الشمس تشرق من جديد....
ابتسمت الشمس وضاعفت اشعاعها على الأرض.... سكنت كل الأمواج في البحر... هربت الغيوم من السماء.... رفع راسه الي الأفق وقد حفرت التجاعيد في وجهه الكثير... ارتعشت يداه واختفت ابتسامته التي كانت تعتلي وجهه... لقد علمه البحر بأن لا يكون سببا في جروح الآخرين.... اغمضت جفنيها وهي تنظر اليه وكأنها تبحث عن ذكرى دفنها في الرمل... لم يكن له رفيق سوى البحر ولا بيت سوى هذا الشاطئ.... أصلح من ثيابه وكأنه يستعد لسرد حكاية طويلة... لا يمكن أن يبوح بسر استامنه عليه البحر.... لا يمكن أن يتكلم قبل أن يحين وقت الكلام... كل ما ساقوله اني لا أذكر سوى أن البحر كان دوما حذوي.... انحنت أمامه برفق ونفضت ما علق به من رمال... ثم ابتسمت له وقالت : أيها الصياد العجوز اسمع ان البحر يناديني.... إنه يناديني وانا أصر ان آتي اليه.... قطب جبينه وكاد ان ياخذه الغضب لكنه تمالك نفسه ثم قال وقد اعجزه السؤال: اتريدين ركوب الموت... وانا لا أعلم متى تهاجمك العاصفة ابقى مكانك.... سأذهب لوحدي ثم تلالات دموعه في عينيه وامسك بذراعها لمنعها.... كانت واثقة ان العاصفة لا تخاف... لقد علمته التجربة ان البحر يكون جائعا ايام تكون امواجه عالية.... جلست على الشاطئ ترقب كل الزوارق التي تمر من بعيد تستمع الي موسيقى البحر.... موسيقى لطالما احبتها.... لطالما حلمت بها.... لطالما نبض لها قلبها الصغير.... لقد كانت تجلس على إحدى الصخور وتراقب الأمواج الي ما لا نهاية.... تستلذ برذاذ الماء الذي كان يبلغ قدميها الصغير تين.... تملأ صدرها برائحة الأعماق... رائحة البحر.... لم تكن قد تجاوزت الثلاثين من عمرها فهي في ابهي حللها وقد منحتها الشمس بشرة لونها ذهبيا.... كان ثغرها يبتسم و عيناها تائهتين في ا لا فق... مرات أعوام من عمرها وهي لا ترى أمامها غير يومها.... لم تعد مرة الي الماضي... ولم تستشرف يوما غدها.... ففي الصباح لم تكن ترى أمامها سوى غروب الشمس وفي المساء كانت تعلم فقط أن الشمس ستشرق من جديد.....
بقلم توفيق العرقوبي _تونس _
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق