نص من مجموعتي "نثريات وخواطر"
أنثى بلا أكفان
الصادرة عن دار الوطن للطباعة والنشر
والموقعة في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
مُتَمَلْمِلَةٌ...
تَسِيرُ بِخُطَى مُتَثَاقِلَةٍ
تَدْنُو مِنَ ٱلذِّرْوَةِ...
تَرْسُمُ قَوْسَ قَرَحٍ
يُوحِي بِنِهَايَةٍ
مَشْؤُومَةٍ لَا مَحَالَةَ
مَعَالِمٌ تْرَاجِيدِيَّةٌ،
لَحْظَةُ يَأْسٍ عَارِمَةٍ
ٱلثَّانِيَةُ تَتَمَطَّطُ كَأَنَّهَا سَنَةٌ
تَكْتَكَاتٌ مُسْتَفِزَةٌ… وَقِحةٌ
تُعَانِدُ نَبْضَهَا ٱلْمُرْتَبِكَ
تُسَابِقُ دَقَاتِ قَلْبِهَا ٱلْمَكْلُومِ
مَغَصٌ يَجُولُ بَيْنَ ٱلْحَشَايَا
كَأُفْعُوَانٍ يَفُحُّ… يَتَلَوَى
صَمْتٌ شَرِهٌ يَلْتَهِمُ ٱلْكَلَامَ
يَتَسَكَعُ بَيْنَ ٱلزَّوَايَا
يَرْكُلُ الْبَلَاطَ… يَصْفَعُ ٱلْأَرْكَانَ
ثُمَّ يَرْقُدُ مُسْتَسْلِمًا مُنْهَكًا
وَقْدْ أَثْخَنَهُ ٱلْكَبْتُ وَٱلْكِتْمَان
يَنْبَطِحُ على وَجْهِهِ نَادِبًا
فِي كُنْهِهِ تَمُوجُ ٱلْأَحْزَان
تَرْقُبُ بِقَلَقٍ مِيعَادَ ٱلثَّوَرَان
تَتَأَهَبُ بِاسْتِنْفَارٍ
لِلَحْظَةِ الانْصِهار وَ ٱلْغَلَيَان
سَتَزْفِرُ ٱلْفَوْهَةُ لَا مَحَالَةَ
سَيَنْفَجِرُ ٱلْغَضَبُ كَشَظَايَا
سَيَتَدَفَقُ ٱلسُّخْطُ بَلَايَا
كَوَابِلٍ مِنَ ٱلْحِمَمِ
كَأَنَّهُ بُرُكَانٌ…
سَتُلَطَّخُ بِٱلدِّمَاءِ كُلُّ ٱلْمَرَايَا
ٱلْمُعْتَمِرُ سَيَرْتَدِي ٱلْأَلْوَانَ
سَيَنْتَعِلُ كَعْبَ الهمَّةِ
كُلُّ مُسْتَبِدٍ مُدَان
ظَنَّ نَفْسَهُ مَلِكًا بِصَوْلَجَان
وَأَنَّهُ مَالِكُ ٱلأَرْضِ
بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ ٱلْجِنَان
وَيَنْسَى أَنَّهُ رِمَّةٌ
وَوَلِيمَةٌ لِلدِّيدَان
ذَبْذَبَاتُ أَنِينٍ تُزَلْزِلُ ٱلْكَيَان
تَخْدِشُ ٱلرُّوحَ بِامْتِهَان
حُزْنٌ لَا يَسْتَشْعِرُهُ أَيٌّ كَان
قُلُوبٌ كَأَنَّهَا مِنْ صُنْعِ طَيَّان
هَمْسٌ خَفِيٌّ لَا صَدَى لَهُ
لَكِنَّهُ يُطَنْطِنُ ٱلْآذَان
تَصْطَكُ لَهُ ٱلْأَسْنَان
رَغْمَ ٱلنِّفَاقِ...رَغْمَ ٱلتَّزْوِيقِ..
