إدريس جماع..
كان لقائي في أواخر التسعينات بأحد أقارب ادريس جماع
في مدينة الغردقه ١٩٩٧ اعجبت بهذا الانسان واليوم القي نظره علي حياته
الوجه الآخر
ولد ادريس محمد جماع بحلفاية الملوك، وكان والده المانجل محمد جماع هو شيخ العبدلاب حيث يوجد ككر القبيلة. ووالدة ادريس جماع هي بتول محمد الشيخ ادريس، ووالدتها اسمها بت بلال وهي من القطينة وقريبة السيد بابكر عوض الله ودكتور احمد قاسم. وإدريس جماع هو ابن خالة الشاعر محمد محمد علي ، وعمتة إدريس جماع هي عائشة بنت الشيخ جماع وهي شاعرة، ومن قصائدها المشهورة قصيدة (الجنزير في النجوم) التي كانت تغنيها الفنانة رابحة ، ثم غناها الفنان عبد الكريم الكابلي، وارتبطت باسمه. ولإدريس جماع من جهة أبيه إخوان يكبرونه سناً هم
الأمين وأحمد والشيخ وآمنة (وقد رحلوا جميعاً رحمهم الله) ووالدتهم هي الزوجة الأولى للشيخ محمد جماع الذي تزوج
في حياته ثلاث نساء. ولإدريس جماع شقيقتان هما آسيا وفاطمة، وله أخوان آخران من زوجة والده الثالثة الحاجة
زينب محمد الشيخ التي كانت لإدريس جماع أماً بعد وفاة والدته وإخوانه.. وإخوانه هم زين العابدين وثريا وأم سلمة
وعمر ودكتور عبد الحميد، والشاعر محمد محمد علي هو زوج شقيقتهم ثريا. بعد وفاة والدهم المانجل محمد جماع
في شهر مايو عام ١٩٥٦م اجمعت الأسرة والعشيرة والقبيلة على اختيار الأستاذ ادريس محمد جماع شيخا
للقبيلة ومنح لقب (مانجل) وأجلس على الككر في احتفال كبير، ولظروفه الصحية التي ألمت به آلت المشيخة إلى
أخيه الأكبر أحمد.
ولد إدريس محمد جماع عام ١٩٢٢م ودرس بخلوة محمد نور ابراهيم، ودرس بعد ذلك بمدرسة الحلفايا الأولية
وهي مدرسة عريقة أنشئت في عام ١٩٢٤م، وعمل فيها من النظار والمدرسين الأوائل عدد كبير منهم على سبيل المثال الشيخ الريح العيدروس، الذي كان ناظراً للمدرسة ثم تزوج في الحلفايا واستقر بها، ومن قدامى المعلمين الذين علموا بتلك المدرسة الشيخ الطيب الهندي والشيخ مصطفى الملثم والشيخ احمد عبد العال والشيخ أحمد حماد (اهله من شمبات)، وقد عمل بمدرسة الحلفايا الأولية الأستاذ حسن احمد وكان من أشهر الخطاطين بالعاصمة.
