*ما اسمك ؟
_ راوية
*من أي بلد أنت ؟
_ من تونس
*تحديدا؟
_ من منطقة تكون فيها جميع الإتجاهات بمقاس واحد
لكنها أضيق من جرحي ...
_ سأحدثك عن مدينتي أو بالتحديد عني
لأني أرى نفسي مدينة أحزان مترامية الأطراف
كل سكاني مشاعر مكسورة
و الطرقات التي في جسدي ما هي إلا خطوط أحلام موؤودة و آبار أشعار جف فيها التعبير ...
لا أطيل النظر إلى الحدود
لأني بلا ضفاف أحطم الأعمدة التي تقتل في داخلي النور
و تصطنع ضوءا متبرجا لا يترجم أغاني النجوم ...
ما تحمله الذاكرة من عطب ...قد بلغ عنان السماء
و لا أملك من معجزات الكتابة إلا بضع أحرف في سوق تعبير سوداء لا تحتاج إلى تضليل حتى تعرض أوجاعها بضاعة نسيان ...
لم أكتسب الصمت
فقط اهتممت بحزني...تكلمت معه و نسيت كل شيء ... تدريجيا تجاهلني العالم ...لم يتجرأ أحد على ملامسة حطام صدري ...
الكل طلب مني أن أبتهج لفرحهم
دون أن يدركوا أني لا أقوى حتى على الابتسام. ..
اعتبروني فيلسوفة و يروني في برج عاجي من الغموض... أثارهم ذلك و أغضبهم مني دون سبب
تصيدوا الفرص لإلقاء اللوم علي لأني مذنبة دوما بصمتي ...
أنا أعمق من المجازفة للغرق في ...
لهذا ينظرون إلي كغريبة عن جلدتهم و مختلفة عن تشابههم
حاولوا مرارا الزج بي في ألوانهم لكني لا أكترث لأمرهم...
لوني الملكي يشتت تفكيرهم ...
***
إليك...
أنا ابنة الذكرى و وريثة النسيان
ذاكرتي عجوز أنجبت أفكارا قرناء و خيالا وحيدا يصول في نفسي و يجول في خواطري كجواد أرعن...
أنا ابنة النور فلا تكن لي إلاّ وحي البريق...
قلبي شمس تأتي دفعة واحدة بالدفء
و قلبك قمر يشهد الليالي بين إكتمال و نقصان ...
أنا ابنة الوجود فلا تغيّب فيّ حاسة الوجود
و كن لي مراسم لقاء لا دفن الوعود...
أنا أميرة قلبك و حارسة وعدك
فكن سيدا على عرشك لا غائبا بمعجزة الحضور ...
أنا أجمل ما كتبت و أكثر ما كتمت
و حروف اسم صداها في جلّ السطور ...
لا تقف في منتصف الردود و لا تدر ظهرك
لإنبثاق الحلم و لا تزج به في بركة الجحود...
لا تشرب من بئر جف فيها الريق و لا تأكل أصابع الندم
بعد أن أضرمت في طريقنا الحريق...
***
إليّ:
خرجت من حدادي
و لبست ضحكي المجروح
رافقت الغياب إلى مقاعد المطر الشاغرة
جلسنا ...ناولني كأسا من فيض خواطري
و دخن هو الفراغ
تحدثنا طويلا دون أن نحرك شفاهنا
قال دخانه المتصاعد أحاديثا قلقة
و تكلم قلبي كثيرا
قلبي الذي لا يكف عن الحديث حتى و أنا نائمة
ثم نطق ...
قال ...أيتها الحقيقية لم أتيت حين أخطأني الزمن
قلت ...لقد دفعت عمري تذكرة لأتزهد فيك
أخبروني أنك تسكن خلف البحر
لكنه بعيد
قالوا ...إنه يأكل الأحلام و يلفظها جثثا على شواطئ نسيانه الكثيرة
كنت أفكر في الوصول إليك و ان صرت بقايا
طويت الشواطئ كلها و سلكت دروب القناديل المغمضة
قابلتني مشاعر مفترسة ...اجتاحت أضلعي و مزقتها
حتى بدوت شراعا مثقوب الاتجاه
لكني لم أكف عن المضي في درب محفوف بالخطر
دربي الذي زرع فيه القدر حفرا من شوك
حتى عرفت و أنا في طريقي إليك أن البحر
ليس فقط تلك الرقعة المبللة
هو الغرق الذي ينزف منا دما و ملح
ها أنا حقيقة صوب روحك فاصلحني إن شئت أو دعني أرقع بقاياك من صمتي
احمل عني تعبي ...أ ترى هذه الأعالي التي تحيط بنا
لا شيء شاهق هنا عدا حطام صدري
صمت ثم قال ...
أنا من يحتاجك ...إني لن أتوب عن الإبحار فيك و إن تساقطت الأرض في جوفك
راوية شعيبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق