قصة قصيرة
سن نملة الدبانة
للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل
كانت رحلة العوده هي الأخيرة بعد سنوات طويلة من الغربة في الخليج فقد أمضت نصف عمرها في تلك المدينه
الصغيرة في بيت متواضع و ظروف صعبه حتي يستطيع زوجها ادخار أكبر قدر من المال لتحقيق حلمه في الثراء فقد واصل الليل بالنهار لجمع المال تاركا زوجته بين جدران المنزل تارة تشعر بالملل و تارة أخري بالوحده في تلك البلد المنغلقة أدارت رأسها نحو السحاب بعد إقلاع الطائرة تتذكر أول رحلة لها لتلك البلاد بعد أن سبقها زوجها للسفر بعد شهر العسل لإعداد منزل الزوجية و و انتظاره لها في المطار
لم تشعر نحوه بألفه في البداية خاصه أن زواجهما تقليدي
وفترة خطوبة قصيرة وحتي شهر العسل مر معظم وقته في إجراءات السفر ولكنها كانت تحلم بحياة مرفهه في تلك البلد المشهورة بالثراء و كانت صدمتها الأولي في تلك الشقة المتواضعة و انشغال الزوج جل الوقت في جمع المال وعصبيته الشديدة معها و تعامله الجاف معها
لم تكن تتخيل الجحيم الذي سيرافقها طيلة إقامتها معه
حاولت نيل رضاه بشتي الوسائل و لكنه لم يشعر معها بالحب ربما لأعتقاده بأنها تزوجته طمعأ في ماله و أن اختيارها له رغبه في حياه مرفهة و ليس لشخصه
وهل لو لم يمتلك المال لم تكن ستوافق عليه
كلها اسئلة أجابتها واحده و هي أنها تزوجته فقط لأنه الأغني و الأجهز و شعوره هذا جعله يعاملها معاملة السبايا بكل ما تحمله الكلمه من معاني
استمرت الحياة بينهما بعد أنجاب الأولاد هو يعاملها بتعال و إهمال و هي تتجاهل إهانته خوفا من الطلاق و رغبه في الحفاظ علي الأسره فهو بالنسبه لها الأمان بعد زواج أشقائها و تباعدهم وظروفهم المادية الصعبة
انتبهت من ذكرياتها علي صوت المضيفه تعلن عن وصول الرحلة المطار
بعد خروجها من المطار شعرت أنها ولدت من جديد و كأنها حصلت علي عفو من سجن الغربه و الوحده
اصطحبت اولادها إلي شقتها الصغيره و بدأت في الدخول في جروبات مسقط رأسها تتلهف الأخبار و تتدافع ذكرياتها عبر الصفحات مما زادها شوقا في الخروج إلي الشوارع و زيارة أقاربها و بيتها القديم
أمضت شهور عدة تبحث عن عمل حتي حصلت علي وظيفة جيده بأحدي مدارس اللغات
و خلال العمل زار المدرسة في أجتماع أولياء الأمور
جارها في البيت القديم و الذي كانت تشعر أنه يحبها في صمت و لا يستطيع حتي التلميح لها لظروفه المادية الصعبه حينها و احتراما الجيرة و صداقته لأخواتها
سعدت للقائه و لتلك الصدفه التي قادته إليها
ربما شعورها بحنين لأيام الزمن الجميل في حياتها
تبادلا ارقام الهواتف و كذلك الفيس بوك
و من خلال حديثها معه قصت عليه معاناتها في الغربه بأدق التفاصيل و هو يحاول التخفيف عنها و مواساتها و كانت المفاجأة عندما علم أسم الزوج أخبرها أنه متزوج منذ فترة من سيدة مطلقه وهو يعرف تلك السيده جيدا لأنها زميلة له في العمل
طلبت منه عنوان تلك السيده وكانت المفاجأة الثانيه أنها تسكن في شقه يمتلكها الزوج وأخبارها أنه قام بتسكينها أيجار جديد منذ فتره طويله
واجهت الزوجه زوجها الذي لم ينكر زواجه من تلك السيده كحق شرعي له
انهارت الزوجه من وقع الصدمه و في تلك اللحظات أخبرها جارها القديم بحبه لها من أيام الفتوة و الشباب
شعرت بصدقه و لكنها متزوجه و حتي لو خلعت زوجها
هل ستتزوج من رجل متزوج
وهل ستترك اولادها في هذا السن الحرج
وهل جارها القديم سيتزوجها حقا أم أنه يمر بأزمه منتصف العمر التي طالت معظم رجال المنطقه العربيه
كادت أن تجن ولكنها توصلت لحل يرضيها وهي أن تتزوج جارها القديم و تصبح زوجة ثانيه و الزواج عرفي
و لكن بعد وفاة زوجها الذي شارف علي الستين و يعاني من أمراض مزمنة
قررت الأتصال بجارها لعرض الأمر عليه و هو بالتأكيد سيوافق ولكن الموبايل الخاص به مغلق
فتحت الفيس بعد أيام و لكن صفحته ليس بها جديد
ولجت إلي صفحات اصدقائه و عائلته
وجدت نعيه و صورته في كل صفحات اصدقائه