رغم الأصْبَاغِ… رَغْمَ ٱلْمَسَاحيقِ…
شَاحِبَةٌ هِيَ أُدَمَةُ ٱلْأَعْيَان
مَتَى ٱلسَّلَامُ؟
نَسِيمٌ خَجُولٌ…
تُكَبِّلُهُ سِتَارَةٌ مَارِقَةٌ
بِفُضُولٍ يَسْتَرِقُ ٱلنَّظَرَ
بِهِ شَوْقٌ وَعَيْنَاهُ مَوْقِدُ ٱلشَّرَرِ
بِلَهْفَةٍ يَنْتَظِرُ..بشَوْقٍ وَبِأَمَلٍ
لِيَعْبُرَ سَبِيلَهُ إِلَيْهَا
لِيُدَاعِبَ خَصَلَاتِهَا ٱلْمُشَاكِسَةَ
لِيَفُكَّ ضَفَائِرَهَا ٱلْمُتَشَابِكَةَ
لِيُجَفِّفَ ٱلْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهَا
لِيَرْوِيَ أَنْفَاسَهَا ٱلْجَافَّةَ
ٱلْمُحْتَرِقَةَ شَجَنًا…
تِلْكُ ٱلْحَسْنَاءُ…
ٱلْقَابِعَةُ بَيْنَ ٱلْكَرَاكِيبِ
كُلُّهَا ضَجَرٌ وَاسْتِيَاءٌ
مُنْزَوِيَةٌ... وَحِيدَةٌ...شَارِدَةٌ...حَائِرَةٌ...مُنْهَكَةٌ...
تَعْبَثُ بِخَاتَمِهَا ٱلْمَعْدِنِيِّ
تُحَاوِلُ ٱلتَّنْفِيسَ عَنْ بِنْصِرِهَا
كُلُّهَا اسْتِعْطَافٌ وَرَجَاءٌ وَامْتِنَان
تُدَنْدِنُ…
تُأَرْجِحُ أَحْلَامَهَا
عَلَى كُرْسِيٍّ خَشَبِيٍّ هَرِمٍ
تَتَوَسَّلُ إِلَيْهَا أَنْ تَهْدَأَ وَتَنَامَ
أَحْلَامُهَا ٱلسَّاخِطَةُ مِنْ ظُلْمِ ٱلْفِطَامِ
ٱلْمَفْطُومَةُ بِلَا رَحْمَةٍ مِنْ ٱلرَّشْفَةِ ٱلْأُولَى
ٱلْمَنْخُوعَةُ بِلَا شَفَقَةٍ مِنْ ٱلشَّهْقَةِ الْأُولَى
قَمَّطُوهَا بِأَحْبَالِ ٱلْعَجْزِ وَٱلْفِكْرِ ٱلسَّلْبِيِّ
قَذَفُوا بِهَا فِي غَيَاهِبِ ٱلتَّمَنِّي
قَدَّمُوهَا قُرْبَانًا لِذِئَابِ ٱلْبَشَرِيَّةِ ٱلَّتِي تَعْوِي
تُقَلِّبُهَا ٱلْمَوَاجِعُ .. تَعْبَثُ بِهَا رِيَاحُ ٱلْتَبَنِّي
تَصْفَعُهَا ٱلْأَلْسِنَةُ قَبْلَ ٱلْأَيَادِي
تَتَدَحْرَجُ مُعَرَاةً مِنْ عَلٍ
تُوخِزُهَا أَشْوَاكُ ٱلْخِذْلَان
تَتَجَرَّعُ أَقْدَاحَ ٱلْحِرْمَان
هِيَ لَمْ تَذُقْ قَطُّ طَعْمَ ٱلْحَنَان
فَمَتَى السَّلَامُ؟
كَانَ حُلُمُهَا مُجَرَّدَ فُسْتَان
وَرْدِيٍّ مُنَقَطٍ بِحَبَّاتِ ٱلرُّمَان
دُمْيَةً لَهَا شَعْرٌ أَشْقَرَ
وعَيْنَانِ خَضْرَاوَانِ
