.. { ابن عزيزة وعزُّوز } رواية / رضا الحسيني ( 30 )
.. { محفوظ في إذاعة الشباب والرياضة }
لم يشأ هذا العام أن يرحل قبل أن يرتفع شأن محفوظ أكثر وأكثر ، كانت أمه عزيزة أول من سمعت اسم ابنها محفوظ وهو يذاع بأحد برامج إذاعة الشباب والرياضة وهم يطلبون حضوره في الغد للإذاعة
لم يفهم في البداية أحد هذا الأمر ، ولكن سرعان ما اكتشفوا أن قصيدة لمحفوظ قد فازت بجائزة بهذه المحطة ، وهكذا يستكمل القدر لمحفوظ طريق التفوق الذي لم يسبقه إليه أحد من قبل من عائلتي والديه ولا من سكان البيت الكبير ولا رفاقه أو جيرانه
لمح محفوظ في عين أمه عزيزة قدرا من السعادة التي لم تكن تحلم بها ، كان كل أمانيها أن يحقق لها ابنها محفوظ أُمنية الدخول للجامعة والتخرج منها كأولاد إخوتها ، وماكانت تتخيل يوما أن يتفوق ابنها هذا على الجميع هكذا بأن تسمع اسمه هكذا بالإذاعة المصرية ، والحدث الأغرب الذي لم يتوقعه أبدا محفوظ هو أن الإذاعية التي سيلتقيها صباح الغد تظهر أمامه بالتلفاز ، ففي سهرة هذا اليوم أذيع حفل غنائي للفنانة القديرة فايزة أحمد حيث غنت ( وقدرت تهجر ) وأثناء الحفل ظهرت المذيعة وفاء الشعراوي في لقاء مصادفة ، وكأن القدر كان يريد أن يسهل لمحفوظ لقاء الغد مع هذه المذيعة وهكذا رأها وعرف شكلها
كان ليل هذه الليلة أطول من كل طرق السفر ، وأكثر الليالي قلقا لدى محفوظ ، لايعرف ماذا يفعل في الغد ، ماذا يلبس وماذا يقول وماذا يأخذ معه من كتاباته ، وكيف ستملك قدماه القدرة على الدخول لماسبيرو ، ولا أحد من رفاقه يصدق أنه سيدخله فعلا ، ولم يبذل محفوظ أي جهد ليجعل رفاقه يصدقون ، فالأيام القادمة هي ستجعلهم يصدقون محفوظ ، فكما جاء في فيلم للقدير فؤاد المهندس :
_ الماكينة طلَّعت قماش يافوزية
فماكينة إبداعات محفوظ بدأت تظهر نتائجها وهاهو اسمه يذاع للمرة الأولى ، وهو على يقين أنها لن تكون الأخيرة وأن الخطوة الأولى لابد وأن تشد الخطوات التالية
في صباح اليوم التالي اتجه محفوظ للإذاعة في ماسبيرو ، هذا المبنى العملاق ، وصعد للدور السادس ، حيث مكاتب إذاعة الشباب والرياضة بمبنى ماسبيرو على كورنيش النيل بالقاهرة ، لم يصدق الولد الشقي محفوظ مايعيشه ، ومرت بمخيلته كل ماعاشه من قبل ، كل شقاوته ومذاكراته ورفاقه وأهله ، وتذكر عيون أمه وهي توصيه بأن يحقق لها حلمها وهما يخرجان من عند عم حامد الكفيف صديق والده بشوارع المنيل ، ومما زاد فرحة محفوظ أنه يرى في هذه اللحظات كبار الفنانين والمذيعين المصريين داخل هذا المبنى العريق ، كل من كان يسمع أصواتهم ويراهم بالتلفاز أو بالمجلات ، هو الآن بينهم وواحدا منهم ، كيف سيصدق رفاقه عندما يعود ويحكي لهم كل هذا
في هذا اليوم التقى داخل غرفة إذاعة الشباب والرياضة بأهم شخصية تأثر بها وأحبها وتعلق بها محفوظ ، إنها السيدة جميلة الروح والصوت والإحساس { عديلة بشارة } التي كانت تقدم أيام الخميس والجمعة والسبت حلقات برنامج { مايكتبه الشباب }،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق