الجمعة، 13 ديسمبر 2024

ظاهرةُ العُنفِ، إثارُها و طَرُقُ مُعالجتِهَا بقلم فؤاد زاديكى

ظاهرةُ العُنفِ، إثارُها و طَرُقُ مُعالجتِهَا

بقلم: فؤاد زاديكى

العُنْفُ هُوَ سُلُوكٌ قَاسٍ وَ عُدْوَانِيٌّ، بَعِيدٌ عَنِ الرَّأفَةِ و الرَّحْمَةِ، يَسْتَخْدِمُ فِيهِ الْفَرْدُ الْقُوَّةَ الْجَسَدِيَّةَ أَوِ اللَّفْظِيَّةَ لِإِلْحَاقِ الْأَذَى بِالْآخَرِينَ. 
يُمْكِنُ أَنْ يَتَجَلَّى الْعُنْفُ فِي عِدَّةِ صُوَرٍ، مِنْهَا الْعُنْفُ الْجَسَدِيُّ وَ اللَّفْظِيُّ وَ النَّفْسِيُّ، وَ يَشْمَلُ أَيْضًا الْعُنْفَ الْأُسَرِيَّ وَ الِاجْتِمَاعِيَّ. يُعْتَبَرُ الْعُنْفُ مُشْكِلَةً خَطِيرَةً تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَعَاتِ حَوْلَ الْعَالَمِ، وَ يُؤَدِّي إِلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْإِنْعِكَاسَاتِ السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْأَفْرَادِ وَ الْمُجْتَمَعَاتِ، خَاصّةً عندما يَتمّ ربْطُهُ بِالدِّينِ، كَفِكرٍ إيدُولُوجِي.

عَلَى الصَّعِيدِ الشَّخْصِيِّ، يُؤَدِّي الْعُنْفُ إِلَى أَضْرَارٍ جَسَدِيَّةٍ وَ نَفْسِيَّةٍ عَلَى الضَّحَايَا، حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُسَبِّبَ إِصَابَاتٍ جَسَدِيَّةً و عَاهَاتٍ دَائِمَةً، و رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى الْمَوْتَ فِي الْحَالَاتِ الْقُصْوَى. كَمَا يُؤَثِّرُ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ لِلضَّحَايَا، مِمَّا سَيُؤَدِّي في المُسْتَقْبَلِ إِلَى اضْطِرَابَاتٍ نَفْسِيَّةٍ مِثْلَ الِاكْتِئَابِ وَ الْقَلَقِ وَ اضْطِرَابِ مَا بَعْدَ الصَّدْمَةِ. هَذِهِ الْآثَارُ النَّفْسِيَّةُ و غَيرُهَا، يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَمِرَّ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، مِمَّا يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى حَيَاةِ الْفَرْدِ وَ عَلَاقَاتِهِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ.

أَمَّا عَلَى مُسْتَوَى الْمُجْتَمَعِ، فَإِنَّ انْتِشَارَ الْعُنْفِ يُؤَدِّي إِلَى زَعْزَعَةِ الْأَمْنِ وَ الِاسْتِقْرَارِ، حَيْثُ يَتَسَبَّبُ فِي خَلْقِ بِيئَةٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ عَدَمِ الثِّقَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ. كَمَا يُعَزِّزُ مِنْ تَفَكُّكِ الرَّوَابِطِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَ يُضْعِفُ مِنَ النَّسِيجِ الِاجْتِمَاعِيِّ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَدَهْوُرِ الْقِيَمِ وَ الْمَبَادِئِ الْإِنْسَانِيَّةِ. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يَزِيدُ الْعُنْفُ مِنَ الْأَعْبَاءِ الْاِقْتِصَادِيَّةِ عَلَى الْمُجْتَمَعِ، حَيْثُ يَتَطَلَّبُ تَوْفِيرَ خَدَمَاتٍ طِبِّيَّةٍ وَ نَفْسِيَّةٍ لِلضَّحَايَا، بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَكَالِيفِ الْقَضَاءِ وَ الشُّرْطَةِ.

لِمُعَالَجَةِ ظَاهِرَةِ الْعُنْفِ، يَجِبُ الْبَدْءُ بِالتَّوْعِيَةِ وَ التَّثْقِيفِ حَوْلَ أَخْطَارِهِ وَ عَوَاقِبِهِ السَّلْبِيَّةِ، خَاصَّةً بَيْنَ فِئَاتِ الشَّبَابِ وَ الْمُرَاهِقِينَ. كَمَا يَجِبُ تَعْزِيزُ قِيَمِ الْحِوَارِ وَ حَلِّ النِّزَاعَاتِ بِطُرُقٍ سِلْمِيَّةٍ، وَ تَشْجِيعُ التَّفَاهُمِ وَ التَّسَامُحِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ. كَذَلِكَ، يُعْتَبَرُ تَطْبِيقُ الْقَوَانِينِ بِحَزْمٍ ضَرُورِيًّا لِلرَّدْعِ وَ الْحَدِّ مِنَ الْعُنْفِ، مَعَ تَوْفِيرِ دَعْمٍ نَفْسِيٍّ وَ اجْتِمَاعِيٍّ لِلضَّحَايَا لِتَخْفِيفِ الْآثَارِ، الَّتِي يُخَلِّفُهَا الْعُنْفُ عَلَيْهِمْ. إِضَافَةً إِلَى ذَلِكَ، يُمْكِنُ تَشْجِيعُ النَّاشِطِينَ وَ الْمُنَظَّمَاتِ الْمَدَنِيَّةِ عَلَى تَنْظِيمِ حَمَلَاتٍ وَ مُبَادَرَاتٍ لِلْحَدِّ مِنْ الْعُنْفِ وَ بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ أَكْثَرَ أَمْنًا وَ تَضَامُنًا.

المانيا في ٢٨ آب ٢٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...