وأكمل ادريس جماع المدرسة الأولية وقبل بمدرسة ام درمان الأميرية الوسطى وترك الدراسة بعد شهرين، وآثر في عام ١٩٣٦م الالتحاق بمعهد التربية ببخت الرضا. وبعد تخرجه في عام ١٩٤١م عين معلماً بمدرسة تنقسي الأولية، وفي عام ١٩٤٢م نقل لمدرسة الخرطوم الأولية، وفي عام ١٩٤٤م نقل لمدرسة حلفاية الملوك الأولية.. وعرف عن جماع انه كان محبوباً عذب الحديث، وكان من مؤسسي نادي الحلفاية الرياضي الثقافي الاجتماعي وعهدت إليه رئاسة النادي، واستقال من وزارة المعارف وذهب لمصر في عام ١٩٤٧م والتحق بمعهد المعلمين في الزيتون، وفي العام التالي اجتاز المسابقة وقبل بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول.. وبعد حصوله على شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها حصل على دبلوم في التربية وعلم النفس، وعاد للسودان وعين معلماً بمعهد التربية بشندي ونقل بعد ذلك لمعهد بخت الرضا وعمل معلماً للغة العربية في كورس الستين لمعلمي المدارس الوسطى وفي عام ١٩٥٨م نقل لمدرسة الخرطوم الثانوية التي عملبها معلماً بقسم اللغة العربية. وبجانب شاعريته كان ادريس جماع رساماً بارعاً وفناناً تشكيلياً
ومن هواياته الرسم، وقد صمم غلاف ديوانه بنفسه، وأثناء عمله بمدرسة الخرطوم الثانوية كان في قمة تألقه. وقد أحب الجمال بصورة مطلقة ولم يعرف عنه تعلق بمحبوبة بعينها. وكان اجتماعياً ومحبوباً وسط أهله بدليل أنه كان أول رئيس لنادي الحلفايا وكان رئيس الجمعية الثقافية، وأجمع العبدلاب على أن يكون مانجل القبيلة وقد أجلس على الككر في احتفال بعد وفاة والده، وكان اجتماعياً عذب الحديث يخالط الناس في أفراحهم وأتراحهم.. ولكن فجأة وبدون مقدمات أخذت تنتابه بعض حالات الاكتئاب ولذلك نقل نائباً لناظر مدرسة بحري الوسطى تخفيفاً للأعباء عليه.
ظل بقية حياته حتى وفاته في عام ١٩٨٠م هادئ الطبع نظيف الثياب يعيش وسط إخوانه بحلفاية الملوك، وكان
متقد الذاكرة ولكن بين الفينة والأخرى كان يذهب للمستشفى وكان يهيم في وادي عبقر.رحم الله الشاعر /ادريس جماع واسكنه فسيح جناته مع النبين والصديقين والشهداء
ومن أشعاره غير المنشورة بديوانه (لحظات باقية) الأبيات الآتية:
لك عين كلما أخفيت سراً حدثتني
إن تريدي كتم سرٍ فأغمضي عينيك عني
* * * *
إنما عينيك بلور يشع الصفو فيه
فعادة البلور ان يسفر عما يحتويه
والقصيدة التي تعبر بصدق عما كان يحس به هي قصيدته (صوت من وراء القضبان) والتي قال فيها:
على الخطب المريع طويت صدري
وبحت فلم يفد صمتي وذكري
وفي لجج الأثير يذوب صوتي
كساكب قطرة في لج بحر
دجىً ليلي وأيامي فصول
يؤلف نظمها مأساة عمري
أشاهد مصرعي حيناً، وحيناً
تخايلني بها أشباح قبري
وفي الكون الفسيح رهين سجن
يلوح به الردى في كل شبر
وأحلام الخلاص تشع آناً
ويطويها الردى في كل ستر
حياة لا حياة بها ولكن
بقية جذوة وحطام عمر
خطوب لو جهرت بها لضاقت
بها صور البيان وضاق شعري
جهرت ببعضها فأضاف بثي
بها ألماً الى آلام غيري
كأني أسمع الأجيال بعدي
وفي حنق تردد هول أمري
* * * *
يقلبني الفراش على عذاب
يهز أساه كل ضمير حر
تطعالني العيون ولا تراني
فشخصي غيرته سنين أسر
يصم صليل هذا القيد سمعي
وفي الأغلال وجداني وفكري
وأين الأمن مني من حياتي
فقد فنيت وما خطبي بسر
وتسلبني الكرى الا لماماً
يدٌ من حيث لا أدري وأدري
* * * *
وفي جنبي إنسان وروح
وحب الناس في جنبيّ يسري
وقاك الله شراً يا بلادي
سرت نيرانه لحصاد عمري
ينازعني الحياة وفي ضلوعي
هوى ضجّت به خفقات صدري
وأيامي تساقط من حياتي
كأوراق ذوت والريح تذري
تطامن دوحها وهوى مكباً
وأجفل عنه تيار بنهر
وهدّم مؤنس الأعشاش فيه
فلم تهزج له أنغام طير
ولست ترى حواليه رواء
ولكن وحشة وذبول زهر
يغالب محنتي امل مشع
وتحيا في دمي عزمات حر
انشاء الله تعالي سوف القي الضوء علي مسيرة هذا العلم في كل يوم جمعه.
اسف للإطاله تحياتي عصام محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق