قضايا تربوية
مهازل ونفاق جماعي
كثيرة هي الموروثات السلوكية التي تضع الناس في موقف غريب , وحين يكون السلوك فردي من السهل مواجهته , او عدم الاكتراث له , ولكن حين يكون جماعي ويسلكه المجتمع , أو جماعة ما فهذا يبدو أكثر غرابة ,
في الكثير من المعارض والمهرجانات الفنية والجماهيرية الحاشدة والمتنوعة , وتبادل الثقافات وتذوق فنونها من قبل بعضها البعض , وهذا شيء جمل جدا وثري , ومثمر , ويعزز العلاقة بين الشعوب ويطورها , ويقربها لفهم بعضها البعض , وتصلح جميع أشكال الفنون البصرية والسمعية لذلك , والكتابية أيضا بحيث تترجم , ورغم اثر الترجمة على العمل الفني خاصة يبقى ذلك أفضل من عدم الترجمة , ما عدى إلقاء الشعر مباشرة بلغة لا يفهمها الحضور .
كل ما سلف ذكره من فنون وثقافة وحرف يدوية وغيرها من رسم ونحت وكل شيء ممكن , وقابل للتداول والاستمتاع به , سوى الشعر الذي يلقى إلقاء لجمهور لا يعرف ألغة التي يلقى بها الشعر ,, فلا الملقي مستمتع ولا المتلقي بفاهم شيء لكي يستمتع ,, وهذا طبيعي جدا ومن المحال أن يشكل هذا الشكل من التفاعل نوع ايجابي من العلاقة.
وفي الكثير من الحالات التي يتم فيها إلقاء الشعر من قبل شاعر ما على جمهور لا يعرف لغة الشاعر , ولا يعرف أي شيء من هذه ألغة التي ينطق بها الشعر , ومع ذلك حين ينهي الشاعر قصيدته يصفق له الجمهور الكريم بحرارة , وينحني الشاعر بكل شاعرية و رومانسية واحترام رافعا قبعته عاليا منحنيا حتى تكاد جبهته تلامس الأرض من شدة الاحترام والشغف بما قدمه من عرض مبهر ؟؟؟؟؟
ليس تجني شاهدنا ذلك كثيرا
وكثيرا حاولنا البحث عن تصنيف لهذا السلوك الغريب , والعمى الجمعي الذي يصاب به البشر أحيانا , ويمكن فهم كل شيء ما عدى السلوك الجمعي الذي لا تفسير له سوى النفاق الجماعي والكذب والخداع للنفس والآخرين , و إقناع الذات والآخرين أن كل شيء يسير بشكل طبيعي ومنسجم وهو في الحقيقة غير ذلك , ما دمت لم افهم شيء مما سمعت لماذا أهوس واصفق بكل حرارة ,, ولماذا شاعرنا الأصيل ينحني لنا بكل أدب واحترام ,
أليس هذا كذب ونافق ؟؟؟
, لماذا لا نفكر في سلوكنا ومن قبل أن نسلكه , وفي حال كان الظرف غير ملائم , مثل أن يكون الجمهور غالبيته العظمى لا يفهم لغة الشعر الذي سيلقى لا داعي للقيام بذلك , حرصا على كرامة الطرفين واحتراما لذاتهم ولغيرهم , وليكن نشاط وعرض شيء آخر يمكن فهمه والتفاعل معه بشكل ايجابي , بدل المهزلة ولاحترام المصطنع والنفاق .
عذرا لم أجد اسم ينطبق غير ما ذكر لمثل هذه العينات السلوكية الاجتماعية المضحكة أحيانا والتي تدل على ضعف قدراتنا نحن البشر على فهم سلوكنا الموروث برؤية سوية ومعيار منطقي .
أن هذا يدل أيضا على أن النفاق والمداهنة , هي سلوك لا يقتصر على الافراد بل ويمكن ان يكون جماعي ويصيب شعب او أمة معينة , بل هو سلوك منتشر ويمكن أن نراه بشكل جمعي وفردي في كافة المجتمعات البشرية ,
لم يوجد بعد المجتمع السوي المتوازن الخالي من الآفات والأمراض الاجتماعية الفردية والجماعية التي قد تصيب الأمم و تتناقلها الأجيال أحيانا وتصبح جزء من ثقافتها دون أن تنتبه لذلك بحكم أن السلوك الموروث لا يرى بل يعاش وحسب ,
كل ما نعرفه من موروث علينا مراجعته والتأكد من أصالته وعمقه الإنساني الصدوق , بفهو يحمل الكثير غير أصيل بل دس علينا منذ زمن بعيد , أو مستحدث سيان الغث غث , والسمين أجدى في النهاية ,
,,الأخلاق سلوك فردي وجمعي مكتسب,,
رماز الاعرج