا ترحل .. حسبي الله ونعم الوكيل .. في مثل هذا اليوم إستشهد والدك المسكين ، كان ضحية غدر وخداع !!!، ورصاصة مشؤومة هادفة !!،، فتح المقاتل عينيه ونظر إلى أمه نظرة أمل .. فقال بصوت خافت : لا تقلق بشأن أبي .. إنه بخير يا أمي .. أنه حي لم يمت !!!.. أبي حي يرزق!!! .. عانقت الأم إبنها البطل ، وفي لحظة عناقهما ،، سمعت أصوات تتعالى .. الله أكبر .. الله أكبر .. ظهر الحق وزهق الباطل .. الحمد لله والشكر لله رب العالمين .. النصر لنا ،، اختلطت الدموع بالفرح .. عمت الزغاريد .. ورفعت الرايات!!!.. إبتسم البطل إبتسامة عريضة وقال : لا عليك ، أنا بخير ياأمي .. تعانقا من جديد ورددت الأم : الحمد لله يابني .
إن الله يمهل ولا يهمل 

بقلم فتيحة المسعودي
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

‏بنك القلوب بقلم ليلا حيدر

‏بنك القلوب بقلمي ليلا حيدر  ‏رحت بنك القلوب اشتري قلب ‏بدل قلبي المصاب  ‏من الصدمات ولما وصلت على المستشفى  ‏رحت الاستعلامات ‏عطوني ورقة أم...