أبحرتْ روحي إليها
في شراعٍ من خيوطِ الشوقِ ولهفة اللقاء
أبحرتْ روحي إليها .
حملتها أمواجُ الحنين تدفعها نسمات الغرام
إلى موئلِ الحبِّ الخالد ومرتعِ العشقِ الأبدي ...
هناك حيث نبتتْ أزهارُ النرجسِ
نمتْ وترعرعتْ وأزهرتْ فوهبت الدنيا
أروعَ زهرةٍ أجملها وأسماها ...
هناك راحت روحي ترتشفُ وتتنشقُ
أريجَ حبي الأول وولادةَ غرامي منذ آلافِ الدهور
يوم كنت طفلاً رضيعاً بعمر الزمان وكانت هي
إلهةً في مملكة الآلهة . رضعتُ يومها من نهديها
حليبَ حبٍّ أنعشني نشأتُ عليه وكبرتُ .
خلدَ طعمه في شفتيَّ وتكثَّفَ أريجه في روحي .
هي ليست من هذا العالم هي نورٌ من عالم الأنوار
تتراءى بشراً لكنها ملاكٌ موشحٌ بعباءة اللحم .
عرفتها نوراً عشقتها روحاً أحببتها وعبدتها إلهةً .
كانت رمزَ كلِّ شيءٍ جميلٍ رائعٍ وعذب .
هي ثنائيةُ التكوينِ بشرٌ وروحٌ مادةٌ ونور .
بكينونتها البشرية كانتْ مغلفةً بغلالة
الطهرِ والعفةِ والقداسةِ . محصنةً محميَّةً
من كلِّ وخزٍ ونخز . بكينونتها الروحية
كانت انشطاراً من روحي . طيفان من نور منبثقان
من كينونةٍ واحدةٍ منذ بدءِ العصور .
هي حبي وعشقي وغرامي حملته عبر الزمان .
هي حبِّي الوحيد مهما تغيرتْ وتبدلتْ
كينوناتنا البشرية وارتدينا أرديةً لحميةً متنوعةً .
تبقى روحانا وكلَّما التقينا في محطاتِ الوجود
تتجاذبان تتناغمان وتتعارفان تتحابان وتتعانقان .
تتمنيان لو تعودان كينونةً
واحدة كما كانتا في البدء .
هي حقيقةُ البشر قبل أن تتجسدَ الأرواح بشراً .
لكلِّ شطرٍ شطره الاخر . وعبر الزمان
يلتقيانِ ويفترقان لمهماتٍ وأدوارٍ
تجهلها عقولنا البشرية
ولا تحسُّ بها حواسنا اللحمية .
نحسُّها وندركها ببصيرتنا الروحية التي
تجوزُ وتنفذُ عبر الجمادِ إلى اللاجماد
وعبر الأجساد إلى الأرواح ...
هناك تتكشفُ لنا حقائقٌ
ما لا يصدِّقها وعيُنا البشريُّ
ولا تدركها حواسنا الترابية
شاعر الألغاز والنرجس
حكمت نايف خولي