أيا قلمي أنَرْتَ لِيَ البيانا
فَحِبْــــرُك قدْ تدفّقَ مـنْ رُؤانا
ونونُكَ في السّطورِ أتى بوحْيٍ
أضاءَ الفكرَ واكتـــسَحَ الزّمانا
شَققْتَ الصّخرَ بالتّنقيرِ بحْثاً
وجُبْتَ البحرَ مُكْتَــشِفاً قِوانا
وربّي علّمَ الإنســـــانَ ما لمْ
يَكُنْ يعلــــــمْ وعَلّمهُ البيانا
فأنتَ النّورُ ياقلمي لِحَرفي
ونظـــــمُكَ قدْ أعاد لنا الأمانا
أتى العصرُ المُحنّطُ بالوباءِ
كأنّه في الرّبيـــعِ منَ الشّتاءِ
سَيكتسِحُ الشّوارعَ عَزْمُ أهْلي
لِنُصرةِ حقّـــــهِمْ عَقِبَ النّداءِ
أرادوا العيشَ في وطنٍ أمينٍ
يفكّرُ في الرّجالِ وفي النّـــساءِ
ويحمي الشّعبَ من مَضضِ اللّيالي
بعدْلٍ في الأنامِ بـلا ازْدِراءِ
وأمّا الظّلــــــمُ في بلدي فعارٌ
لأنّه قد يَجُرّ إلى البــــــــــــــــلاءِ
بِحُرّيةِ العقولِ نرى النّهارا
فنبـدعُ في الحياةِ لنا ابــتكارا
ألمْ ترَ أنّ غرْسَ العلمِ ينْمو
فَنجْـني من فَواكــهِهِ الثّـــمارا
تُطوّعُهُ الشّعوبُ متى أرادتْ
فَتُنْـجِبُ في ثقافتنــا الكـبارا
وأمّا إنْ تخلّفَ ركْبُ أهْلي
سنقـــــطِــفُ حيـنــها ذُلاّ وعارا
إذا الشّعْبُ الأبيُّّ أرادَ يوْماً
سعى بالجدّ فاخـترَقَ الحِـصارا
أتى الإبداعُ في وجْهِ الصّباحِ
بنورٍ في الوجـودِ منَ الفَـــلاحِ
فغرّدَتِ الطّيورُ به ابتِــهاجاً
وزغْردتِ العــذارى في البِـطاحِ
وهبّ الخلقُ فانتشروا جميعاً
لِجَنيِ الرّزقِ من شجَرِ النّــــجاحِ
تجدّدتِ الحـياةُ بُعَيْدَ ليْلٍ
أراحَ الخلقَ منْ تعَـــــبِ الكفـــاحِ
وجاءَ الفجرُ مُنشَرِحاً مُنيرا
فأحْيا الكَــــــوْنَ من رحِمِ الصّبـــــاحِ
كلامُ النّاسِ أجْودُهُ الصّحيحُ
وقولُ القــوْمِ أعْذَبُهُ الفـصيحُ
تُعلّمُنا الفصاحةُ منْ لســــانٍ
بياناً في الحديثِ هوَ المــــليحُ
وسِحْرُ القولِ في المبنى جميلٌ
وسوءُ القولِ يمْدحُهُ القبـــــيحُ
وما الإفصاحُ في التّعبـــــــيرِ إلاّ
لسانٌ فــــــي قراءتهِ مُــــــريحُ
فعلّم ما استطــعْتَ بلا حُدودٍ
لعلّكَ في التّقاعُدِ تســـــتريحُ
أرى التّعلــيمَ في وطني ظلاما
وقد فقدَ النّجاعَةَ والنّـــظاما
يُعلّمُ نسْـــــلنا لغْواً عَقيماً
ومن زرعَ القشورَ جَنى اللّئــــاما
أليس اللّغوُ في التّدريسِ نَقْصاً
وكيفَ سنَهْتَدي هدْياً سَــــــلاما
لعِبْنا بالأمانةِ فانْحــــــــــطَطْنا
ونامَ النّاسُ فانبَطــــحوا تَمـــــــاما
فَحوّلَ لغوُنا الإفـــــــصاحَ عاراً
كأنّ اللّــغوَ قد أضْحى كــــــلاما
سَنعلمُ حينَ يَنقَشعُ الغبارُ
بأنّ اللّـغوَ أبدعَهُ الحــــمارُ
تقهْقرتِ البلاغةُ في لساني
وفي التّدريسِ حلّ بنا البـوارُ
رجعْنا في الحياةِ إلى خُمولٍ
بفعلِ العجْزِ فانْهـــدمَ الجــدارُ
نخادِعُ بعْضنا في كلّ شيئٍ
ونزعُـــمُ أنّنا نحـــنُ الكبـــارُ
وقد سقَطَ القناعُ بكلّ قُطْرٍ
وتحْتَ المَــوْجِ قدْ غرقَ الصّغارُ
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق