بقلم / د.أحمد حافظ
النحت هو فن تجسيدي يرتكز علي إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان أوحيوان أو أشكال تجريبية ويمكن إستخدام الحصي أو الشمع أو نقش الصخور أو الأخشاب وفن النحت هو أحد جوانب الإبداع الفني كما ينتج مجسمات ثلاثية الأبعاد . ويعد فن النحت من الفنون القديمة قدم الإنسان فهو أقدم من فن التصوير والإنسان أقدر علي التعبير النحتي عنه في التعبير بالرسم ونجد نماذج النحت في الحضارات القديمة بإختلاف أشكالها ومنها الفرعونية والرومانية واليونانية حيث يوجد فن النحت أكثر من الفنون الأخري وتعيش المنحوتات الصخرية أكثر بكثير من الأعمال الفنية المكونة من مواد قابلة للتلف وكان النحت أمرا أساسيا في العبادة الدينية وكانت المنحوتات الضخمة التي يعد صنعها باهظة التكاليف والثقافات التي عاشت كثير من منحوتاتها هي ثقافة البحر المتوسط القديم والهندية والصينية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا .
وإنتشر فن النحت في عصر النهضة والباروك ويهدف فن النحت الحالي إلي الإبداع الفني وبدأ التقليد الغربي للنحت في اليونان القديمة وإبتعد النحت الحديث عن العمليات التقليدية وعن التركيز علي تصوير جسد الإنسان وركز علي النحت التركيبي وعرض الخامات الموجودة والمكتشفة كأعمال نحتية مكتملة .
وأنواع النحت :
1. نحت بارز .
2. نحت غائر .
3. نحت بارز مجسم .
لم يدرس بيكاسو النحت بعكس الفنون التشكيلية التي درسها أكاديميا لكنه أحب النحت وكان يشكل حديقته السرية التي عبر فيها عن مخيلة واسعة وجرأة كبيرة وهذا ما أكد ريادته في التمرد علي القيم الفنية المتوازنة . لم يكن النحت بالنسبة إليه محصورا في المواد الثمينة كالبرونز والحجر لأنه كان كالأطفال يلجأ إلي كل المواد المحيطة به ومنها الورق والخشب والأسلاك المعدنية كما كان يستخدم الكثير من البقايا المهملة والمنسية فيتحول معه مقعد دراجة إلي رأس ثور والصفائح المعدنية تمسي قيثارة . من المعروف عن بيكاسو أنه كان من مؤسسي الحركة التكعيبية في الفن الحديث وكان من سمات هذه الحركة الإعتماد علي الخطوط والأشكال الهندسية في نقلها للواقع وفي منحوتاته كان بيكاسو وفيا للجمالية التكعيبية إذ إعتمد علي تقنية القص واللزق المعروفة بالكولاج فكان يلجأ إلي مواد متنوعة كورق الجدران الملون والأقمشة والخشب والملصقات الدعائية ويقدمها بصورة جديدة تماما مركزا علي تجزئة المواد إلي مكعبات وإسطوانات ودوائر يتعامل مع كل هذه العناصر بحرية كاملة ووفق منطقه الخاص فيقصها ويضعها فوق بعضها بعضا كما في منحوتة ( الطفلة الصغيرة ) التي تقفز علي الحبل والتي أنجزها عام 1950 أو في منحوتة ملونة أنجزها في مطلع الستينات . وتتنوع المنحوتات المستوحاة من النساء اللواتي عرفهن الفنان ومن أشهرها تلك المستوحاة من عشيقته ماري تيريز والتر وسارت موديلا وطغي وجهها علي كل رسومات ومنحوتات الحقبة الممتدة بين عام 1930 وعام 1936 وإستوحي بيكاسو من الفن اليوناني والروماني أنف ماري تيريز امتدادا لجبهتها وبدت عيناها واسعتين خاليتين من أي وميض . إنها أشبه بالآلهة المتوحشة كما وصفها أحد النقاد ومن المصادر الفنية التي نهل بيعها بيكاسو وكانت لها مساهمة أكيدة في تحديد فنه والفن الغربي الحديث في شكل عام هناك أيضا الفنون الإفريقية وما كانوا يسمونه في أوروبا بالفنون البدائية . وكان بيكاسو قد إكتشف الفنون الإفريقية والبدائية أثر زيارته لمتحدث الإنسان ومتحف الفنون الإفريقية والأوقيانية في باريس مطلع القرن العشرين وهو كغيره من الفنانيين الأوربيين في تلك المرحلة إنبهر بجمالية هذه الفنون وتناقضها الكامل منذ لوحته الشهيرة (نساء أفينيون ) التي أنجزها عام 1907 وتمثل خمسة نساء وللتأكيد علي حضور هذه الفنون في نتاج بيكاسو نشاهد في المعرض منحوتات إغريقية كانت جزءا من مجموعته الخاصة في مخزنه وإنتقلت بعد وفاته إلي المتحف الذي يحمل إسمه اليوم في العاصمة الفرنسية . يتحرك بيكاسو في منحوتاته بحرية كاملة بين مختلف التقنيات والمواد متحديا كل الأساليب الفنية والجماليات المتوارثة عبر العصور ويؤكد المعرض الجديد أن بيكاسو لم يكن يتعب يوما طوال حياته من العمل ومن إنجاز الرسوم واللوحات والمنحوتات التي تختصر صفحات أساسية مشرقة من مسيرة الفن الغربي الحديث .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق