الخميس، 18 أبريل 2024

ماذا لو لم نلتقي بقلم مصطفى محمد كبار

ماذا لو لم نلتقي
 
أنا و أنت
ماذا كان سيحدث 
لو لم يكن بيننا فراغ كبير 
بغربة الإنتماء 
و لم نلتقي منذ البداية 
لننكسر محبطين 
لا شيء 
لا شيء
سوى كانت السماء ستكون أكثر
صفاءً و نقاءً من الآن
و الصباح كان سيلتحم بعناق
الياسمين
و العصافير كانت ستقف عند
نافذتي لتغني أغنية الأمل
للحالمين 
و ربما كان كل واحدٍ منا 
أكمل طريقه بسلام و أدركَ
بحلم الحمام
كنا قد حملنا من الريح 
ما يتسع لذاكرتنا لنغدو طائِرين 
في المدى الجميل 
و كنا أمضينا العمر براحة السنين 
بهدوء الروح بلا وجع
هكذا كان سيكون المشهد
البريء بيننا
أنتَ لم تكن ل تقتلني من طبعك
السيء الكافر
و انا ما كنتُ حملت من اللقاء
خيبة القيامة 
ماذا فعلنا أنا و أنت بصورة 
الحب هناك
ماذا تركنا للجيل الحالم من
قيمٍ و مبادئ لنوَرثه
كيف سنقول للعشاق كلاماً 
عن الحب و القمر
أهكذا هي الأماني بين يديك
تموت تراباً 
قد دارَ الظلامُ و كأنه القدر 
الوحيد بيننا
فكان السقوط في الأحضان
موجعٌ للغاية
و كان اللقاء الأول هو لقاءٌ
بين القاتلِ و الضحية
فهل أبكي مجدداً على ما
حدث
هل أخبر الحجر بأنه صار
ألن بجرحنا
أم أحمل نعش العاشق 
القديم 
و أصنع له تابوتً من ضباب
و أشهق حجراً 
ثمة أشياء أخرى مغايرة عن
أحلامنا كانت تكسرنا
أكان علي أن أغيرَ من عاداتي
السيئة قبل أن ألقاك
لأقسو على الكلام بركن 
الهوى
كي يجف الماء من العاطفة
و يموت الشوق
و أن أضرب عنق الياسمين 
بألف خنجر
ماذا أفعل كي لا أموت على دروب 
المخلصين و أبكي 
ماذا أفعل ....... بحق الآلهة
بحق الأنبياء 
فالفراشة التي رسمتها في 
صباحي 
قد انتحرت من حزني و سكنت
بيومها البعيد 
ماذا سأفعل لأكون حراً على
طريق الحلم 
هل أزرع على وجه الآلهة زهرة
الصبار
لكي تشعر مثلي بلدغة الألم
من الداخل
أم أجس نبض الأبجدية 
حرفً حرفً
و أسرق لغة الحوار من العدم
كله 
فأستكن من وجع الندم
فآهٍ يا أيها الندم ماذا فعلتَ
بأوردتي
و ماذا سأفعل بهذا الهواء 
المر
فالقلب لم يعد قلب الأحياء 
و الروح المقدس 
قد احترق في النفق الأخير
و فاض الجرح فوق جدارية 
العذاب
فهدني نحو الهاوية الممية
فلي عبثٌ بجسدي كل خطاهُ
من خطاياي
و لي 
أزليةٌ بالوجعِ بجدار القصيدة 
و بقايا من سفري الطويل 
لي ذكرياتٍ تقسو بالقلب 
و ألفُ حكاية زلت مؤلمة 
تخون 
فهي تخوض معركة التحرير 
مع الذات 
بكل إنكساراتي و مهانة القتلى
بوقت الفراق
لا لا لم يكن حلماً هو لقائنا 
بل كان كابوساً واحش
فالحنين وحده يكسرني كلما
لمس الروح
و الغياب قد شاب بنوافذه 
فوق جبيني و ترمل
فهل أبكي مرةً أخرى 
هل أشكو عبثاّ لمن أصبحوا
علي حجراّ
على العمر أن يعيد نفسه من
الإنكسار
و يطوي ظله الشريد البارد
من مواعيد الأوهام
فعلى العمر ان يعتذر مني
أمام الموت
بل أنا يجب أن أعتذر من نفسي 
طويلاّ 
حتى يستكن في أحشائي 
وجع الهزيمة 
قد تقاسمنا الحديث بسيرة 
العمر الحزين
لكن اللغة الوحيدة التي كانت 
تفرقنا
كانت لغتي الأبدية في الحب 
و أحلامي الصافية
فالقصيدة التي كنت أُدونها
كانت لا تشكو من الإنحراف و 
