ليتني بلا أب
الحلقة الرابعة
مرت الدقائقُ والساعاتُ ...
كان يحاول الاتصال بجواد ....، وانتابني ذعرٌ كبير بعد مارأيت من ردة فعل ياسر وازدادت حالتي سوءاً بعد عصبيته وهيجانه كحصان جامح وتحطيمه لكل شيء
وتهديداته...
وقد ذكرني تصرفه بوالدي وقساوته فنجح في تزاحم صور الخوف التي رسخت بعقلي الباطن بضربه المتكرر لي على كاهلي النحيف…
كنت بعالمٍ آخر كأنني تحت الأرض أو في تحضير لنعشي المسّجى في قارعة المجهول !!
استسلمت للحالة النفسية التي انتابتني وصعوبة التنفس الذي أصبح يهدد حياتي لأن ياسر بطبعه صارم الهواجس وجدي جداً فوق هذا وذاك فإنه ذو طابع فضولي وفوضوي
وقد يرتكب جريمة
وتأكدت أنه من الصعب أن أخرج من هذا المأزق وسلمت أمري لله بعد اتصالاته المتكررة دون فائدة الأمر الذي أدى لتحطيم هاتفي الذي سكنت روحي بعدما رأيت حطامه..،
وكان بمثابة نهاية لذلك الشك الذي أكده اتصال جواد..
كيف لي أن أتأقلم مع شراسته اليوم..، وإفراطه بغيرته وشكوكه
وتذكرت في أول أيامنا عندما جلس أمامي عاقد حاجبيه وكأنه يريدني أن أخرج كل أوجاعي حينها .
قال لي أريد منك أن تثقي بي فعاهدت الله فيه
و أخدت ساعتها نفساً عميقاً كطفل لازال أول فطامه
مازاده دهشةً واستغراباً في ذلك الوقت .!؟
أصبح يضيق على نفسي هذا الأمر الذي بات ينتابني كلما لمحت نظراته
ومايحدث معي هي حالة ذعر متكررة تنتابني بسبب كل الترسبات؛ والجديد الذي أيقظ حسراتي على حالي اليوم ..،
ولكن الأمر خارج عن إرادتي ..
رن هاتف ياسر بقربي رنات عديدة
كان الرقم لجواد فلن يمحى رقمه من ذاكرتي
لكن ياسر كان منشغلاُ والرنين لم ينقطع
كنت أود أن أفتح لأستنجد بجواد من ياسر
وأتخلص من هذا الجحيم
لكن سرعان ما تراجعت وصور الرعب تتزاحم أمامي لكنه كان بارعاً في اكتشاف ملامحي ورعشات يدي وسرعتي المفرطة
كنت أرغب بالتخلص من كل هذا وأكون مع جواد فقط .. أريد الابتعاد وتسارعت خطاي وتشتت افكاري وزاد ضياعي
لكن ياسر لحق بي وكان مستغرباً من حالتي
كأنني أريد الفرار من كل شيء حاول فهمي لكنني كنت لا أستوعب شيئاً ركبت بسيارته واتجه بي صوب منزل أهلي
فور إحساسي بأنني باتجاه بيت أهلي ازداد خوفي واصطكت أسناني وأصبحت أتاوه وأصرخ وضاق نفسي أكثر فأكثر
كنت أريد أن أرمي نفسي
لمجرد إحساسي أنني باتجاه
شبح والدي القاسي .
كانت الأبواب مغلقة ويضيق النفس أكثر فأكثر .... كلما تذكرت صور الماضي الأمر الذي جعله يتجه بي إلى الاستعجال والذهاب إلى المستشفى القريب فكان التشخيص أنها حالة انفعال زائد وهو خطر عليها وعلى صغيرها...
بعد تحسن حالتي
في تلك الليلة زارني جواد في الحلم وكان في قمة أناقته ينادي باسمي و يلبس ثياباً صفراءَ جميلة وكان الحزن واضحاً في ملامحه..
اقتربت منه فأخذ يبتعد حتى انتهى الحلم ...
استيقظت من الحلم وياسر يمسح تعرقي ويقرأ علي بعض الآيات القرأنية ..حاولت النهوض من السرير وكان خائفاً جداً فأمسك بيدي وتوجه معي نحو المغسلة وبدأت أغسل وجهي وأنظر في المرآة التي أمامي لأجد في انعكاسها جواد بوجهه القاتم وملامحه المرعبة..
ذُهلتُ من صورة جواد بدل ياسر الذي كان يقف خلفي تماماً وكادت عيناي تجحظ للخارج وأنا أمعن النظر إليه في انعكاس المرآة..
امتلأ قلبي بالرعب والدهشة
انكمشت في أحد الزوايا
وكنت أبكي كطفلةٍ ضائعة
وشهيقي قطع قلب ياسر
الذي احتار في حالتي وحاول فهم مايحدث
بكيت وكأني لم أبكي من قبل كان البكأء حلواً لذيذاً
واتجهت نحو الخارج أريد أن اهرب وليس لي وجهة محددة فكل أرض الله لاتسعني
كأني أريد لروحي أن تخرج من روحها..
مونيا بنيو
منيرة
#يتبع