لقاءُ الجزائر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أجزائر البيضاء جئتُكِ عاشِقًا ...
وعلى يَميني مصحفٌ وكتابُ
إنِّي الفلَسطينِيُّ من بَيتِ الهوى...
فَرِحَ المُنى بقدومِهِ الأحبابُ
فمَحَوتُ من عشقي جميعَ دفاتري ...
إنَّ الهوى في طَبعِهِ غَلَّابُ
بالمَسجِدِ الأقصى بَنو صُهيونَةٍ ...
مِن خَلفِنا وأمامَنا الأعرابُ
قد أحرقوا بَحري وثُمَّ مَراكِبي ...
لم يَبقَ لي مَوجٌ ولا أخشابُ
لم يَبقَ لي سَنَدٌ بغَيرِ جزائري...
وخَنا الذي له لَومَةٌ وعِتابُ
هِيَ دُرَّةٌ أغلى مِنَ الياقوتِ والـ ...
مَرجانِ مِن نَسَبٍ سَما الأحسابُ
حُسنٌ .. بهاءٌ لا نَظيرَ ولا مَثيـ ...
لَ لحُسنِها فتَبارَكَ الوَهَّابُ
ضَلَّت جزائِرُ وَحدَها مَعَنا وجَفْ ...
فَت نَخوَةٌ وتَخاذَلَ الأصحابُ
اينَ اللذينَ تَزاحَموا وتَنافَسوا ...
في حُبِّنا قد بانَتِ الأكذابُ
وعلى فِلسطينَ الجَريحَةِ قد تآ ...
مَرَ بَعضُهم عَلَنًا وفُضَّ حِجابُ
والبَعضُ مِن تَحتِ السِّتارَةِ خائِفٌ ...
مِن شَعبِهِ له صُفرَةٌ وخِضابُ
اللابِسونَ عَمائِمي ومَواجِعي ...
لَهُمُ المَلامَةُ والعِتَابُ جَوابُ
أحبَبتُهُم، أحبَبتُ أقوالًا وصَدْ ...
دَقتُ الوُعودَ ووَعدُهُم كَذَّابُ
أنا مُحبَطٌ رأسي يَدورُ بكاذِبٍ ...
ومُنافِقٍ قد سُدَّتِ الأبوابُ
تَبكي المَحافِلُ كِلمَةً شَجبًا وتَنْـ ...
ديدًا بلا دَمعٍ فلاحَ سَرابُ
ماذا جَرى للعُربِ بَعدَ حَضارَةِ الـ ...
أسلافِ إذ بَلَغَ العَنانَ سَحابُ
واليَومَ أمسَت في الورى مَذلولَةً ...
ومِنَ المُحيطِ إلى الخَليجِ عَذابُ
2
عِشقُ الجزائرِ ساكِنٌ في مُهجَتي ...
يَسري بقلبي والجزاء ثَوابُ
النَّصرُ يَبدأُ مِن جزائرَ غَرسُهُ ...
وبفِيئِهِ يَتَفَيَّأ الأنسابُ
والوَردُ في البَيضاءِ يبدأ نَبتُهُ ...
وبشَمِّهِ يَتَمَتَّعُ الأطيابُ
والماءُ يَبدَأُ مِن جزائرَ نَبعُهُ ...
وجَداوِلٌ في قُدسِنا تَنسابُ
مِنهُ الرُّبى جَذلانَةٌ قد أزهَرَت ...
أزهارُها والوَردُ والأعشابُ
والشعرُ عُصفورٌ وقد مَدَّ الجَنا ...
حَ مِنَ الجزائرِ للمُنى أطرابُ
والحُبُّ بالبَيضاءِ يَبدأُ سَيرَهُ ...
للقُدسِ حَيثُ الأهلُ والأحبابُ
والخَيلُ تَبدأُ مِن جزائرَ خَطوَها ...
وتُشَدُّ نَحوَ القُدسِ فيه رِكابُ
والدَّهرُ مِن بَيضاءَ يَبدَأُ ريحُهُ ...
وعلى العِدى قَدَرٌ له أعطابُ
وجزائري تُعطي العُروبَةَ قَدرَها ...
وعلى الثَّرى يَتَوحَّدُ الأعرابُ
3
نوفَمبَر البَيضاءُ تَذكُرُهُ الدُّنى ...
والعُربُ والأعجامُ والأحزابُ
حَفلُ المُنى البَيضاءُ فيه مُضيفَتي ...
حَضَرَ الجَميعُ ومَن هُوَ العَرَّابُ؟
بَدَأَ الاحتِفالُ غِناءَهُ وَقتَ المَسا...
حَضَر الجَميعُ وغابَتِ الأثيابُ
أأنا المُغَنِّي مَن دُعيتُ إلى الغِنا ...
كَيفَ الظُهورُ؟ وما عَلَيَّ ثِيابُ
ماذا عَساني أنتَقي مِن مُفرَدا ...
تٍ والبِقاعُ حِجارَةٌ وتُرابُ
فالأذنُ مِن طِينٍ وأخرى مِن عَجيـ ...
نٍ والمَوائِدُ قَصعَةٌ ولُعابُ
حِبرُ المَحافِلِ راقَهُ قِرطاسُهُ ...
ومآدِبٌ عَربيَّةٌ وجِرابُ
والنَّومُ أحلاهُ شَخيرُهُ والقصا ...
ئدُ في الهوا نَتحٌ عَلَيهِ حَبابُ
فلمَن أغنِّي يا تُرى؟ عَبَثًا وقد ...
حَجَبَ الغِناءَ وَسائدٌ وحُبابُ
لا القتلُ لا التعذيبُ يوقِظُ نَومَنا ...
لا الأسرُ لا التَّهجيرُ لا الأنيابُ
مِن أينَ يأتي النَّثرُ والشِّعرُ المُنى؟ ...
والحُسنُ غابَ وآبَتِ الأنصابُ
فنهارُنا ومساؤنا قَمعٌ يُما ...
رِسُهُ العِدى وبلَيلِنا إرهابُ
قد كمَّموا أفواهَنا أسروا أصا ...
بِعَنا ومنها أخذِلَ الكُتَّابُ
والحُكمُ شُرطِيٌّ كظِلٍّ خلفَنا ...
والعَيشُ مُرٌّ خُبزُهُ استِجوابُ
رَغمَ السِّياطِ الشِّعرُ مَزرَعَةٌ لها ...
زُرَّاعُها قد حازَها الألبابُ
رغمَ السُّجونِ الشِّعرُ مَملَكَةٌ لها ...
بابٌ وهم في بابِها حُجَّابُ
4
من أين أبتَدئُ القصيدَةَ يا تُرى؟ ...
وحدائِقُ الشعرِ النضيرِ خَرابُ
لم يَبقَ في ساحِ الرياضِ مُغَرِّدٌ ...
لا البُحتُرِيُّ ولا.. ولا زريابُ
واليَومَ في الشِّعرِ الرَّديءِ القَولُ فَو ...
ضى فيه هَرجٌ والكلامُ ضبابُ
يَتَكلَّمونَ ويُخلطونَ فلا هُمُ ...
عَجَمٌ لتَعذِرَهم ولا أعرابُ
وكلامُهُم فيه الخَنا من بَعضِهِم ...
والشِّعرُ لا وَزنٌ ولا إعرابُ
والعابِثينَ على خَرائطِ قُدسِنا ...
لا أمنُ إن حَضَروا لنا أو غابوا
يَتَهَكَّمونَ على بَني صُهيُونَةٍ ...
وهُمُ على كَسبِ الرِّضا أذنابُ
فالذُّلُّ ذُلٌّ في طِباعِهِ نابِتٌ ...
حتَّى وإن تَتَغَيَّرِ الأثوابُ
5
من أين أبتَدئُ القصيدَةَ يا تُرى؟ ...
والشَّمسُ بانَت فَوقَنا سِردابُ
لَيسَ القصيدَةُ من نَسيجِ أصابعي ...
لكنَّها ما تَرسُمُ الأهدابُ
وهِيَ الكِتابَةُ أشعَلَت كِبريتَها ...
نارًا ومن أعمارِنا أحطابُ
شِعرٌ ونَثرٌ في الكِتابَةِ راقَها ...