ككفر الحثالةِ
لغتك كانت لغة القتل و الطعن 
الكبير يا أيها الحقير 
لا منافذ لحدودك و لا يقين
فكان على الإله أن يدرك عظامة 
الوجع بهذا الجسد و يحملني
للبعيد للنجاة
و كان عليه أن يتمعن جيداّ 
بشكل الضحية بنصف ساعة 
فقط قبل القتل 
إن كان محبطاً هو  
أو سئمٌ هو من الوجع
القديم 
فالعدالة تقول أن نحيا و لو
مصادفةّ
و نكون مثل الباقيةِ نحلم برقصة
الفراشة فينا
لما لوحدنا علينا أن نحمل ذنب
موتنا عن الأخرين 
فنمضي كالثمالة الضائعين بين
سكرة الموت و خذلان
الحياة 
يا حب لملم من صدى الموت
ضحاياك 
و رتب بصفوف الخاسرين ما
ورثوا من هواك
يا حب كفى تشدنا للفراغ القاتل
كفى يا بعيدي
كيف لم تقرأ من كلماتي المسلوبة
من جدار السماء و من 
نشيدي
بماذا أبصرتنا برؤياك و أتعبتنا
بدنيا الهلاك 
فتبت يداك
على ما كسرتنا على دروبك
و أحرقتنا رمادا من
دنياك
فكلما جئنا ننهض من السقوط 
بظلك أوقعتنا من جديد 
لما حملتنا لذاك الشيء القاهر
و دفنتنا في النسيان 
فالهزيمة قد أبدعت فينا بمرها
حتى آخر الزمان
و السنين تكالبت علينا بأحقاد
الكلاب 
لما يا حب لوحدنا أجهدنا 
الزمان 
و لوحدنا ضيعنا المكان 
تجرزماً 
و لم يعد لدينا وقت لكي نحيا
ثانيةً 
فكل شيء هنا قد مات
كل الزهور فوق صدري 
ذبلتْ
كل السنابل وطئت برأسها
معلنة بهزيمتها الصفراء
و كل القوافي باتت خالية و 
كأنها صحراء قاحلة
فلم يعد فينا ما يتسع بذاكرتنا
لنكتب عن الحنين 
فليس من حق الأموات أن 
يكتبوا عن الحياة و الذكرى
فكل الكلمات قد دارت منكسرة
عند أبواب القيامة 
الأحياء المنهزمين وحدهم 
بقيوا ينشدون و يسجدون للرب
الواحد
لما شوهنا صورة الحب الصافي 
و أحرقنا الريح بهذا
الرحيل
فنحن يا سيد القطب البعيد 
غرباءٌ بالفطرة و مكتئبون 
خلف الأمنيات و تائهون
نجول وطن الظلام لنعرف 
كم مرةً متنا محبطين 
و كم زمانٍ قتل فينا روحنا
المقدس 
مازلنا نتذكر أثر الجرح و تفاصيل 
الجريمة
لكننا ننسى من شدة الصدمة 
أن نتذكر أسمائنا حجراً 
حجراً 
فلا اللون يجمعنا و لا الصفة
تشبه بعضها
فمن أنا و من تكون يا ساكن 
الروح المعذب 
رحل دون أن يودعني أن
يخجل من إنكساري
فكيف سأغتسل من أحزاني
و القلب بالألم يعاني
كل ذنبي أني أحببتك كالإله
و سجدت أمامك حتى
أدمنتك
خسرت حياتي كلها و خسرت
الدروب للذاتي
فلم يبقَ عندي ذاكرة بوجعي
كي أحملك و أضمك 
حتى أغفو بالحنين مقتولاً 
بالغياب الأبدي 
يا حب قل لي ما الفائدة
فالسماء مازالت بالكفر تنظر 
بنظرة المحايدة
فكلما اقتربت منه هجرني
و تاه بين الضباب 
مضى عني متباعداً مثل 
الروح 
يا حب ما الفائدة مادمنا 
أنا و أنت ْ 
قتلتنا الخيبة باكراً بمنتصف 
الطريق بخسارتنا
و ضعنا منهزيمين بقصتنا 
المصدومة 
كقتيلين مذبوحين 
مدفونين
بحفرةٍ ...... واحدة
 

مصطفى محمد كبار 
أبن بعدينو ٢٠٢٤/٤/١٣
حلب سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

خاطرتها والحياة بقلم عواطف فاضل الطائي

( خاطرتها والحياة) ما الذي نلته من الحياة وما جنيته؟ وتبقى تحتفظ بينبوع ذكرياتها كلوحة على غلاف كتابها وتغسل جرحها الغائر في الأعماق وتتساءل...