أمي
شعر:عبد خلف حمادة
••••••••••••••••••••••
نبع العطاء وفيض الخير في أمي
ومعدن الصبر في الأرزاء والهمِّ
يا كوة النور في ظلماء محنتنا
وآية اليسر في كيفٍ وفي كمِّ
ألقى الشقاء على العمَّالِ بصمتهُ
وأدبر الوقت في كدحٍ وفي لمِّ
بالسعيِّ ولَّتْ سنون الدهر هاربةً
سنونُ ملأى بضيقِ العيش والغم
كم من ليالٍ لذيذ النوم فارقها
تُمَرِّضُ البعض في صبرٍ وفي كتمِ
ففي الصباح قُبيل الفجر موعدها
مع العمالةِ في كدحٍ وفي عزمِ
ماذا أقولُ؟!،أصاب العجز قافيتي
وكيف أنصفها بالشعر والنظمِ
أمَّاهُ يا قمماً في البذلِ عاليةً
مشهودة دوماً بالنبلِ والشممِ
يا جنة الله في الدنيا وزينتها
تظلُّ معذقةً من طَيِّبِ الكرْمِ
لَوَاحَةُ الدهر أنت رغم قسوتهِ
أنتِ الملاذ عن الأعداء والظلم
فكنزُ قارونَ ظلَّ الفقرَ يدفعهُ
منأى الجميع من الإفلاس والعدْم
أنتِ المصحُّ حباكِ الربُّ نجدتنا
إليكِ نهرعُ من جهْد ومن سقمٓ
يا أيها العشُّ كم آنستَ غربتنا
وكنتَ مفزعنا في وحشةِ اليتمِ
ففيكَ تنشف رغم البؤس دمعتنا
لسنا نخاف من الأشباح والوهمِ
وروضة الأنس نرنو نحو حضرتها
وفي الدياجير(:الظلمات)بان النور كالنجم
كرسي اعترافٍ ورهبانٌ وموعظةٌ
تكون مطهرةً من أعظمِ الإثمِ
ألقى الإلهُ علينا فرض طاعتها
مُوْصٍ بعشرتها في الآيِّ والخَتْمِ
فليس يُعبدُ إلا الله منفرداً
بالأمِّ إحسانٌ لا أرضَ للصَّرْمِ
في أشهر الجُدْبِ والأعصار مقصدنا
تفيض عكتها(:وعاء للسمن)بالسمنِ والشحم
إن لَفَّنِي الكرب والأيام مدبرة
أمَّاه يافرحي أعظمْ بذا الاسمِ
أو زارني الخطب والأحداث عاصفةٌ
فأنتِ مُؤتَمني من وجهها الجهْمِ
فمن سواكِ حماكِ الله يا سندي
عندي يُرَّجى وليس الغير بالشهمِ
أجارني اللهُ من مُستكبرٍ أَشِرٍ
أظلَّ مُلقىً على أعتابهِ مرمي
لا أوجدَ اللهُ فَدْمَاً(:الأحمق)ضمن دائرتي
وأسوأُ الحظِّ أن تحيا مع الفدمِ
يا(أمَّ عبدٍ)رماكِ الدهرَ بالعللِ
وعلةُ الدهر تفري جثة الضخم
الورد يذبل والأوراق في يبسٍ
وكنتِ يوماً بوجه الحسن كالوشمِ
ظهرٌ تقوَّسَ والأعضاءُ عاجزةٌ
نابُ البليةِ لاكتْ معظم اللحمِ
غزا الدمار قلاع الجسم كاملةً
وراحَ يسعى وراء الجسم والعظمِ
تُغالبُ الداء قسراّ وهيْ صابرةٌ
إيمانها جبلٌ لم تُعنَ بالشؤمِ
أرحامها قطعوا عنها معونتهم
والكلُّ منشغلٌ مغموسُ باللؤمِ
أيدٍ لها سلفتْ بيضاءَ ناصعةً
أفضالها نَكروا عميانُ بل صمُّ
أموالها أكلوا سحتاً ومعصيةً
لاقوا صنائعها بالجور والظلْمِ
حتى عيادتها في عرفهم منعوا
ألقوا ضعينتهم فريسةَ السقمِ
الله كلَّفنا بالكلِّ نحملهُ
أيضاً بشرعتنا الغُنْمُ بالغُرْمِ
أرحامنا أبداً بالعرش عالقةٌ
جِنانُ بارئنا لذيذة الطعمِ
في الخلق قاطبةً سادت شريعتنا
مَن ضلَّ منهجنا محكومُ بالعُدْمِ
نعماء خالقنا للشكر موجبةٌ
إنَّ الشكورَ خِلافِ الآكلِ النَّهِمِ
إن رمتَ توسعةً في الرزقِ والأجلِ
عليكَ مُستَطرٌ إكرامُ ذي الرَّحِمِ
أماهُ بِرُّكِ أرجو أن يِجَوِزَنِي
على الصراط وأخشى زلةَ القدم
ماذا أقولُ و غِلُّ الفقرِ قيَّدني
ولستُ أملكُ نَقْدَ المالِ والنَّعَمِ
وكيف أقضي حقوقَ الأمِّ كاملةً
والرزقُ مُكْتَتبٌ في اللوحِ بالقلمِ
علَّ انكساري وحُسْنَ القصدِ ينفعني
والحظُّ يدركني في ساعة الندمِ
••••••••••••••••••••••
مع تحيات الشاعر والكاتب عبد خلف حمادة