الخميس، 5 سبتمبر 2024

احلام الفتي ناجي بقلم نصر سيد بدر

احلام ..الفتي ناجي 
  كان ناجي موظف استقبال في فندق الحرم الشهير علي كورنيش الاسكندريه. .كانت وظيفته تحتم عليه الابتسام دائماً حتي ولو بداخله كل هموم الدنيا. .يجب ان يقابل النزلاء باابتسامه ولباقه وبال طويل. .كان ناجي يسكن في شارع السلطان حسين بالعطارين بالاسكندرية. .شارع حيوى يجمع ما بين الانشطه التجاريه ولمحه من المباني العريقه التي كانت ارستقراطيه يوما ما. .كان ناجي احد ثلاثة أبناء لوالدين سكندريبن من الجيل الذي شهد مجد الاسكندرية ايام كانت مقرا صيفيا للحكم. ..وكانت محط اهتمام كبير من الحكومات المتعاقبة في فترة ما قبل ثورة 1952 وما بعدها. 
   كان احد شقيقي ناجي قد استشهد في حرب أكتوبر 1973 والاخر يعمل على أحد السفن التجارية كمهندس اول السفينه والتي كانت تجوب الموانيء ولا تستقر في الإسكندرية الا نادرا..وكان عبء رعاية والدى ناجي يقع علي عاتق ناجي لعدم وجود سواه وكان يقيمان في المنشيه. .وكان ناجي متزوجا من احلام مشرفة تمريض بمستشفى مصطفى كامل العسكرى بالاسكندرية. .وكان ناجي يحاول ان يقتطع من وقته لمراعاة والديه المسنين وتلبية طلباتهما التي كانت بسيطه للغايه وكان يعاونه في ذلك سيده خمسينية العمر تدبر شئون والديه يومين في الاسبوع لاسيما ان والده كان يتقاضى معاشا جيداً بعد ان عمل طوال عمره في الجمرك بالاسكندرية مما كان يوفر علي ناجي عبء الانفاق علي والديه. .
    وكان لناجي ابنين هما باسر في الصف الأول الثانوي وماجد في الصف الأول الاعدادى. .وكانا مجتهدين في دراستهما. .قليلا الكلام هادءين هدوءا يشوبه بعض الخوف والرهبه لأسباب سوف نوردها بعد ذلك. 
    وكانت احلام زوجة ناجي مشرفة تمريض بمستشفى مصطفى كامل العسكرى بالاسكندرية. .لم تتجاوز الاربعين بعد بها كثير من ملامح السكندريات. .امتلاء بسيط طويلة القامه حديثها به جديه تشبه إلى حد كبير الرجال وجديتهم..ومنذ زواجهما لم يعرف ناجي كيف يستفز ويحرك الانثي النائمة بداخلها. .ولم يعرف طريقه لان يحيي فيها الغريزة الطبيعيبه للاحتضان والامتزاج في مساءات متاخره او في بواكير الصباح بحيث يكون الاستعداد الغريزى في قمة نشاطه في هذه
الاوقات..لم تسلمه مفتاح نفسها ولم يستطع ان يفك شفرة جسدها لينهل منه متي شاء..فعاشا معا حياه اقرب للجفاف العاطفي ..حاول مراراً ان يجعلها تتقلب في فراش الشوق وتشعر كما تشعر سائر النساء ولكن حتي في اقرب اوقات اقترابهما وامتزاجهما كانت ملامحها حادة وكانها تؤدى عمل من اعمال وظيفتها.
   وكانت علي مستوى التعامل مع الآخرين والمرضي متجهمه دائماً والعبوس لا يفارق وجهها..تحمل كلماتها صيغة الاوامر والصوت العالي
حتي انها تلقت انذارات عديده من رؤسائها بمحاولة التخفيف من حدة حديثها وتعاملها..وكان نفس الاسلوب متبعا مع ولديها في المنزل مما جعل
الولدين في حالة انطواء وهدوء جبرا عنهما حتي لا يتعرضا للعقاب منها. 
    ورغم أن ناجي كان يوزع وقته بالعدل فيما بين عمله ومنزله ورعاية والديه المسنين الا ان ذلك لم يكن يعجب احلام التي كانت حتي لاتذكر والديه بالاسم بل تقول له. .انت رحت المنشيه؟ ولم تكن تسأل عنهما..رغم ان والديه كانا دائماً يسالان عنها.
   وحين كان ناجي ياخذ ولديه ليزورا جديهما ثم يعودان للمنزل تبدأ على الفور حلقات الاستجواب.للولدين..عما حدث هناك وماذا قال والدهما وماذا فعل الي اخر تلك السخافات. 
    وكان ناجي يقول لنفسه ربما ان مهنتها ورؤية المرضي باستمرار جعلت قلبها جامدا الي هذا الحد.
    كان ناجي يعيش ظروفا ماديه صعبه بسبب انخفاض معدل السياحه والسفر والرحلات وقلة إعداد السائحين وانعكاس ذلك علي دخل ناجي
ومن شدة ماكان ناجي يفكر في الحياه التي يحياها والضغوط التي يلاقيها في العمل وفي البيت مع زوجته ومحاولة إخراج ولديه من الانطواء ..لاسيما وقد تطرق الي سمعه حديث اثنين من المديرين في
الفندق وهما يتحدثان عن اعادة هيكلة العماله..وهو اللفظ المهذب لتصفية العماله او الاستغناء عن بعض العاملين في الفندق. .وكان اهون عليه ان يتجرع السم بيده ولا يطلب من احلام زوجته ان تساعد
في اعباء المعيشه. .وكان يردد لنفسه باستمرار الاقيها منين ولا منين. . وكان كلما نام يحلم بحلم واحد فقط يتكرر باستمرار. .وهو انه يقود
سياره داخل نفق ومهما سار في هذا النفق المظلم لايصل لنهايته ولا يجد فيه بصيص من الضوء في نهاية هذا النفق المظلم. 
   وفي صبيحة احد الايام التي تكرر فيها هذا الحلم استيقظ ناجي من النوم مبكرا وارتدى ملابسه وخرج واغلق باب الشقه خلفه. .وفتح باب
المصعد ودخل وفي هذه اللحظه سمع سكان الادوار الاولي صوت ارتطام شديد في بئر المصعد. .فقد كان المصعد في الدور الاول واصاب باب الدور الخامس حيث يسكن ناجي عطل ففتح ناجي ودخل دون ان يلحظ عدم وجود كابينة المصعد..
    اخيرا وجد ناجي فتحة النفق المظلم الذي كان يحلم به. .اخيرا وجد
ضوء في نهاية النفق المظلم الذي كان يحيا ويحلم به..بينما تجمع سكان الادوار الاولي مرددين..ده الأستاذ ناجي اللي في الدور الخامس..الله يرحمه ويحسن اليه.
        قصه بقلم/نصر سيد بدر
###للقصه جزء ثان سوف انشره بعد غدا ان شاء الله. 
@إشارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلسفة الموت والحياة«(10)»رؤيتي بقلم علوي القاضي.

«(10)»فلسفة الموت والحياة«(10)» رؤيتي : د/علوي القاضي. ... وقفنا فى الفصول السابقة على رأي الفلاسفة وعلماء الإسلام والمتصوفة في فلسفة الموت ...