الجزء الثاني
أنهت تاليا قراءةَ الكتاب واتجهت نحو مكتبها لتسجل أهم المعلومات التي وصلت إليها كي تقارنها بتصرفات مايا .
كانت تغوص أكثر فأكثر في روحانيات مايا التي شوشت المكان بغموضها وتحولاتها وتقلباتهاثم أخذت نفساً عميقاً وقالت : عساني أقتل هذا الضياع اسأل الله أن يبعث في نفسها سلوكاً نموذجياً وتقتل فضولي وحيرةَ من حولي وأنقذها من عقدها وغرابتها قريباً ومن شر نفسها وصراعاتها
لنعود للوراء لحوالي سنتين خلت :
نتأسف كثيراً لبعض القلوب المتحجرة التي جعلت الجمال خراباً والنسيم إعصاراً وبركاناً
كان مؤلماً ومقززاً ما اقترفه أقرباؤها في حقها وفي حق والدتها دون شفقةٍ أو رحمةٍ
كيف لطيبة أن تصمد ولرحمة أن تثمر مع قلوب يملأها الحقد فبالرغم من كونها يتيمة فقد كانت منبع الحنان والطيبة ومضرب المثل في الأخلاق التي ورثتها عن أمها
لكن النفوس الحاقدة المتقلبة الأهواء والمتغيرة الأطوار
أقلقت راحتها وسعادتها بقسوتها وجبروتها ليستولي الخبثاء بخبثهم على كل جميل كما استبد بهم المكر ليطالبوها بالرحيل وهجر المكان
بكيدهم فهجرها الجميع و تخلوا عنها ليتملكها الخوف وتتجول ووتتسكع بالشوارع و الأرصفة ثم تتحول إلى حرباء بعدة ألوان
و بداخلها صراعٌ مخيفٌ بين وحش ينشأ مع حالتها النفسية المضطربة والتصرفات الشريرة بروحها الطيبة
وقد كانت مايا تبكي نفسها من تصرفاتها التي لم تعد تستطيع التحكم بها
وكم كانت تتمنى أن يكون ما تعيشه يومياً مجرد حلمٍ لا أكثر .
وها هي بعد أن أنهت عامها الأول في الجامعة والكل ينظر إليها نظرة خوف ولم يتجرأ أحد أن يكوّّن صداقات معها .
ابتسمت مايا وتقدمت لتسلم على خطيبها السابق عمر و جمع من الزملاء ثم عانقته ونظرت إليهم ببريق عينيها اللامعتين
الساحرتين لتسكب في أرواح الجميع الكثير من الرعب
والاستسلام لكل مطالبها
و في حضور تلك الحشود الحاقدة من الطلاب والطالبات بعد سيطرتها عليهم ليصبح الجميع مثل الخاتم في إصبعها في لحظات
لكنها كانت كالذئب المفترس تلمع عيناها في ذلك الليل وقالت :
وهي تحضن عُمراً أجملهم واذكاهم :
مؤمنة أنك الوحيد التي أعطيك روحي .
فتغيّرت ملامحه وعقد لسانه ولم ينبس بكلمة واحدة ....
مضت الأيام ...
ومع تصرفاتها المجنونة وردود أفعالها المخيفة وتأثيرها العحيب
وهي تنتقم بكل الطرق الخبيثة بحيل شيطانية
من كل ما تصل إليه روحها وتلمس به شرارات حاقدة
لتضع أحياناً الغراء في مقعد أحدهم أو تسرق أغراض إحداهن أو تنشر الشائعات وتمزق ماتجده أمامها من أوراق مهمة وغير مهمة ومشاحنات وإشاعات ومكائد وتبرمج من تشاء بما تشاء
كيفما تشاء ولكنها بعد تلك التصرفات اللاإرادية تحتقر نفسها وتحاول تعويض ما اقترفت من شرور بأعمال خيرة ولطف متأخر
وما إن تهدأ قليلاً حتى تتلوّن وتعود كشريرة مدمرة بتصرفات لا يتصورها العقل .
حتى جاء اليوم المشهود فقد عثر فيه منظفو الحي الجامعي على جثة لإحدى الزميلات مقتولة بطريقة بشعة وعلى صدرها وشم غريب وكانت مايا أول المتهمات فقد أصر الجميع أن الفاعل من المستحيل أن يكون غيرها
ومنذ ذلك اليوم ومايا تزداد حالتها تأزماً من الحقد الذي لمسته من الجميع وأصبحت تتلون بكل الألوان في رمشة عين انتقاماً لنفسها ، فقد كانت تحاول منذ وقت طويل أن تجعل سلوكها نموذجياً .
وقفت طويلاً أمام المرآة ومسحت عن وجهها دموعها التي لم تستطع إيقافها ثم قالت لن أخرج من هذه الجامعة قبل أن أنتقم لنفسي وبعد تأمل عميق في ملامحها الرقيقة البريئة حيناً و المخيفة أحياناً .
رن هاتفها فسارعت للرد فأجابها عمر : أرجوك يا مايا انتبهي لتصرفاتك فالكل يترصّدك فأغلقت مايا هاتفها ورمته بعيداً
وبدأت في تجهيز أسلحتها وخرجت من غرفتها في ظلام الليل
.
يتبع
#مونيا_بنيو_منيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق