ــــــــــــــــــــــــ
لكلٍ منا فترات ونمر بلحظات سعيدة ممتلئة بالفرح والاطمئنان ولحظات أخرى يظهر علينا الفتور والحرمان..لا الفرح يدوم، ولا الحزن يدوم فالدنيا دار فناء اُعدت للبلاء اختبار للإنسان إذا اجتاز هذا الاختبار نال الهناء في الآخرة دار البقاء..نمر بفتور ونهوض.. حزن وفرح.. سعادة وشقاء فتتنوع أيامنا بين هذا وذاك..
فنجد بعض الأشياء إذا جاءت متأخرة كانت قد فقدت شغفها ، أو أن وجودها أو زوالها أصبح لا قيمة له ، أو مع البعد ازداد من شغفنا لها لدرجة كبيرة، وكل هذه الأشياء من حكمة الخالق سبحانه..
قد يمنع عنك سبحانه بعض الأشياء ليس لمعاقبتك أو لحزنك وشقائك ، وإنما لتتقرب منه أكثر فأكثر فالله يسعد بتقرب عباده منه، ويفتح لهم جميع الأبواب فالقرب من الله عز وجل سكينة واطمئنان وأمان كالترياق يشفي من داء الغدر و الخذلان.. وهنا تصل إلى مرحلة الصبر أجل قد تمر بأشياء ليست هينة ولكنها تقويك وتدفعك بقوة إلهية ملئت قلبك
وأنقذتك من انهيار محتم..
فالمشاعر لا تتغير إن كانت صادقة نابعة من القلب، ولكن هناك من يتعلم فن الصبر على الأشياء، ويستفيد مما تعرض له من محن أصبح لها الدور الأقوى في حياته، والوقوف صامدًا كالجبال لا تعصفه رياح الخذلان، ولا تسقطه طعنات الغدر من الأحباب تظل الندبات، ولكن لا تقتل كالجندي الشجاع يصارع في معركة قوية متيقنًا من نصر الله له..
"إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ"
وهناك من أتقن فن الهجر من كثرة ما تعرض له من قسوة وجفاء فلم يعد ينتظر شيئًا سلم جميع أمور حياته للخالق سبحانه "وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ"..
ففي اللحظة التي تدرك فيها التسليم ستدرك معنى التقرب لله بنية خالصة وصادقة، وتشعر بلُطفه بك من أشياء كنت تتعلق بها ، وشديد التمسك بها إلى أن نزف قلبك، ومع مرور الوقت تدرك أيضًا خير الله في كل شيء وأن اختيار الله هو الأنسب لك "إنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ"..
وأن الأشياء الصادقة لا تموت، وإن ماتت وردمت كانت سرابًا لا يمت للواقع بصلة، وإن أتت إليك فهي لك وتزدهر في قلبك كالبستان وتحرك كل شيء بداخلك كان ساكنًا على مر الزمان..
وهنا تدرك، وتميز بين ما تتمناه، وبين خير الله لك ستدرك حكمته، ولُطفه بقلبك إذا أسرعت على طاعته، وأقلعت عن معصيته، وذكرته بإخلاص، وتقبلت أقداره، وإن كان ممزوجا بألمك الذي نال من قلبك سيأتي الجبر، وإن لم يأت فأنت في معية الله وأمنه.. هناك مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رائعة تقول "ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره، لأني لا أدري، الخير فيما أحب أو فيما أكره" قمة التفويض والتوكل على الله عز وجل..
وإن كنت وحيدًا هنا تصل إلى مرحلة الأنس بالله يتبعها الرضا بقلب صادق كما قال الإمام ابن القيم "الأنس بالله حالة وجدانية، وهي من مقامات الإحسان، وتقوى بثلاثة أشياء: دوام الذكر، وصدق المحبة، وإحسان العمل" فالفتور جاء لنقوى وننهض بالله فنحن لا قوة لنا إلا بالله..
"اللهُم إنا نسألُك نفسًا بك مطمئنةً تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك وتقنع بعطائك"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق