اللوحة والرسام
============
لا تستطيع كل مناديل العالم تجفيف دموع قلوبنا
____________________
رسمتُ صورتَها والخدُّ ريحانُ
والثغرُ لؤلؤةٌ والشالُ مرجانُ
ونورُ طلَّتِها بدرٌ فلا قمرٌ
يحكي لآلئَها وقوامها بانُ
كانت محاجرُها كالسرِّ مكتتماً
آلامَ امتها والقلبُ احزانُ
وأضأتُ بؤبؤَها باللونِ فانحدرت
من عينها دررٌ تجري وشطآنُ
كانت دموع اسىً تروي حكايتها
والعينُ صادقةٌ بالصدقِ تزدانُ
فخشيتُ تفسدها الدمعاتُ محرقةً
فأتيتُ أمسحها واللونُ ميدانُ
لكنها هجمت والبؤسُ سلعتها
فكأنها نطقت والنطقُ ألوانُ
فرجعتُ أمسحها باللون ثانيةً
خوفاً وثالثةً والدمعُ تهتانُ
وشعرتُ قبضتَها كالقيدِ تمنعني
وكأنها صرخت واللحظُ حيرانُ
قالت: فداكَ أنا فاغفر معارضَتي
وقدِّر الوضعَ لا يغويكَ شيطانُ
لا تمسحِ الدمعَ بعضُ الدمعِ فيه شفا
واتركْهُ منسكباً يطفيه رحمنُ
الحزن في وطني بحرٌ بلا أفقٍ
والسعدُ مغتربٌ والقهرُ عنوانُ
في كلِّ شاردةٍ حزنٌ وواردةٍ
أمسى يضايقنا في ذكر من بانوا
في القدسِ باكيةٌ في الشام نائحةٌ
والعربُ نازحةٌ والجوفُ بركانُ
أنى نظرتَ ترَ الأحزانَ في وطني
أنى اتجهتَ ففي الأوطانِ نيرانُ
من بعد عزتها بيعت كرامتُها
وفي مرابعها لصٌّ وحيتانُ
والضعف اوهنها والخوفُ أقلقها
والغدرُ اوهنها والدهرُ خوّانُ
والجندُ تذبحُها كالشاةِ راضيةً
إذ ليس ينصرها أهلٌ وخلّانُ
والروحُ أرخصها الدولارُ في بلدي
والبائعون لها للخبز قد خانوا
والدِّينُ سلعةُ مَن طالت سوالفُهم
فقصروا الثوبَ واغتالوا الألى صانوا
يا صاحبَ الفنِّ قد أبدعتَ لا جدلاً
لا تمسحِ الدمعَ فالأوجاعُ غيلان
واترك ليَ الدمعَ علَّ الدمعَ ينصفني
فالعربُ يوقظها دمعٌ وأوطانُ
ما قيمةُ الحسنِ والأعداءُ تنهكه
قد أرخصته لها في العرب بلدانُ؟
أحسستُ في جسدي ناراً تؤرقني
ولوحة اللونِ خرّت مالها شانُ
وتركتُ صورتها تبكي على وطنٍ
أمسى تمزقه حربٌ وأعوانُ
رقَّت له صورةٌ عجماءُ باكيةٌ
وما بكته لما قد حلَّ عربانُ
حتى الجمادُ له قلبٌ يرقُّ لنا
ومايرقُّ لنا في القهر إنسانُ
=========
بقلمي
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )