الثلاثاء، 9 يوليو 2024

ثقافة العلم والثقافة بقلم علوي القاضي

«(∆)» ثقافة العلم والثقافة «(∆)» [1]
بقلمي : د/علوي القاضي.
... { إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، إقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ }
... بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم *** لم يبنى ملك على جهل وإقلال
... العلم يرفع بيوتا لاعماد لها *** والجهل يهدم بيت العز والكرم
... فالعلم والثقافة يرتقيا بك وبمن حولك ، والشخص المتعلم المثقف ، هو القادر على إدارة حياته بحكمة وعقلانية ، لأن العلم والثقافة نور للعقل والقلب ، وإلهام للروح ، ورقي وحضارة
... والعلم والثقافة يشكلان الوعي الكافي للعيش في الحياة بأمان ، والشخص المتعلم المثقف ، حر ولو كان مقيدا بألف قيد ، فكن على يقين أن العلم والثقافة وحدهما هما من يرفعاك ويعليا من قدرك
... هل هناك فرق بين العلم والثقافة ؟! ، وماالفرق بين المثقف والمتعلم ( فليس كل متعلم مثقف ) 
... بداية نحن نعرف ، أن الثقافة سلوك حضاري معرفي يشمل مجموعة متكاملة من مختلف العلوم والقانون ، والفن والعادات والتقاليد ، والأخلاق متلازمة بفعل إنساني أخلاقي متحضر ، و ( الشخص المثقف ) يتميز بأنه موسوعي المعارف ، متعدد الثقافات ، غزير المعلومات ، في شتى الميادين والمجالات ، يستغل تجاربه الحياتية بذكاء ، في تنمية معارفه ، متعدد المواهب والمهارات ويقوم باستمرار بتنمية تلك المهارات و تحديثها ، فثقافته جزء أساسي من سلوكه العام تمنحه القدرة على التعامل مع كافة الأمور بوعي كامل وإدراك أوسع ، يتميز بالمرونة في التعامل مع الآخرين ومع من يناقشه وله القدرة بسهولة على الإقناع ، أما ( الشخص المتعلم ) فقط له معرفة أكاديمية إكتسبها بالتلقين من دور التعليم ، لاتخرج عن المقرر ، وتفتقر إلى إستغلال التجارب الحياتية التي تكمل معارفه وتنميها ، معلوماته ومهاراته محدودة ، لايلم بمختلف العلوم ، ويفتقد إلى الرغبة في فهم الأمور ، ولايداوم على القراءة أوالبحث أوتحديث معلوماته ، ولايسعى لتحليل وتقييم المعلومات التي يجدها ، مما تجعله سطحي التفكير ، وللأسف يعتقد أنه يعلم كل شيئ ، لأنه متحصل على شهادات أكاديمية عليا
... و( الشخص المثقف ) يتميز بصفات نفسية وشخصية منها ، الذكاء ، الصدق ، الحديث المنمق والأدب ، والمشاعر والعواطف الغزيرة ، وعميق التفكير ، ويمتاز بالإنسانية المفرطة ، ودائما أنيق وراقي في مظهره ، ويمتاز بالتسامح مع من أخطأ معه ، ويهتم بثقته بنفسه ، ويحافظ على كرامته ، ولايقلل من شأن نفسه أمام الآخرين ، ويحترم الآخرين وآراءهم وطريقة تفكيرهم ، ورغم أنه لايملك غزارة فى المعلومات ، لكنه يملك وجهة نظر خاصة فى الحياة وفى الوجود ، التي تشكلت من خلال القراءة والتجربة والتفكير والربط بين ما قرأه فى الكتب وما إختبره فى الحياة  
... وهنا نستطيع أن نعرف المثقف أنه ( هو الشخص الذى لا يقرأ للتسلية فقط ، ولا يقرأ فى مجال تخصصه فقط ) ، فالمثقف لايقرأ ليتسلى فحسب ، وإنما أيضا لكى يعرف ، ويفهم ، ويستنير ، وبالتالى تجده لايكتفى بقراءة الروايات البسيطة والكتب الخفيفة فقط ، وإنما يقرأ فى موضوعات صعبة وعميقة فكرا وفلسفة ، تحتاج قراءتها إلى تأمل وجهد كبير كالفلسفة مثلا ! ، والمثقف لايقرأ فى مجال تخصصه فقط ، وإنما يقرأ خارج مجال تخصصه أيضا ، فالطبيب مثلا ( وهذه تجربتي ) ، تفرض عليه مهنته أن يكون مطلعا على أحدث التطورات الطبية فى العالم نعم ، ولكن إذا اكتفى بالقراءة فى مجال تخصصه فقط لايصبح مثقفا ، وإنما يصبح خبيرا فى الطب ، فمتى يصبح مثقفا ؟! ، عندما يقرأ خارج مجال تخصصه ، فيقرأ فى الأدب والفلسفة والدين والتاريخ والسياسة والإقتصاد والعلوم والفنون ! وهذا ماإعتمدته فى مسيرة حياتى
