الإعدام أرحم
وقوع البلاء أرحم من انتظاره
بقلمى : د/ علوي القاضي
... حقيقة تطور الغرب التي يغفل عنها الكثير ، صحيح أننا أبناء الشرق مصنفون فى العالم الثالث ، وصحيح أننا لسنا في مرتبة التطور الذي بلغه الغرب ،لكن كل مانملكه حلال وتم بأموال الشعوب , لم نسرق دولارا واحدا من دولة أخرى لأننا خلقنا وتربينا على الأخلاق الإسلامية
... لم نستعمر شعبا من شعوب العالم لأجل إبتزازه أو سرقة ثرواته كما يفعل الغرب ، ولم نشارك في غزو ولاعدوان ولاحرب ، ولم نساعد على قهر الشعوب وقتلهم بالبطئ ، ولم ندعم أي إحتلال بل شعوبنا هى أكثر من عانت من ظلمهم ، وبالمقابل نجد مثلا إحدى دول الغرب كل ثرواتها أتت بها من دول إفريقية وكل منشآتها تمت بأموال النهب و السرقة التي أتت بها من القارة الأفريقية
... ودولة أخرى ، كل ثرواتها و أموالها من حرام و كل منشآتها كانت نتيجة الغزو المبرمج للدول والشعوب المستضعفة و التي كان آخرها أفغانستان ، العراق ، الصومال ، وحتى دول الخليج العربي لم تسلم من جبروتها فكان الأمن مقابل الدفع وبالإكراه
... إذا فلا تغتروا بمدنية الغرب ، كلهم لصوص و قطاع طرق ، أما نحن فلله الحمد كل أموالنا و ثرواتنا و منشآتنا حلال
... كل ماسبق يحدث لعدم وجود حكاما مخلصين لأوطانهم ، فعندما تملك الشعوب الحرة قيادات وطنية صادقة ، فإنها تجسد وترسخ واقعا حرا إن أرادت أن لا تقهر ولا تستعبد ولاتنهب ثرواتها
... فالشعوب قوة لايستهان بها ولاتقهر عندما تقودها قيادات مخلصة تتربع على الصفوف الأولى لمواجهة المستعمر ، أما لو كانت غير كفء فى حماية شعوبها ستترك الشعب تائها في خضم فوضى عارمة ، وكأنها حكمت على شعوبهم بالقتل البطئ ، ومن المؤكد لو أن هناك حكاما مخلصون لكان الوضع مختلفا ، ليس على مستوى الداخل بل وعلى مستوى المجتمع الدولى
... وحولنا من الدروس الحية الكثير والكثير
... كتاب [ الأمير ] للفيلسوف (ماكيافيللى)
... كان « موسوليني » لا ينام حتى يقرأه وقيل أن « نابليون » و « هتلر » كانا يتَّخذانه مرجعًا لسياساتهم العدوانية الإستعمارية التسلطية
... ويرجع ذلك لما للكتاب من أهمية فى تقدِّيم نظريات في الحكم الديكتاتوري ، ويجيب على أسئلة الحُكَّام والأُمراء المتسلطين ، مثلا : كيف تُحْكَمُ البلاد الموروثة ؟! وما هي أنواع السلطة وكيف تحصُل عليها ؟! وكيف يتملك الزعيم شعبه ويستعبدهم ؟! وكيف تحُكم الإمارات الدينية والمدنية بالحديد والنار ؟!
... أثار الكتاب جدلاً واسعًا حيث انتقده الكثير وعدُّوهُ تحريضا على قهر الشعوب وإذلالها وقتلها بالبطئ ، أى باختصار هذا الكتاب يعلمك كيف تكون حاكما مجرما دكتاتوريا
... واعتبره آخرون دليلاً للشعوب على معرفة مواطن الغدر وصنوف الخداع التي يسلكها الحكام ضد شعوبهم لتوخى الحذر والتحريض على الثورة ضدهم
... فكان درسا تعلمنا منه الكثير ومن تلك الشعوب التى تعانى من قمع حكامها وتسلطها ودكتاتورياتها
... نظريات قهر الشعوب وتركيعها من خلال الرعب تارة والترهيب تارة أخرى ، لاحظناها بكل وضوح مطبقة على أرض الواقع ، وكثير من الحكام المتسلطين يستخدمون نظريات المؤامراة وآليتها كالإرهاب الذى نعيش داخل دواماته كمخططات لها اركان وضوابط وغايات
... واتبع ذلك بالرعب الذي دخلت فيه الناس والقهر الدعائي الموجه بشدة وفقدان المواد الأساسية للحياة ، كل ذلك وغيره ليس بريء ، ولكن له غايات
... هذا هو قهر الشعوب ورجالها
، فعندما تبكي الرجال لأنها عاجزه ان توفر لقمة عيش لأولادها
، لاراتب ، ولافرص عمل ، والأسعار فى صعود يوميا دون توقف
... عندما تشاهد أولادك وانت لاتستطيع توفير لقمة العيش لهم وتبكي قهرا والما
بينما امراء الحرب يغنون غناء فاحش ويموت الشعب جوعا بالبطئ حينها ستختار الإعدام أرحم وأسرع
... مليونير أودع في السجن تمهيداً لإعدامه
... قرر رشوة الحارس لتهريبه من السجن
.. فأخبره الحارس بأنه لا يغادر السجن إلا في حالة واحدة وهي الموت ، ودبر له الخطة التالية :
. . " الشيء الوحيد الذي يخرجه من السجن بلا حراسة هي توابيت الموتى , التى تنقل فيها إلى المقابر
... التوابيت تنقل يومياً في حال وجود موتى والحل الوحيد هو أن يلقي السجين بنفسه في أحد التوابيت مع الميت ، وحين يتم دفن التابوت سيأخذ الحارس هذا اليوم إجازة طارئة ويآتي بعد نصف ساعة لإخراجه وبعدها يعطيه ماإتفقا عليه من الرشوة ، وافق السجين على ذلك
... وفي اليوم التالي مع فسحة المساجين تسلل المليونير لحجرة التابوت
... فتح التابوت وهو مغمضاً عينيه ورمى بنفسه فوق الميت الذي بالداخل وانتظر حتى سمع صوت الحراس
... بدأ يستشعر الإنتقال خطوة بخطوة إلى المقابر
... حتى وصلوا وأنزل الحراس التابوت وسمع همهمتهم
... هاهو الآن يشعر بنزول التابوت إلى حفرة عمقها ثلاثة أمتار وصوت الرمال تتبعثر على غطائه وثرثرة الحراس بدأت تخفت شيئاً فشيئاً
... وهاهو الآن مدفون على عمق ثلاثة امتار مع جثة رجل وظلام حالك والتنفس يصبح أصعب مع كل دقيقة تمر
... انتظر وصول الحارس ولم يحضر ، تململ ، بدأ التنفس يتسارع ويضيق ، أصبحت الحرارة خانقة
... مرت عشر دقائق ولم يحضر الحارس
... بدأ يسعل ، ومرت 10 دقائق أخرى ، الأكسجين على وشك الإنتهاء والحارس لم يأتي بعد !
... سمع صوت جمهرة من الناس يهتفون بعيدا جداً اعتقد انهم سينقذوه ولكن اختفى صوتهم فجأة وضاع الأمل مرة أخرى ، زاد نبضه فى التسارع ، اصيب بهلوسه سمعيه وأعتقد أن فى الخارج أصواتا جاءت لتنقذه ولابد أنه الحارس
...لكن الأصوات تلاشت !
... شعر بنوبة من الهستيريا , خيل اليه أن الميت يتحرك وأخذ يحدث نفسه ( تُرى هل تحركت الجثة وهل دبت فيها الحياة ) !
... وزادت الهستيريا فصوّر له خياله أن الميت يبتسم له بسخرية !
... أخرج الكبريت ليتأكد من ساعة يده ، لابد أنه لايزال هناك وقت
... أشعل عود كبريت وخرج شعاع ضعيف لقلة الأكسجين ، قرّب الشعلة من الساعة , لقد مرت أكثر من خمس وأربعين دقيقة !!
... خطر له أن يرى وجه الميت ليعاتبه على ضحكاته الساخرة حسب ظنه !
... إلتفت برعب وقرب الشعلة ليرى آخر ما كان يتوقعه في محنته هذه ! إنه ( وجه الحارس ذاته ) لقد كان أمله الوحيد فى إنقاذه ، ولكن مات الأمل بلا رجعة ، وتذكر الحكمة التى تقول ( من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد )
... وأخيرا استسلم للموت البطئ ، وحينها علم أن الإعدام كان اسرع وارحم له وندم على تمرده وعدم تنفيذ حكم الإعدام وهنا أخرج من جيبه وريقات وقلم ليكتب ويسجل تلك التجربة القاسية ، لعل من يعثرون عليها يستفيدون منها ونصحهم فى آخر مقاله أنهم إذا خيروا بين أمرين يقبلون الإعدام أرحم من الموت البطئ فهو عذاب للجسد والروح
... هذا حال شعوبنا ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وانا لله وإنا إليه راجعون ، سلم يارب سلم
... تحياتى ...