مُؤسسةُ التّمَدْرُسِ
يُحاصرُنا التّخلّفُ والخــمولُ
ومِنْ نكَــساتِنا بَكَتِ العُــــقولُ
زرَعْنا الغشَّ في الأرْحامِ حتّى
تجمّـــدتِ القرائـحُ والمــيولُ
وبالَ الجهلُ فوق العلمِ جهراً
فجفّتْ من مَنابعِــــها الحُـقولُ
ألم ترَ كيْف أصْبحنا يتامى
يُقالُ لنا الكــلامُ ولا نقـــــولُ
ونصبرُ كالحمـــيرِ لكلّ قَمْعٍ
ولا ندري متى الـبلْــوى تـــزولُ
مؤسّسةُ التّمَدْرُسِ في بلادي
رماها الغشُّ في حُضْنِ الكسادِ
ومنْ غَشّ العبادَ فليسَ منّا
لأنّه قدْ أصرّ على الفـــــسادِ
ألمْ ترَ أنّ غِشّ النّاسِ أضْحى
مُشاعاً بيْن مُخــتلَفِ العبادِ
وعشّش في المدارسِ دون خوْفٍ
فهاجَرتِ النّزاهةُ من بلادي
كأنّ الغشّ فِعْلٌ مُسْتـــحَبٌّ
وفنٌّ تسْتـــــعينُ به الأيادي
كفى بالغشِّ في التّعليمِ زورا
يُشوّهُ في الحياةِ لنا الأمُـــورا
فكَمْ نجَحَ الزّنيمُ بهِ احْتيالاً
بفِعْلِ الحيْفِ واخْتلسَ السُّـطورا
تَغلْغلَ في النّفوسِ فصارَ عُقْماً
وما تركَ الهراءُ سوى القُشورا
تأمّلْ سَعينا سَترى اخْتلالاً
أشاعَ بأمّــتي شَطــطاً وَزورا
وليْسَ العيبُ في الأزْمانِ قَطْعاً
لأنّ النّاسَ قدْ سَكنوا القُبـورا
أرى في الغشّ شرّاً قمْـــطَريرا
وكارثةً سَتُدْخِلُنا السّــــعيرا
يُرَوَّجُ فــي المدارسِ كلّ يوْمٍ
لأنّهُ قدْ بدا عَـــملاً يَسيرا
وينصح أن يحــــاط بكلّ سرّ
كانّ الغشّ قد ضمن المصـيرا
وما المتعلّم المــــــــسكين إلاّ
صَــــــغيرٌ قد أراد بأن يطيرا
ونحن نعلم الأطفـــــــال جهلاً
ليُصْبحَ جُلّــــهُم بشراً حميرا
سَقطْنا في الفساد إلى الحضيضِ
فصار الحالُ كالرّجل المريضِ
وهـــبّ المارقون من الزّوايا
فأضربتِ النّساءُ على المحيضِ
وهاجرتِ الضمائرُ من بلادي
لِتسْلمَ في الوُجودِ منَ النّقـيضِ
كأنّ النّاس قد سَئِموا احتلالاً
أتى منذُ الخروجِ من المـبيضِ
فكيف سَنسْتعيدُ رضاءَ ربّي
لِيمنحَنا القليلَ منَ الوميـــضَ
أروني أمّــةً رقدَتْ قُرونا
وفضّــــلتِ المفاسدَ والمجونا
سماسرةُ المدارسِ في بلادي
أباحوا النّهبَ فاخْتـلسوا الزّبونا
وليسَ كَمهنةِ التّدريسِ شُغْلٌ
لِأنّ مَجالها يُحْــيي الفُــــــنونا
تلقّنُ نشْــــأنا أدباً وعلماً
وتفتحُ بالمُـــطالعةِ العُيــونا
وبالتّعليـــمِ نُصْلحُ كلّ عَيْــبٍ
فنُنـــقِدُ أمّةً رقــدتْ قُرونا
ألا يا أمّةَ الإسلامِ فيــــــقي
فإنّ الجَــحْشَ يُعْرَفُ بالنّهـــيقِ
أصابكِ بالتّخــلّفِ سوءَ حالٍ
فأضحى النّاسُ أشـبهَ بالرّقيقِ
وَحرّفَ ساسةُ الأوطانِ ديناً
أشادَ بهِ العـــدوُّ مـــعَ الصّديقِ
فيا ليتَ الشّعوبَ تفيقُ يوماً
لتبدأ ســيْرَها عبْـــــرَ الطّريقِ
وإنْ نحنُ انهزمْنا في التّصدّي
سنُضرَبُ بالرّصاصِ وبالحريقِ
فقدنا الصّدقَ في التّدريسِ لمّا
تهاوى جِدُّنا كـــــــيْفاً وكمّا
وشبَّ الغشُّ في التّحصيلِ حتّى
أتانا الجهلُ بالأهْوالِ ظُلْما
وأدْبَرتِ النّزاهةُ حين أمسى
رئيسُ حُكومتي بَشَراً أصَـمّا
ألمْ يُدركْ ذَوو الألبـابِ أنّا
عثَرْنا في النّهـــــى عِلْماً وفهْــما
ومازلنا نُعاني من فـــــسادٍ
ومن غشّ يكادُ يكونُ جُــــرْما