بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف حديث للأدب 2..
النقد وصناعة المصطلح النقدي الحديث
وضحنا في المقال السابق أنه يجب أن يكون هناك تعريف جديد للإدب
لأن التعريف القديم للأدب به بعض الخلل المنطقي
أو أنه لا يلم بوظائف الأدب وأنواعه إلماما تاما وقلنا أن الأدب هو التعبير اللغوي الفصيح المبدع المعبر عن كل ما يجول في نفس الإنسان من تجارب وخبرات وخيال ومشاعر والذي يعبر أيضا عن علاقة الإنسان بالجمال والقبح والخير والشر
ووقفنا عند الأدب الخيالي المكثر من استخدام الاستعارات والتشبيه والمحسنات البديعية يزيد عليه موضوعه الخيالي
المبحر بعيدا عن الواقع
ويبقى علينا أن. نتكلم عن النوع الرابع من الأدب
وهو أدب النقد٠
وهو. حسب تصنيفنا نوع من انواع الأدب الواقعي وهو الأدب
المبحر بالتحليل والتفسير والتعليل في خيال الكاتب والشاعر مقدما تحليلا ادبيا ونفسيا للكاتب
ولنصه معتمدا في ذلك على تشريح النص تشريحا أدبيا دقيقا من حيث اللغة والحالة والأسلوب
ويمكن أن نعرف النقد بأنه هو التعبير الراقي عن موقف كلي متكامل اتجاه الفنون جميعا أو الي الشعر والأدب خاصة
كما يقصد به أيضا القدرة على تقييم العمل الفني أو القدرة على تقييم العمل الأدبي من حيث جودته وردائته ويلزم الناقد من أجل أن يُعنرف به كناقد القدرة على التحليل والتفسير والتعليل كما يلزمه أن يكون ذو باع في علوم اللغة من بلاغة وبيان ونحو وإن يكون مطلعا على ترجمات الآداب العالمية..
أو أن يكون مطلعا على أصولها. وأزيد اننا إذا كنا بصدد ناقد للآداب العربية فيجب أن يكون هذا الناقد قارئا جيدا للقرآن ولديه معرفة لا بأس بها بنحوه وببلاغته أما بخصوص من سيتصدر لنقد الأدب العالمي فمن المهم أن يكون مطلعا على التوراة والإنجيل وكتب الأديان الأخرى ليكون قادرا على الكشف عن ما كل ما يستلهمه الأديب من هذه الكتب المقدسة كما أنه يجب أن يكون له معرفة بعلم الميثلوجيا والاساطير وآراء الفلاسفة حول الأدب والشعر وأن يكون قارئ جيد لعيون الأدب العالمي وقد يحتاج الناقد كل هذه المعارف عندما يتعرض لنقد نص محلي متميز
ويرجع تعريفنا للنقد الي التعريف القديم وجذور نشأته قبل الإسلام
فلقد نشأ النقد مع الأدب ؛ لأنّ الأديب نفسه كان ناقدًا لعمله، وهو ينشِئ النص، فيقوّمه، ويعدله، ويبدل كلمة بأخرى، ويقدم بيتًا على آخر أو فقرة على أخرى، ويقترن تاريخ النقد الأدبي عند العرب بتاريخ الشعر العربي ومن الدلائل المهمة على اقتران الشعر بالنقد أن بعض الشعراء روي عنهم انهم كانوا يبقون قصدائهم حولا كاملة لينقوها من النقوص اللغوية والأدبية وليضيفوا إليها صورا أكثر جمالا ومن هولاء الشعراء
زهير بن أبي سلمى والحطيئة، ولذلك يرى كثير من مؤرخي الأدب أن تاريخ النقد الأدبي بدأ عند العرب منذ العصر الجاهلي، ولكنه لم يكُن معروفا بمصطلح النقد .
مفهوم النقد عند النقاد القدامى
كان قدامة بن جعفر قد عرَّف النقد بأنّه علم تلخيص جيد الشعر من رديئه؛ كي لا يتخبّط الناس في الشعر، وكي يتفقّهوا في علوم اللغة والشعر لأنهم قليلا ما يصيبون في فَهم الشعر، فالنقد يُبين صحة الكلام وصوابه ويوضح معانيه
ولذلك كان لابد للناقد من التمكن من أدواته، وذلك انه كان عليه أن يلمّ بالعلوم الأدبيّة المختلفة مثل عِلم الغريب، وعِلم البلاغة والنحو، وأغراض المعاني، وعلمَيْ الوزن والقوافي، والثقافة العامة في الأدب.
الأشكال النقدية عن العرب
تمتدّ صلة تاريخ النقد الأدبي عند العرب من علوم اللغة إلى عِلم المنطق فمنذ العصر الجاهلي عُرفت ألوانًا مختلفة من النقد، ولقد أجمل العلماء الأشكال النقدية عند العرب كما يأتي:
القصائد الحولية المحكّمة: وهي القصائد التي استغرقت حولًا كاملًا في تدقيقها الشديد أو مراجعتها
. الاحتكام:
وهي أن بعض الشعراء كانوا يلجؤون إلى من يُفاضل بينهم، ولُقِّب هذا الحَكَم بالقاضي، فكان يحكم بين الشعراء أيُّهم أجود بلاغة ولفظًا.
