.. ذكريات عمّانيّة
هناكً في تلك المدينة التي امتدت على سفوح الجبال
أنست روحي بك..
لعل خطاك تكون لامست خطاي !
فقد ذرعت شوارعها في صباي
و تركت شيئا من روحي على أدراجها
و تنسمت عبيرها .. و غبارها
تسكعت في أزقتها و أسواقها ..
و كانت دهشة طفولة ..و أنا
في طرقاتها و أدراجها الصاعدة
هناك ..نحن الأفق ..
أخذتني بالعجب ..كيف تعلقت أنوارها و انتثرت في ليلها ..كما
نجوم السماء ..لا بل لامستها
كنت أسير في شوارعها .. أقرأ وجوه المارين و العابرين ..
كانت وجوها مثلما رواية ..
وجوه متعبة ..عمال عابرون عائدون
الى منازلهم المعلقة بقبة السماء
و وجوه ضاحكة ..منعّمة ..
وجوه جميلات شقراوت ..لعلهن
يلثغن بالعجمة ..سائحات !
كنت أعبر الجموع و بالكاد أن أتجنب الاصطدام بكتف رجل او حقيبة امرأة ....اخترق جموع
العابرين حينما يضيق الرصيف بهم
و أنا مشدوه ! لا ألوي على شيء
سوى فتى يستكشف المدينة
برائحة محلاتها ..مطاعمها ..و رائحة
التبغ و الاراجيل التي احتلت بعض أرصفتها ..و كنت بالكاد أن لا أتعثر
بما هو معروض على الأرصفة ..
من باعة افترشوا الرصيف ليبيعوا
ألعابا و ربما ملابس للطفولة أو حتى
ملابس داخلية للرجال . من القطن !
و كم استهواني أن أستمع لباعة تعلو أصواتهم ..و إذ بهم .يبيعون
بعضا من لوازم المدارس ..و قد راكموا الحقائب و مراييل المدارس
للبنات .
و من دون أن أتردد تحسست جيبي و أخرجت بريزة ..لأتناول كأس العصير الذي يسكبه البائع للمارين
الذين أخذت منهم شمس النهار اللاهبة ..ليطفئوا عطشهم.
في المدينة الزمن لا يتوقف و لا ينتظر .. الكل في عجلة من أمرهم
السيارات تنطلق مسرعة ..و الناس
تمضي لتلحق بوسائل النقل ..
الكل يمضي لشأنه. إلّا انا ..!
وجدت نفسي من غير ضرورة للإسراع ..فقراءة الوجوه .. و تصفّح
واجهات المحلات تحتاج أن أمشي الهوينى ..مثلما طفل ..بشعور الدهشة ..
… يتبع احمد المثاني