أحسنوا الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ
كَتَب دُكْتُور هَانِئ البوصي
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
أَمَّا بَعْدُ
قَالَ أَحَدُ السَّلَف : لَوْ رَأَيْت أَحَدَ إخْوَانِي وَلِحْيَتُهُ تَقْطُرُ خمرًا لَقُلْت رُبَّمَا سُكبت عَلَيْه ! وَلَو وَجَدْته واقفًا عَلَى جَبَلٍ وَقَال : أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى لَقُلْت يَقْرَأُ الْآيَةَ ! يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ : " وَاَللّهِ إنّ الْعَبْدَ ليصعب عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ نِيَّتُهُ فِي عَمَلِهِ ، فَكَيْف يَتَسَلَّطُ عَلَى نيَّات الْخَلْق " مَا أُجْمِلَ حُسْنِ الظَّنِّ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْسَر النَّاس صَفْقَة مِن اِنْشَغَل بِالنَّاس عَنْ نَفْسِهِ وأخسر مِنْهُ مِنْ اِنْشَغَل بِنَفْسِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى
أخى الْحَبِيب
إذَا كَانَ لَك عَيْنَان فَلِمَاذَا تَرَى النَّاسَ بأذنيك
عَامَلَ النَّاسَ بِمَا تَرَى مِنْهُمْ لَا بِمَا تُسْمَعُ عَنْهُم
وَلَا تبَحرَ فِي النوايا فَإِنَّهُ مَا أَبْحُر إنْسَانٌ فِي نوايا النَّاسِ إلَّا غَرَق غَيْر مَأْسُوف عَلَيْه
وَإِيَّاك والتخصص فِي قِرَاءَةِ النِّيَّات فَتَتَخَرَّج بِتَقْدِير آثم جِدًّا
وانشغل بِنَفْسِك عَنْ غَيْرِكَ
أَحْسَن بِنَا الظَّنّ إنَا فِيك نحسنة
إنَّ الْقُلُوبَ بِحُسْنِ الظَّنِّ تنسجم
وَالْمَس لَنَا الْعُذْر فِي قَوْلِ وَفِي عَمَلِ
نلمس لَك الْعُذْرَ إنَّ زَلَّتْ بِك الْقَدَم
لَا تَجْعَلْ الشَّكّ يبْنى فِيك مَسْكَنِه
إنَّ الْحَيَاةَ بِسُوءِ الظَّنِّ تنهدم
وَاعْلَمْ أَنَّ صَفَاء النَّفْس وَطَهَارَة الْقَلْبُ هُوَ السَّبِيلُ إلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالْخَلْق
نَظَّف فُؤَادَك قَبْلَ كُلِّ لِبَاس . وَامْلَأه حُبًّا صافياً لِلنَّاس
فَلربّ أَنْفَاس إذَا أطلقتها . كَانَت لروحك آخَر الْأَنْفَاس
قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيَكُن حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنْك ثَلَاثَة
إنْ لَمْ تَنْفَعْهُ فَلَا تَضُرُّهُ
وَإِنْ لَمْ تفرحه فَلَا تغمه
وَإِنْ لَمْ تَمْدَحُه فَلَا تَذُمَّه
هدانى اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُم لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
مُحِبُّكُم دُكْتُور هَانِئ البوصى