الأسواق الأدبية:
وهي الظاهرة التي امتدت من العصر الجاهلي وحتى العصر الإسلامي، وهذه الأسواق مثل سوق عكاظ وسوق المجنة وسوق المجاز
مجالس الشعراء: كانت مجالس الشعراء تدور فيها ملاحظات الشعراء بعضهم على بعض، وهي ملاحظات ذات قيم نقدية، وكان لكل شاعر طريقته الخاصة في النقد
. تاريخ النقد الأدبي عند العرب
يستند مؤرّخو النقد العربي القديم إلى أنّ تاريخ النقد الأدبي عند العرب يبدأ في عصر ما قبل الإسلام، ويرى بعضهم أن النقد المنهجيّ على نحوٍ خاصّ يبدأ في القرن الثاني للهجرة، فالاختلاف في هذه الآراء يعود إلى أن الطائفة الأولى لا ترى في النقد غير الأحكام الجزئية السريعة الانطباعية،
، والطائفة الثانية ترى أن مثل هذه الأحكام ليست من النقد في شيء، وأن النقد الصحيح هو الذي يستند إلى قواعد وأصول ومنهج، وأن مثل هذا لم يحصل إلا في القرن الثاني للهجرة
ولقد شهد تاريخ النقد الأدبي عند العرب في أواخر القرن الأول ازدهارًا ملحوظًا سببه فيما يرى الدارسون كثرة الشعراء، وتعدد البيئات الأدبية، وعودة العصبية القبلية، وشيوع مجالس الأدب والغناء في الحجاز وكثرة الأسواق الأدبية في العراق، وعلى الرغم من أن هذه الأسباب تختلف قوة وضعفًا من بيئة إلى أخرى، فقد تضافرت جميعًا على خلق روح جديدة في النقد، وعلى تحليل صياغة الشعر ومعانيه وإن يقدم تحليلًا فيه عمق وفيه تنوع وفيه اختلاف
و أرى أن العلماء غفلوا وقوف الشعراء امام الملوك
في الجاهلية وفي الإسلام لأن ذلك ساهم قبل وبعد الإسلام في ظهور النقد لأن ذكر قصائدهم التي القوها أمام الملوك ساعد على تقييم مراتب،الشعراء وطبقاتهم حيث نجد أن كثير من الشعراء الذين ذاع صيتهم قبل وبعد الإسلام كانوا على علاقة بملوك بزغ نجمهم ومن هولاء الشعراء الصحابي الجليل حسان بن ثابت وقد ثبتت علاقته بملوك الغساسنة في الجاهلية ومدحه إياهم وكذلك عنترة بن شداد العبسي ومدحه للنعمان وجاء من بعدهم من، دخل على الخلفاء ومدحهم مثل الفرزدق وجرير والأخطل
النقد من حيث مفهوم العوام
والنقد من حيث مفهوم العوام هو رأي المتذوق في العمل الأدبي
وهو من وجهة نظري ينقسم لأربع أنواع
نقد الجاهل وهو الذي يبدي رأيه في عمل أدبي غير معتمد على ثقافه تؤهله لإبداء الرأي فتجده يعتمد الابتذال أدبا وينكر على أهل الأدب تأدبهم
النقد الهدام وهو ما نطلق عليه النقض، بمعنى الهدم
وهو رأي شخص ذو ثقافة ولكن معايير الذوق عنده تكون مختلة أو أنه قد يكون متظاهرا بالوعي الثقافي ولكنه لا يملك هذا الوعي وقد يأتي النقد الهدام لمن يتعصبون لمدارس ومذاهب أدبية دون أخرى
النقد البناء وهو. رأي المتذوق المثقف الذي لا يشتغل بالأدب والذي لم يدرس النقد دراسة أكاديمية ولكنه يبدي رأيه في العمل الأدبي بإنصاف وتعقل ويشرح تأثره بالعمل وأحساسه به وهو أحد أهم مقاييس النقد الهامة
لأن كثير من الأكاديميين يضعون هذا الرأي في حساباتهم
النوع الخاص وهو رأي المتذوق المثقف الأديب الذي يبدي رأيه في العمل الأدبي من حيث تذوقه واحساسه يزيد عليهما آراء المدارس النقدية أو رأي مدرسة نقدية معين في العمل الأدبي
كما أنه يبرز عيوب النص ومزاياه من وجهة نظر عادلة وموزونة
كما يبرز مدى التزام الأديب اللغوي بعلوم اللغة مع تقديم تفسير منطقي لسبب إنجاز العمل من قبل الكاتب
وقديما كان النقد أمر يقتصر على الجمهور فقط فما استحسنه الناس في سوق عكاظ أو، في المجالس والندوات
وإلى اللقاء مع الجزء الثالث من تعريف حديث للآدب وصناعة المصطلح النقدي
بقلم د على الحسيني المصري