وَجَعٌ ضَحاياهُ الأُلى كُتَّابُ
هُوَ كاتِبٌ يُعطي لنا الفَرحَ المُنى ...
ولَرُبَّما له أجرَةٌ وثَوابُ
يا بَهجَةَ البَيضاء هذا عالَمٌ ...
به يَثتَري الأمِّيُّ والنَّصَّابُ
فمِنَ المُحيطِ إلى الخَليجِ جَثامِنٌ ...
نَطَقَت فلا فِكرٌ ولا آدابُ
ومِنَ الخَليجِ إلى المُحيطِ عَمائمٌ ...
بَطِرَت فلا عِلمٌ ولا مِحرابُ
في عَصرِ مُلكِ الغازِ يَطلُبُ كاتِبٌ ...
ثَوبًا وتَنعَمُ بالحَريرِ رَبابُ
6
إنَّ الجزائرَ شاطِئٌ برِمالِهِ ...
تَرتاحُ مَتعًا فَوقَها الأعصابُ
أنا مُتعَبٌ بعُروبَتي هِيَ تُهمَةٌ ...
بَينَ الأعاجِمِ لَعنَةٌ وعِقابُ
أنا خائفٌ أمشي على وَرَقِ الخَريـ ...
طَةِ بالخَريطَةِ كلُّنا أغرابُ
وعلى شَواطئِها بَحَثتُ لعَودَتي ...
جَهدًا فلا لَوحٌ ولا مِركابُ
أتَكلَّمُ الفُصحى ولا أحدٌ مَعَي ...
بعَشيرَتي بَعدَ الكلامِ جَوابُ
لولا العمائِمُ والعَباءاتُ التي ...
لفَّتهُمُ ما مازَهم أعرابُ
يَتطاحَنونَ على بقايا مَقعَدٍ ...
فقَنابِلٌ مَوقوتَةٌ وحِرابُ
حُبُّ الشَّوارِبِ والقلوبُ تَنافَرَت ...
وطِعانُ ظهرٍ حِنكَةٌ أسلابُ
لا تَفرَحَنَّ إذا تَبَسَّمَ فاهُهُ ...
فالأسدُ إن بَسَمَت لها أنيابُ
7
يا بَهجَةَ البَيضاء هذا مَشرَبي ...
جُرحٌ ودَمعٌ والحَياةُ عُبابُ
وخريطَةُ الوَطَنِ الكبيرِ مَعَرَّةٌ ...
فمَتارِسٌ ومَخافِرٌ وكِلابُ
وعدالةُ البَلَدِ العَظيمِ مَسَبَّةٌ ...
فكَمائِمٌ وسلاسلٌ وذِئابُ
والعالَمُ العَرَبيُّ نَعجَةُ حاكِمٍ ...
مَذبوحَةٌ والعاهِلُ قَصَّابُ
والعالَمُ العَرَبيُّ قد رَهَنَ السِّلا ...
حَ فميزَةُ الشَّرَفِ الرَّفيعِ سَرابُ
والعالَمُ العَرَبي لنَفطِهِ مَخزَنٌ ...
في بَيضَتَيهِ حَشيشةٌ ورُضابُ
والنَّاسُ في ضَنَكِ المَعيشَةِ صَبرُهم ...
من بَعدِ أو قَبلَ الرُّيوعِ دَوابُ
8
يا بَهجَةَ البَيضاء كَيفَ خَلاصُنا؟ ...
والحُكمُ فيه وَكالَةٌ ومَنابُ
ماتَت مُروءَةُ أعرُبٍ خَجَلًا على ...
زَمَنٍ وعِزَّةُ نَفسِهِ أعطابُ
أينَ الخِلافَةُ حُنكَةٌ ومُروءَةٌ؟ ...
لم يَبقَ لا عُمَرٌ ولا الخَطَّابُ
لم يَبقَ عَدلٌ ضَلَّ نَنشُدُهُ ولا ...
أمنٌ وحُكمٌ راشِدٌ وصِحابُ
وبَيارِقُ ابنُ العاصِ تَغرِسُ مَجدَنا ...
واليَومَ حُكمٌ بالخُنوعِ مُصابُ
مَن ذا يُصَدِّقُ أنَّ صَرحَ جُدودِنا ...
يَنهارُ بَعدَ مَسيرَةٍ ويُذابُ
وتَهَوَّدَ الحُكَّامُ إلّا بَعضُهُم ...
بشُعوبِهِم لَعِبَ الرَّدى ووِصابُ
فصَلاتُهُم عِبريَّةٌ ومَزارُهُم ...
حَيطُ البُراقِ إمامُهُ الكَذَّابُ
حَكَمٌ غَوى قَهرَ الشُّعوبِ وِصايَةً ...
بنارِ الحَديدِ وتاجُهُ قُبقابُ
9
حُمرِيَّةُ النَجمَينِ خَضراءُ الرُّبى ...
بَيضاءُ من أهلِ المُنى أترابُ
فكأنَّنا في رَوضَةٍ بجِنانِ رِضـ ...
وانٍ شَواطِئُها المُنى خَلَّابُ
هل لي ببَحرِكِ نِصفُ رُبعِ جَزيرَةٍ؟ ...
لأريحَ نَفسِ وتَنمَحي الأسبابُ
فأنا بنَفسي مُتعَبٌ ودفاتِري ...
هل يا تُرى لدفاتِري أعصابُ؟
أنا غاضِبٌ .. هل لي بكيسِ قُمامَةٍ ...
كي يُجمَعَ التّنديدُ والأشجابُ
حُزني وبَثّي قَعدَةٌ مع أعرُبٍ ...
وسُكونُ جُرحي مِلحَةٌ مِلهابُ
هُم يَفرِشونَ لك المُنى لزراعَةٍ ...
ولها ستُفرَشُ صَخرَةٌ مِعشابُ
لا تَعذِلي كَشفَ المَواجِعِ فالحَقيـ ...
قَةُ وَجهُها ما .. ما عليهِ نِقابُ
فقصائدي مَخبولَةٌ في نِصفِها ...
قد كان في بَعضِ الخُبولِ صَوابُ
فتَحَمَّلي مِنّي غِضابي قد تَثو ...
رُ على الجِبالِ حِجارَةٌ وشِهابُ
فإذا صَرَختُ على الذينَ أحِبُّهُم ...
فالعَيشُ حُبٌّ فيكِ والأحبابُ
وإذا على عُربٍ قَسَوتُ لمَرَّةٍ ...
مِن كُحلِها قد تَضجُرُ الأهدابُ
فلَرُبَّما أصحى العُروبَةَ نَومُها ...
وسَنا الصَّباحُ وزالَتِ الأوصابُ
ولقد تَبيضُ حَمامَةٌ من ثَغرها ...
بكُفوفِنا قد تنبُتُ الأعشابُ
10
سَيعودُ مَسجِدُنا وأرضُ البُرتُقا ...
لِ ومِن هُنا تُستَرجَعُ الأسلابُ
وتَعودُ لليَمَنِ السعادَةُ والهَنا ...
ءُ ومِن هُنا تُستَربَطُ الأكلابُ
وتَعودُ بَسمَةُ شامِنا ودِمَشقُ فيـ ...
هِ ومِن هُنا تُستَطرَدُ الأذيابُ
ويَعودُ لَمُّ الشَّملِ طَبعًا في طَرا ...
بُلسَ المُنى يُستَجمَعُ الأحبابُ
وتَعودُ بَغدادُ العِراقِ مُهابَةً ...
والرَّافِدانِ فيُلهَمُ الكتَّابُ
ويَعودُ مَغرِبُنا الكبيرُ إلى الحَقيـ ...
قَةِ جامِعًا شَملًا له الأطيابُ
ويَعودُ سابِقُ عَهدِنا فيَهابُنا ...
عُجمٌ وفُرسٌ بالعُلومِ نُهابوا
يا بَهجَةَ البَيضاء هل لي رَجعَةٌ؟ ...
وإلى حِماكِ عَودَةٌ ومَتابُ
لا تَغضَبي إن عُدتُ يَومًا عاشِقًا ...
إنَّ الهوى بطِباعِهِ مِغلابُ
لذنوبِ شِعري أسألُ اللهَ العلي ...
غُفرانَها لي إنَّهُ التَّوَّابُ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد جعيجع من الجزائر – 04 و 05 و 06 نوفمبر 2022