تُؤْنِسُهَا فِي وَحْشَةِ ٱلْلَيَالِي
كَانَ حُلُمُهَا رِيشَةً وَأَلْوَانًا…
حُضْنًا دَافِئًا وَغَمْرَةَ فَنَّان
كَانَ حُلُمُهَا أَوْرَاقًا وأَقْلَامًا
كَيْ تَسْكُبَ عَبَرَاتِهَا
عَلَى سُـطُورِهَا ٱلْحَمِيمَةِ
دُونَ أَنْ تُنْتَقَدَ أوْ تُلامَ
كَانَ حُلْمُهَا نَافِذَةً
بِسَتَارَةٍ بَيْضَاءَ شَفَّافَةٍ
تُطِلُّ مِنْهَا عَلَى بُسْتَان
تُصَادقُ فِيهِ شُحْرُورَةً
تَزُورُهَا كُلَّ صَبَاحٍ
تُرَدِّدُ مَعَهَا أَعْذَبَ ٱلْأَلْحَانِ
فَرَاشَةً تَبُثُهَا هَوَاجِسَهَا
لِتُوَفِقَ بَيْنَ ٱلْنُورِ وَٱلنَّارِ
وَشُعُورِ الاطْمِئان
تُنَبِّهُهَا أَنَّ بَعض ٱلأَحْلَامِ
سَرَابٌ وَدُخَانٌ
هِي أُنْثَى …
لَهَا قلبٌ ووريدٌ وشِريان
حُكِمَ عَلَيْهَا بِٱلتيهِ وَٱلدَّوَرَانِ
حَوْلَ مُكَعَّبٍ أَجْوَفَ فَارِهِ ٱلْبَيَان
مَعْدُومةٌ فِيهِ ٱلْرَحْمةُ ..
مغتالٌ فيه ٱلْأَمَان
فَكَانَ حُكْمًا أَبْلَغَ مِنْ ٱلْإِعْدَام
متى السلام؟
كَبَهِيمَةٍ كَانَتْ بِلَا رَأْيٍ بِلَا لِسَان
تَدُورُ وَتَدُورُ حَوْلَ رَحَى حَجَرِيَّةٍ
إِذَا تَوَقَّفَتْ لِتَسْتَرِيحَ تُذَلُّ وَتُهَان
كَآلَةٍ تكدُ لتشيخَ قبلَ الأوان
فِي يَوْمٍ دَاهَمتْهَا سيولُ ٱلأحزان
حَاصَرَتْهَا ٱلْخَيْبَاتُ من كل مكان
عَصَرَتْ فِكْرَهَا ٱلْمُكْتَظَّ حَدَ ٱلْهَذَيَان
في يوْمٍ..
تَدَاخَلَ فيهِ ٱلْحَاضِرُ بِٱلْمَاضِي
اتَّفَقَا عَلَى وَأْدِ رِضيعِ ٱلأزمَان
نَطَقَتْ الْأَشْجَانُ:
الْآنَ...!!!!!
عَقَارِبُ ٱلْوَقْتِ دَنَتْ...
وَدَنَتْ لَحْظَةُ ٱلْحِرْمَان
إكَتَمَلَ ٱلْقَوْسُ ٱلْلَعِينُ
لَدَغَتْ نَفْسَهَا بِنَفْسِهَا
أَخْرَسَتْ دَقَاتِهَا مُعْلَنَةً
عَنْ نِهَايَةٍ بِطَعْمِ ٱلِاسْتِسْلَام
كَتَبَتْ بِدِمَائِهَا عَلَى ٱلْجُدْرَانِ
سَئِمْتُ مِنَ ٱلإمْتِثَالِ بِٱلذُّلِّ وَٱلْهَوَان
أُغَادِرُكُمْ بلَا أَكْفَانٍ...
فَلَا قَرَّتْ عَيْنُ كُلِّ مُعْتَدٍ جَبَانٍ
بقلمي فدوى گدور المملكة المغربية
اللوحة المرافقة من أعمالي