هذا الهوى ما عاد يغريك - ٥٢
بقلم الشاعر إبراهيم العمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسكين أنت يا قلبي..!
لم تعد تجد في هذه الحياة الفانية ما قد يستهويك..
هذا الهوى ما عاد يسحرك ويغويك..
نار العشق ما عادت تدفئك..
أحلام الأرض الخصبة ما عادت تزرعك..
ثلوج كانون تستوطن فيك..
أمطار شباط ما عادت ترويك..
مخالب الدهر طمست كلماتك التي حفرتها على الأشجار..
قشور الفستق التي لامست شفاه من تحب اختطفها الإعصار..
والأغصان ،
التي سمعت خفقان قلبك،
يبست من شدة الحزن والشوق..
أوراقك، يا قلبي، أضحت صفراء باهتة ، فقدت عطرها ونداها ,
استسلمت,
وتطايرت مع رياح الخريف..
وأنت قابع في زاوية الزمن المنسي..
صمتك رهيب.. مهيب.
يموت كل شئ فيك...
وتبقى دقاتك الخافتة..
يبقى أنين صمتك..
يبقى بركانك الخامد..
يبقى تمرد لا وعيك..
يبقى ركود المياه عند شطآنك ..
أنا لا أستطيع التنبؤ بما يغلي خلف شغافك..
أنا لا أستطيع التكهنّ بنوعية أسلحة الدمار التي تتصنع،
بهدوء وروية،
في أوردتك, التي لا تكل، ليلا ونهارا..
أنا لا أستطيع أن أتحكم بمواعيد هيجانك وثورتك..!
طال صمتك..
طال رقودك..
وكل يوم يزداد خوفي منك..
يزداد قلقي عليك..
يزداد غضبك يوما بعد يوم...
يزداد صمتك.. تكبر عزيمتك..
يرتفع الجدار..
تتراكم الأحجار..
وأنت تصّر دائما على أن ثورتك لن تكون ردة فعل..
تصّر على أن تكون أنت من يتخذ القرار..
أنت من يحدد الوقت،
أنت من يحدد المكان..
أنت لا ترتبط بالزمان أو المكان
أنت لا تهمك كل تلك الإحداثيات،
أنت لا يهمك إذا كنت خارج أو داخل التوقعات..
أنت لا تهتم بالأحكام والآراء..
أنت لك موازينك الخاصة بك
أنت لك رؤيا, قد لا تكون داخل نطاق الدوافع والمقاييس..
أنت تسير على دروب القدر..
أنت لا تملك أن تحيد عن تلك الدروب..
أنت لا تملك أن تحجب الشمس؛
إذا استهوتك،
في وقت من الأوقات،
رؤية الغروب..
أنت تؤمن أن كل ما في الكون ,
لا يغيّر من خاصية الفراغ الذي يحتضن جسدك..
وكل ما تراه لا يشوه نقاء العدم الذي يستوعب روحك..
وأن كل الضجة التي تحدث في أرجاء العالم,
لا تهزّ نقاء الصمت الذي يغلف أحاسيسك وأفكارك..
ـــــــــــــــــــــــــ