... وهناك ثوابت لايمكن تجاوزها ، فليس كل من أقرض شعرا أصبح شاعرا ، وليس كل من كتب في الأدب أصبح أديبا ، وليس كل ذو علم أصبح مثقفا ، وليس كل من قرأ الفلسفة أصبح حكيما ، وليس كل من قرأ في الدين أصبح إماما ، وليس كل من تقمص شخصية أصبح فنانا
... فالثقافة والفكر لايتشكلان إلامن خلال ثلاث عوامل ( معرفة شاملة ، تجربة ناضجة ، مهارات ذاتية )
... فالشخصية المثقفة متواضعة وخلاقة ومتزنة ورزينة ، وتقبل النقد وتقبل الرأي الاخر ومنفتحة وليست متزمتة او مسيطرة 
... فالثقافة ترتقي بك وبمن حولك ، وتجعلك قادرا علي إدارة حياتك بحكمة وعقل ، فهى نور عقلك وقلبك والهام روحك ورقيك وحضارتك ، وهي وعيك الكاف لتعيش الحياة بأمان ، بها أنت حر ولو كنت مقيدا بالف قيد 
، وكن متاكد أن بالعلم والثقافة يرتفع ويعلوا قدرك
... ويرى - جان بول سارتر - أن ( المثقف هو الشخص الذي يتدخل فيما لايعنيه ، ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة ) ، قد أتفق معه جدا لكون المثقف يحمل هم مجتمعه
... ويقول المفكر (على الوردى ) أنه لو أردنا التمييز بين المثقف والمتعلم ، نجد أن ( المُتعلِّم هو مَن تعلّمَ أموراً ، لم تخرج عن نطاق الإطار الفكري الذي إعتاد عليه منذ صغره ، وهو قد آمن برأي ما ، وأخذ يسعى إلى المعلومات التي تؤيده ، وتُحرّضه على الكفاح في سبيله ) ، أما ( المُثقف يمتاز بمرونة رأيه وباستعداده لتلقي كل فكرة جديدة ، وللتأمّل فيها ، ويأخذ وجه الصواب منها ، ولذلك فالمقياس الذي نقيس به ثقافة شخص ما ، هو مبلغ مايتحمل هذا الشخص من آراء غيره المخالفة لرأيه )
... وهناك من أضاف أن الشخص المثقف الواعي هو ( الذي يعرف كل شئ عن شئ وشئ عن كل شئ ) ، لذلك أنصحك أخي الكريم أن تعط 50% من قراءاتك وبحثك للشئ الذي تريد التخصص فيه ، و50% للأشياء الأخرى ، فعندما تفتح الجريدة مرر عينك على الصفحة الثقافية والرياضية والفنية والعلمية والسياسية ، فكل معلومة تقرأها ، مهما بدت لك غير مهمة ، سيأتي أوان الإستفادة منها 
... ويقول - كريم الشاذلي - أن ( من مزايا الشخص المثقف ، أنه يمتلك عقل واع ، قادر علي التفكير في أي فكرة ، حتى بدون أن يقبلها ، بمعني أنه غير مضطر أن يعيش في ضغط من أحدهم ، ويتعمد تجاهل كل أمر أوفكرة تُفرض عليه ، ولايبالي بأي شيء يجعله يقلق ، فالحياة بالنسبة له سهلة وبسيطة ، ويتعمد تجاهل كل مزعج ومؤذ له في حياته حتي يرتقي ويزيد من تركيزه في مايستحق ، الوقت عنده أغلي من كلمة تستفزه ، أو تفكير يحبط عزيمته ، ويبعد عن أي شخص سلبي ويتجنب كل متشائم ، فإذا تعلمت التجاهل ، والبعد عن الضغوط ، وتجنبت السلبيين ، والكلمات المزعجة ، وعرفت قيمة الوقت أصبحت تلك الشخص الرائع الذي يجيد اللامبالاة )
... وإلى لقاء فى الجزء الثانى
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلسفة الموت والحياة«(10)»رؤيتي بقلم علوي القاضي.

«(10)»فلسفة الموت والحياة«(10)» رؤيتي : د/علوي القاضي. ... وقفنا فى الفصول السابقة على رأي الفلاسفة وعلماء الإسلام والمتصوفة في فلسفة الموت ...